الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
يوم الشهيد.. رؤية وطنية
حينما يقدم لك شخص خدمة معينة تقول له «شكرا» تقديرا وامتنانا، وبهذا تكون قد كافأته ورددت إليه الجميل.. وإذا ما قام شخص آخر بأداء الخدمة بكل جودة وإتقان، وتميز وإصرار، بكل تفاصيلها وبشكل يفوق التوقع، تقوم أنت بالمبالغة في الشكر والإعجاب والثناء، وتشيد بصاحب الخدمة أمام الآخرين وتثني عليه وتشجعهم على التعامل معه.. وبذلك تكون قد رددت إليه الجميل وزيادة.
ولكن حينما يقوم شخص ما بتقديم خدمة للوطن، ويكون ثمنها روحه الطاهرة ودماءه الزكية، من أجل أن تعيش أنت وأسرتك آمنا مستقرا.. فإن كلمات الشكر وعبارات الثناء هنا لا محل لها ولا مجال.. فقد اختلفت الأوزان، وتغيرت كفة الميزان، ولا يمكن أن تجزي تلك الخدمة بأي كلام.
تلك هي التضحية الكبيرة التي قدمها شهداء الوطن الأبرار الأبطال من أجل وطنهم.. فنالوا الشهادة في سبيل الله، وارتقوا إلى مرتبة عالية في الجنة، وسجلوا أسماءهم في سجل تاريخ الوطن، وشرفوا أهاليهم على مدى الحياة، وصعدوا بمكانتهم إلى موقع رفيع لا يصل إليه أحد.
صباح أمس وفي لقاء بتلفزيون البحرين مع المذيعة الرائعة عبير مفتاح، والمذيع المتميز محمد الشرقاوي، تم استضافتي للحديث عن يوم الشهيد ودلالات الاحتفاء به، ورسائله الوطنية.. فأجبت قائلا: إن يوم الشهيد هو من أعز الأيام، وسيظل محفورا في تاريخ الوطن على الدوام، وإن شعب البحرين يحتفي بهذه المناسبة، كما وصفها جلالة الملك المعظم حفظه الله بأن كل شهيد هو ابن لكل بيت بحريني في وطننا الواحد المترابط.
وإن من دلالات ورسائل يوم الشهيد أنه حظي بلفتة ملكية سامية متزامنة مع احتفالات مملكة البحرين بالأعياد الوطنية، تأكيدا للمكانة العالية التي يحتلها الشهداء في الضمير والوجدان البحريني، كما تم إنشاء الصندوق الملكي لشهداء الواجب برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء شخصيا، ويتم رعاية شؤون أسر وأبناء الشهداء.. كما أن الاحتفاء يوم الشهيد يسهم في تعزيز الانتماء والولاء للوطن، وكذلك في ترسيخ الانتماء الخليجي والعربي، لأن الشهادة كانت في ميدان العزة والكرامة دفاعا عن الوطن والأمة.
ومن الواجب هنا أن نستثمر كأفراد ومؤسسات إبراز هذه المناسبات الوطنية، من خلال نشر ثقافة التقدير، للعاملين المجدين والمتميزين، وكذلك في الحفاظ على الوطن ومكتسباته، وتطوره ونهضته، والالتزام بقوانينه.. فمن قدم نفسه من أجل أن نعيش في الوطن كان يأمل أن نرد الجميل والوفاء بدعم أمن واستقرار الوطن، وضمان تقدمه، لا التفريط فيه ولا تجاوز قوانينه.
ولطالما قرأنا تلك الآية الكريمة التي نذكرها عند الحديث عن الشهداء، من دون أن نتوقف عند الكلمة الأخيرة فيها، ومن دون أن نتأملها جيدا وندرك تفسيرها الحقيقي، في قوله تعالى: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله».. فكلنا نفهم أن الشهداء أحياء عند الله عز وجل، من دون أن نكمل تفسير الآية.. فهي حياة مع الرزق.. ومع الفرحة.. ومع الفضل الإلهي.. رزق لا ينفد.. وفرحة لا حدود لها.. وفضل من الله لا ينتهي.. ومكرمة وشفاعة لأهاليهم وذويهم في الآخرة.
تحية إجلال وإكبار وفخر واعتزاز لشهداء الواجب الوطني.. وتحية تقدير وامتنان لكافة منتسبي قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية والحرس الوطني.. وتحية عرفان ومحبة لأسر وعائلات الشهداء. وهنيئا لكم شهادة أبنائكم فهم فخر للجميع.. وقد خلدوا أسماءهم وأسرهم فأصبحوا عزاً لوطنهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك