تواجه المسابقات الرياضية في البحرين تحديات كبيرة فيما يتعلق بالحضور الجماهيري، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف مستوى كرة القدم المحلية مقارنةً بالدول المجاورة، بالإضافة إلى قلة المنشآت الرياضية. ومع ذلك، يرى العديد من المتابعين أن الحضور الجماهيري له تأثير إيجابي كبير على مستوى اللاعبين والمنافسة الرياضية بشكل عام.
تتعدد الآراء حول كيفية زيادة الحضور الجماهيري، حيث يُجمع الكثيرون على ضرورة تحسين البنية التحتية وتوفير بيئة مشجعة، من خلال تسويق أفضل للمباريات وتوفير الأنشطة الترفيهية التي تواكب الحدث، فضلاً عن تحسين وسائل النقل لتسهيل الوصول إلى الملاعب.
حضور ضعيف في بعض الرياضات
قال علي الحايكي، المتابع للمسابقات الرياضية المحلية: «إن ضعف الحضور الجماهيري هو نتيجة لقلة جودة الكرة البحرينية مقارنةً بدول الجوار، كالسعودية وقطر، بالإضافة إلى ضعف المنشآت الرياضية، كالملاعب التي لا ترقى إلى مستوى طموح المشجع البحريني».
وذكر الحايكي أن حضور الجماهير ينعكس إيجاباً على مستوى اللاعبين، العكس تماماً عشناه في زمن كورونا، حيث مُنعت الجماهير من الحضور وأثّر غيابهم سلباً على اللاعبين.
وللطالب عمار العصفور، طالب قسم الرياضة في جامعة البحرين، وجهة نظر مختلفة، ويرى أن الحضور الجماهيري يحظى بازدياد في الفترة الأخيرة، وخصوصا أن البحرين أصبحت تستضيف بطولات عالمية وقارية، مما يدل على توجه عام للجمهور بالحضور في التجمعات الرياضية.. بينما ضعف الحضور محصور في بعض الرياضات نتيجةً لقلة شعبيتها في البحرين.
ويلفت حسين عياد، المنظم في المسابقات الرياضية، إلى زاوية أخرى فيقول: «إن حضور الجماهير للمسابقات يسهم في دعم القطاع الرياضي بشكل كبير في جميع مجالاته. وبحضور الجماهير يتحفز اللاعبون بشكل أكبر، مما يحسن مستواهم ويرقى بمستوى الرياضة في البحرين».
وقدم أحمد الشيخ مشجع نادي الأهلي البحريني مقترحات لزيادة الحضور الجماهيري، أولها توفير مرافق حديثة ومريحة للجمهور، مع تقديم أنشطة ترفيهية تواكب الحدث، مثل العروض الفنية والمسابقات، بالإضافة إلى التفاعل المجتمعي من خلال زيادة إشراك المدارس والجامعات في دعم الفعاليات الرياضية.
وتحدث الإعلامي الرياضي سيد عبدالله سيد عصام عن فوائد الحضور الجماهيري إعلامياً من ناحية الترويج للثقافة الرياضية وزيادة شعبية الرياضة البحرينية في المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز الروابط الاجتماعية ونقل صورة إيجابية عن منافسة الفرق واللاعبين لتقوية الرياضة البحرينية.
تسويق ضعيف
وللرياضيين رأي حرصنا على استيضاحه، فقال لاعب نادي الشباب لكرة القدم سيد مجتبى الكامل: «إن الحضور الجماهيري يسهم في رفع معنويات الفريق، ويساعد على خلق أجواء من التفاعل بين الجمهور واللاعبين، مما يعطي دافعاً أكبر للاعب لإبراز كل ما لديه، وهذا ما يعزز قيمة المنافسة في المسابقات الرياضية».
وأشار حارس مرمى نادي الاتفاق، حسن العجيمي، إلى أن تدني المستوى الفني للأندية المشاركة، وعدم وجود المتعة والحماس في المباريات المحلية، وغياب الحوافز التي تجذب الجماهير، هي السبب الرئيسي لعزوف الجماهير عن المسابقات الرياضية وخصوصاً مسابقات كرة القدم.
وأكد أن وجود الجماهير في المسابقات هو مقياس نجاحها أو فشلها، بالإضافة إلى أن الجمهور يسهم في رفع مستوى المنافسة وزيادة إمكانيات الفرق واللاعبين.
وقال وائل حسن، إداري في نادي الدير: «إن السبب الرئيسي وراء ضعف الحضور الجماهيري هو قلة التسويق والترويج للمناسبات الرياضية، بالإضافة إلى توقيت المباريات الذي يكون في وقت عمل الجماهير».
وأشار لاعب طائرة المعامير، علي البوسطة، إلى ضعف الحضور الجماهيري في المسابقات الرياضية في البحرين بسبب أن أغلب الأندية تمتلك أكثر من لعبة جماعية، وفي بعض الأحيان يكون هناك تعارض في المباريات. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر الظروف الجوية في أوقات من السنة على حضور الجماهير.
واقترح البوسطة، لتكثيف حضور الجماهير، تسهيل وصول الجماهير إلى الملاعب عبر تحسين وسائل النقل العامة أو توفير خدمات نقل خاصة.
ورأى مدرب نادي الدير، عبدالرحمن محمد، أن ضعف التسويق للمسابقات وقلة التشويق هما السبب الرئيسي في عزوف الجمهور بشكل أكبر عن دوري كرة القدم، أما في مسابقات الصالات فنلاحظ ضعف وجود الجمهور في الأدوار التمهيدية، وذلك يرجع لجدولة ونظام المسابقات وكثرة الإيقافات على رزنامة المباريات.
كما اقترح عبدالرحمن توفير الدعم الكافي للجمهور لتشجيعه على الحضور، بالإضافة إلى تسويق المسابقات بشكل أكبر، وتقليل إيقافات المباريات، وإضافة فقرات تشويقية للجمهور.
عزوف جماهير القرى
وأشار مدير منتخب البحرين للشباب، عبدالله الفردان، إلى عدة أسباب لضعف الحضور الجماهيري في المسابقات الرياضية، منها ضعف الفرق الموجودة في الدوري، وانحصار المنافسة في أربع فرق، وعزوف جماهير القرى عن الحضور، بالإضافة إلى أن الجمهور الحالي عبارة عن جمهور لاعبين؛ اسم اللاعب هو الذي يجذب الجماهير. وهناك ضعف لدينا من ناحية اللاعبين المحترفين، حيث إن أكثرهم لا يشكلون فوارق فنية عن اللاعبين البحرينيين ولا يجذبون الجماهير.
وقال عبدالله: «إن الحضور الجماهيري يعطي روحاً تنافسية للفرق، والطبيعي من اللاعب عندما يشاهد الجمهور وتفاعله مع الفريق أن يقدم كل ما يملك من أجل إسعادهم. وفي بعض الدول، لا يكون الحضور الجماهيري مقتصراً على حضور المباريات؛ حيث ترى الجماهير يتهافتون على التدريبات ويدفعون مبالغ مالية لحضورها، وخصوصاً في أوروبا والأندية الكبيرة».
كما اقترح الفردان، لزيادة التواجد الجماهيري في المسابقات الرياضية، تنظيم توقيت المباريات وجعلها في الإجازات الأسبوعية، ومراعاة طلاب المدارس والجامعات في التوقيت لأنهم عامل مهم، بالإضافة إلى تثبيت رزنامة للدوريات، وتكثيف العمل الإعلامي المحترف للأجهزة الإعلامية بالأندية من أجل جذب الجماهير، والأهم هو عمل الإعلام الرسمي لأنه شريك مباشر لجذب الجماهير.
غياب المنافسة تبعد الجمهور
ويرى حسن العاشوري، رئيس رابطة جمهور نادي الشباب، أن ضعف الحضور الجماهيري أصبح واضحاً وصريحاً، وخصوصاً في مباريات كرة القدم للأندية والمنتخب، بسبب ضعف الدوري وعدم توافر محترفين لرفع مستوى التنافس، بالإضافة إلى نتائج المنتخب غير المرضية، حيث كان في السابق حضور الجمهور بشكل كبير قبل بدء المباراة بمدة، لعامل قوة المنتخب ولاعبيه. أما الآن، فإن غياب الروح والنتائج السيئة أدى إلى عزوف الجماهير عن التواجد في مباريات كرة القدم. ومن جانب الحضور في كرة اليد، هناك تراجع كبير عن السابق نتيجةً لغياب المنافسة، فالجماهير تحضر لقوة ونتائج الأندية والدوري، ومع غياب هذه العوامل لا ترى للجمهور حضوراً!
كما أشار حسن إلى أن حضور الجمهور يشكل دافعاً للاعبين في جميع المسابقات، ويضيف نكهة تنافس جميلة على أرض الملعب، وخصوصاً أن التواجد في ملعب ممتلئ بالجماهير يعطي تجربة جميلة للمشجع واللاعب.
كما اقترح العاشوري حلولًا لاستقطاب الجماهير، وذلك بالاهتمام بتقوية الدوري وجعل المنافسة قوية، بالإضافة إلى مسابقات وهدايا تحفيزية للجمهور، وعمل خطة إعلامية مدروسة موجهة للجمهور.
في الختام، يعدّ الحضور الجماهيري عنصراً أساسياً في رفع مستوى المسابقات الرياضية وتحفيز اللاعبين. ومن خلال تحسين المنشآت الرياضية وتطوير استراتيجيات التسويق، يمكن للبحرين تعزيز حضور الجماهير ودعم الرياضة المحلية.
إن تفاعل الجمهور مع المباريات يسهم في خلق بيئة تنافسية صحية، مما ينعكس إيجاباً على أداء الفرق ويزيد من شعبية الرياضات البحرينية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك