اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الآلة الحية
بالفعل، نحن نعيش اليوم في زمن العجائب والغموض والغرابة، زمن مخيف باتت كل الأمور فيه معكوسة، حتى أن العقل يختل أثناء الحديث عن الوقائع والحوادث وسيطرة التكنولوجيا المعاصرة على الإنسان والإنسانية.
يدهشني في عوالم التكنولوجيا تلك القدرات العبقرية التي تفاجئنا بشكل شبه يومي وأقربها تحول هذا الخيال العلمي الذي كنا نشاهده وننبهر به في الأفلام والمسلسلات إلى واقع بعد أن تم مؤخرا ابتكار أول كمبيوتر حي مصنوع من أنسجة المخ البشرية، وهو ما كشفت عنه صحيفة ديلي ميل البريطانية مؤخرا.
هذا الكمبيوتر الحي يتألف من 16 جزءا عضويا أو كتل من خلايا الدماغ التي تمت زراعتها في المختبر، وتعمل بشكل يشبه إلى حد كبير شريحة الكمبيوتر التقليدية، حيث ترسل وتستقبل الإشارات من خلال خلاياها العصبية التي تعمل مثل الدوائر.
ما يميز تلك الآلة الحية هو أنها تستخدم طاقة أقل بمليون مرة من المعالجات الرقمية الحالية المستخدمة حاليا، كما وجد العلماء أنها تعمل بنفس السرعة وبذاكرة أكبر بمقدار ألف مرة، حيث يتم تصنيعها بأخذ الخلايا الجذعية وزرعها لتشكيل ما يسمى العضوائيات مدة شهر تقريبا حتى تشكل ميزات مثل الخلايا العصبية، علما بأن صناعة تلك الآلة تتطلب استخدام ما يقدر بعشرة آلاف خلية عصبية حية.
نحن نعيش اليوم في زمن عجيب يتسارع فيه التقدم التقني في كل مجال، زمن الصراع بين الإنسان والآلة التي اخترعها وطورها حتى صارت جزءا من حياته لا يمكنه الاستغناء عنها بل أصبح أسيرا لها تتحكم فيه كيفما تشاء، زمن يشهد عملية تغير عميقة ومتصلة بلا حدود أو سقف.
هناك رأي يؤكد أنه مهما تطورت الآلة لا يمكنها أن تحل محل العقل الذي اخترعها، وعلى أن ما نراه من عبقريات التكنولوجيا هو نتاج الإنسان الذي يستطيع تدمير كل ما اخترعه، وهذا هو الجدل الدائر على الساحة اليوم وبقوة.
لا شك أن العقل البشري أجاد صياغة تفاصيل التكنولوجيا بما يرقى بحاضر البشرية ومستقبلها، وهي أعظم مظاهر الخلود التي طالما حلم بها الإنسان عبر التاريخ، وأن كل تقنية جديدة تمثل ثورة في التجربة الإنسانية، وفي الطريقة التي نعيش بها، وأن لكل زمان سلبياته وإيجابياته، ولكن من المؤكد أن هذا الزمان من أقسى وأعجب الأزمنة التي عاشتها البشرية.
ويبقى التطور البشري مرهونا ومتواصلا باستمرار الإنسان في انتاج الخيال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك