مرافق متهالكة.. وسلوكيات لا أخلاقية بسبب غياب الإنارة
بعد 13 عاما.. لم يبق من مشروع تطوير ساحل دمستان سوى «حجر الأساس»!
تصوير - عبدالأمير السلاطنة
وفقا للتقارير الرسمية، تشكل البيئة البحريّة بالمملكة 90.5% من إجمالي مساحة الأرض، ويقيم أكثر من 90% من سكان البحرين حول السواحل التي يزيد طولها على 510 كم.
بالمقابل، تشير دراسات ميدانية إلى أن نسبة الشواطئ العامة في البحرين لا تتجاوز 14% فقط من إجمالي مساحة السواحل في المملكة، وهذه الشواطئ تعتبر هي المتنفس الوحيد لأغلب السكان في المدن والقرى. والسؤال هنا: الى أي مدى تعتبر هذه الشواطئ العامة مهيئة ومزودة بكافة الخدمات والمرافق والفرص الاستثمارية التي تتناسب وتوجهات المملكة لتعزيز السياحة الداخلية والخارجية.
لا ننكر تلك الجهود الجبارة التي تبذلها الجهات الرسمية لتطوير سواحل وشواطئ وفق أرقى المعايير والمواصفات السياحية العالمية. ولكننا نتساءل عن شواطئ أخرى من الممكن ان تمثل فرصا استثمارية وسياحية خصبة لو استثمرت بالشكل الصحيح.
«أخبار الخليج» تجولت في ثلاثة شواطئ مختلفة في البحرين وقابلت عددا من المرتادين ورصدت الوضع فيها خاصة خلال إجازة نهاية الأسبوع.
ساحل دمستان
البداية في ساحل دمستان، وفي الواقع الوصول اليه أشبه بالمهمة الصعبة نظرا لأضرار قيادة السيارة فترة طويلة على طرقات غير مرصوفة وتجاوز الحفر والمرتفعات الكفيلة بإتلاف المركبة.
أما الساحل نفسه، فللأسف، وعلى الرغم من الاعداد الكبيرة التي ترتاده، فهو أشبه بمجمع للنفايات، والكراسي او الألعاب المتهالكة. عدا الافتقار إلى أبسط المرافق. وحتى ما هو موجود، يؤكد الأهالي انه تم بسواعدهم بما في ذلك مدخل (الطراريد) وشبكة مياه الري.
وفي الواقع، حكاية هذا الساحل غريبة، ففي فبراير 2001، وضع وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني آنذاك حجر أساس مشروع تطوير «ساحل دمستان النموذجي». وأكد الوزير أن المخططات تتضمن العديد من الخدمات والمرافق والمساحات والأنشطة.
وكانت هذه هي الزيارة الرسمية الأخير للساحل، حيث بقي الساحل كما هو. واضطر المجلس البلدي الى ان ينعى المشروع برمته.
ولكن عاد الامل عندما خرج وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني في مايو 2019 بتصريح أكد فيه أن الوزارة في طور تطوير ساحل قرية دمستان، ولكن لم يختلف الوضع عن السابق.
وفي فبراير 2024 أفاد وكيل وزارة شؤون البلديات بانه تعذر توافر ارض مخصصة لساحل دمستان ضمن عقارات شؤون البلديات!
حول هذا الوضع، حدثنا رئيس اللجنة الأهلية لقرية دمستان عبدالحسين ضيف مشيرا إلى أنه كان قد صدر قرار بتخصيص الموقع لساحل عام. ووضع وزير البلديات حجر الأساس مؤكدا صدور قرار بتطوير الساحل. كما عرض الوزير مجسما لتصميم الساحل خلال مهرجان كبير نظم بهذه المناسبة، وخاصة ان الساحل ليس مخصصا لأهالي المنطقة او البحرينيين فقط وانما ترتاده جاليات متعددة.
ويضيف ضيف: بعد وضع حجر الأساس توقف كل شيء، ثم صرنا نحاول التواصل مع الجهات الرسمية المعنية بمن في ذلك الوزراء المعنيون، ومازلنا حتى اليوم نحاول.
ويتابع: إذا كان الاستملاك غير ممكن، فإن التخصيص للمنفعة العامة يمثل أحد الحلول وفقا للقانون، حيث يتم استقطاع نسب من الأملاك للمنفعة العامة بناء على المرسوم الملكي المتعلق بتعمير السواحل في البحرين والذي طبق على العديد من السواحل. كما تم في كثير من الحالات تعويض أصحاب الأملاك بأراض أخرى أفضل بكثير. وطالما ان الموقع لم يخصص بشكل رسمي فإنه لا يمكن توفير المرافق والخدمات، وسيبقى الساحل يعاني الكثير من النواقص. ونحن على يقين بأن الكثير من الشركات التي تهتم بالشراكة المجتمعية مستعدة للاستثمار في مثل هذا الساحل، ولكننا نحتاج الى الوضع الرسمي.
ساحل كرباباد
أو كما يحلو للبعض ان يطلق عليه ساحل (الحب والرومانسية)، وهو لا يختلف كثيرا عن وضع دمستان، فوفقا للتصريحات الرسمية مازال خارج خطة التطوير. ويبقى هذا الساحل بشكل خاص وجهة عدد كبير من المواطنين والمقيمين، وأحيانا لا يكون فيه موطأ قدم من كثرة الاقبال عليه. ولكنه هو الآخر يفتقد الى الكثير من اللمسات التي تحوله إلى موقع سياحي جميل. أما في المساء فيتحول الساحل إلى مكان موحش مظلم، وبالكاد يمكن للسيارات أن تجتاز المخلفات والصخور والحفر لتصل إلى الساحل القاحل الذي يفتقد الى أبسط الخدمات والمرافق.
في حديثنا معه، أكد أحد مرتادي الساحل أنه مع كون اغلب السواحل خاصة، فإن ساحل كرباباد يعتبر ملاذا للكثير من المواطنين والمقيمين، وعدا عن الأكشاك والمطاعم والألعاب التي تعتبر مشاريع خاصة، فإن الموقع يفتقد الكثير من الخدمات بما في ذلك دورات المياه والمساحات النظيفة والكراسي والمظلات وغيرها. مضيفا أنه لا يمكن للجميع تحمل كلفة السواحل الخاصة، وبنفس الوقت من حق المواطن أن يحظى بشواطئ قريبة ومجهزة. مضيفا أنه غير مقتنع بكون الأراضي أملاكا خاصة، لأن المنفعة العامة هي الأساس.
ساحل المالكية
الوصول الى ساحل المالكية -الذي يعتبر من أكبر السواحل الداخلية بالمملكة- كان هو الآخر مهمة صعبة نظرا لوعورة الطريق غير المرصوف والممتلئ بالعثرات والحفر. وأول ما يطالع الزائر عند الوصول هو ذلك السور الترابي الذي أقامه الأهالي بالتعاون مع بعض المتبرعين لمنع السيارات من دخول الساحل نظرا الى عدم وجود أي تخطيط منظم.
ورغم وجود الألعاب والمشاريع الخاصة، لفت نظرنا تلك المقاعد المتهالكة، وبقايا (العريش) هنا وهناك. فيما امتلأ الساحل بالكامل بالمرتادين من مختلف الجنسيات بمن فيهم جنسيات أوروبية. والحق يقال، ان المكان لا يفتقد النظافة. وبسؤال الأهالي أكدوا ان وزارة البلدية لا تقصر في هذا الجانب وتقوم بدورها مشكورة في تنظيف الحاويات والموقع بشكل عام، الى جانب حملات التنظيف التي يقوم بها الأهالي للساحل، لكن تبقى هناك مشكلة وعي بعض الزوار للحفاظ على النظافة.
على الساحل التقينا عددا من الناشطين الاجتماعيين، في مقدمتهم جمعة جعفر والسيد أحمد العلوي، اللذين لخصا الإشكاليات في الساحل بعدد من النقاط أبرزها:
- المشكلة تبدأ من الطريق والمدخل المؤدي الى الساحل الذي يمثل بحد ذاته إشكالية كبيرة، فهو غير مرصوف وغير مهيأ لاستقبال هذه الاعداد الكبيرة من مرتادي الساحل.
- مواقف السيارات خاصة في جهة الشمال، غير مهيأة أو منظمة. وقد عمد الأهالي بمساعدة بعض المتبرعين إلى وضع سور ترابي للتنظيم ولتوفير الحماية والوقاية من الحوادث. ولو توافرت أشجار مكان هذا التراب لتوافر تنظيم أفضل ومنظر أجمل.
- عدم وجود الانارة خاصة في الجانب الشمالي، ففي المساء يكون المكان معتما. وهذا ما جعل المكان يعاني كثيرا من المشاكل والسلوكيات اللاأخلاقية التي نضبطها ولا نستطيع ان نفعل شيئا إزاءها. والوضع الحالي يخلق الكثير من القلق لدى الأهالي. وبنفس الوقت هناك حاجة الى وجود افراد من شرطة المجتمع والأمن.
- الساحل ومع تغيرات الجو صار يتآكل وتتقلص اليابسة مع تقدم المياه، فمثلا المظلات التي كانت تبعد 30 مترا عن الساحل باتت لا تبعد أكثر من أمتار معدودة عن المياه، كما أن الكثير من الكراسي غاصت في الرمال وتتكسر.
- توفير الكراسي والعرشان والمظضلات والحاويات. فهي قديمة ومتهالكة تماما. ويشمل الأمر أيضا زيادة دورات المياه، فالعدد الحالي لا يتناسب وحجم الاقبال الكبير على الساحل.
- توفير المرافق المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة.
- زيادة المسطحات الخضراء التي تناسب كونه ساحلا يستقطب جميع الجنسيات بمن فيها الخليجية والأجنبية. وحتى الأشجار الموجودة تعاني من (السوس).
- ادخال الاستثمارات التي تعود بالنفع على جميع الأطراف وتسهم في توفير احتياجات الساحل. فهناك العديد من الفرص الاستثمارية التي يمكن استغلالها. فمثلا كثير من السواحل التي نراها لا تحتوي حتى على مسرح وقاعات مناسبات يتم تأجيرها. كما يفترض تطوير الملاعب الموجودة بشكل يجعلها تمثل مصدر دخل للساحل خاصة مع وجود ملعبين، حيث يمكن تأجيرها طوال العام. وللأسف الملعب الشمالي بشكل خاص مهمل بشكل كبير.
- تطوير ممشى مناسب، فهناك اعداد كبيرة يمارسون رياضة المشي على ارض غير مهيأة ولا مناسبة.
- بشكل عام، الساحل بحاجة الى بصمات جميع الوزارات المعنية ليخرج بصورة مشرقة تناسب التطلعات السياحية للمملكة.
ويؤكد أهالي المنطقة انهم رفعوا الكثير من الالتماسات للوزارة وللمجلس البلدي والنواب بهدف تطوير الساحل ولكن ذلك لم يحرك ساكنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك