في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وارتفاع معدلات الاعتمادية على وسائل الاتصال الحديثة في العديد من مهام الحياة والأعمال المختلفة، تتجه أنظار الباحثين في العديد من الدول نحو دراسة وفهم الآثار المترتبة من هذا التغيير الجذري في أنماط استهلاك واستخدام تكنولوجيا التواصل وتحديدا الهواتف الذكية ومدى تأثيرها على الحالة النفسية للأفراد. في دراسة نوعية قام بإجرائها فريق دولي متضمنا باحثين متعددي الاختصاص من عدة دول من منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية، حيث شارك بالفريق اعضاء من قبل جمعية أصدقاء الصحة والجمعية البحرينية للمسؤولية الاجتماعية، ما أثمر عن إنجاز هذا البحث ونشره في مجلة علمية دولية محكمة (المجلة الطبية العمانية). خلاصة البحث يمكن إيجازها في التالي، حيث تشير الأبحاث العملية الحديثة إلى أن زيادة الاعتماد على الهواتف الذكية قد يؤدي إلى ظهور المشكلات النفسية، والتي توجد بشكل خاص بين الشباب. لذا هدفت دراسة الباحثين إلى تحديد معدلات الألكسيثيميا (عمى الالوان العاطفي) وعلاقتها بإدمان الهواتف الذكية والكرب النفسي لدى طلبة الجامعة. استندت الدراسة على المنهج الكمي، حيث تم تضمين إجمالي 2616 طالبًا (متوسط العمر 22.59 ± 3.54 سنة، 73% إناث) من جامعات في مصر وسلطنة عمان وباكستان في دراسة مقطعية ومقارنة أجريت من خلال مسح عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد-19. تم استخدام المقاييس التالية: مقياس تورونتو أليكسيثيميا (TAS-20) ، ومقياس الضغط النفسي والقلق والاكتئاب (DASS-21)، ومقياس إدمان الهواتف الذكية – الإصدار القصير. (SAS-SV) وشمل الاستطلاع أيضًا أسئلة تتعلق بأنماط استخدام الهواتف الذكية والحالة الاجتماعية والديموغرافية. تم استخدام تحليل الانحدار وتوزيع مربع كاي في التحليل الإحصائي وباستخدام برامج احصائية متطورة لمعالجة البيانات والتعلم الآلي منها بايثون Python . وقد اظهرت نتائج الدراسة بدلالة احصائية بأنه يرتبط الطلاب الذين سجلوا أعلى من نقطة الحد في مقياس الألكسيثيميا بشكل كبير بإدمان الهواتف الذكية والكرب النفسي. وبالمثل يرتبط إدمان الهواتف الذكية بشكل كبير بالكرب النفسي. ومع ذلك، توجد اختلافات كبيرة وبدلالة احصائية بين طلاب البلدان الثلاثة بما يخص معدلات انتشار الالكسيثيميا وإدمان الهواتف والكرب النفسي. حيث كانت أعلى شدة لإدمان الهواتف الذكية بين الطلاب في سلطنة عمان، في حين كانت أعلى شدة للألكسيثيميا والكرب النفسي بين الطلاب في مصر. كان لدى النساء قيم متوسطة أعلى على مقياسي الألكسيثيميا وإدمان الهواتف مقارنة بالرجال. وكما أن الطلاب الذين يعتمدون بشكل متكرر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة لإدمان الهواتف الذكية. ومن أهم الاستنتاجات لهذه الدراسة أنه تعتبر العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية (مثل مستويات المعيشة، وإمكانية الوصول إلى التكنولوجيا، وأنماط التفاعل الاجتماعي) حاسمة عند إنشاء استراتيجية لتحسين الرفاهية النفسية للأجيال الشابة عبر المناطق والبلدان. ومن ثم، لا يوجد نهج أو مقاس واحد يناسب الجميع في مجال الصحة النفسية حيث ينبغي المعالجة من خلال التقييم المنهجي والتدخلات المخصصة. كما تؤكد هذه الدراسة ما توصلت إليه دراسات حديثة تشير إلى ارتفاع العرضة للاضطرابات النفسية لدى طلبة الجامعات أثناء الأزمات الوبائية. وتسعى الجمعية البحرينية للمسؤولية الاجتماعية وجمعية أصدقاء الصحة من خلال التعاون المشترك وتبني مفهوم البحث العلمي نحو المساهمة والمشاركة في الإنتاج البحثي الداعم للتنمية المستدامة وبما يصب في صالح رفد الاقتصاد المعرفي وإيجاد طرق مبتكرة لتدعيم الرفاهية النفسية لفئة الشباب الثروة الحقيقية للأوطان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك