القراء الأعزاء،
الحديث عن الجمعيات في البحرين حديث ذو شجون، ولا أعلم من أي باب أطرقه، هل أطرقه من باب قانون الجمعيات؟ أم من باب المؤسسات الرسمية المشرفة على تطبيق القانون؟ أم من باب الوعي العام بأهمية ودور الجمعيات والارتباط الوثيق بين تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والعمل التطوعي؟ أو من باب الفهم المنقوص لمبادئ الديمقراطية لدى بعض الجمعيات وأهمية تداول السلطة والتغيير كثوابت للديمقراطية؟ أو من باب الثقافة التي مازالت تسود بعض الجمعيات والمتعلقة بأن الجمعية هي ملك لصاحب فكرة تأسيسها والذي يبقى متربعاً على كرسي رئاستها عقودا من الزمن لأنه بقدرة قادر -ولا أعلم كيف- قد استقر في ضمير الجمعية العمومية والأعضاء المنتخبين لمجالس الادارة دائماً بأنه هو عماد الجمعية وبأنها من دون رئاسة مؤسسها لن تستطيع الجمعية المضي قدماً؟! غافلين عن المبدأ الذي يقضي بأن الاستدامة للكيان المؤسسي وليس للأشخاص وأن المؤسسة التي ترتكز على شخص واحد تنتهي بانتهائه.
ومن المعلوم أن الجمعيات السياسية وغير السياسية تُعد من عناصر المجتمع المدني، وسأتناول في مقالي هذا الجمعيات غير السياسية (المنظمات الأهلية) وهي التي تُنشأ لتحقيق أهداف وأغراض غير سياسية تصب غالباً في المجالات الثقافية والدينية والتعاونية والخيرية والعلمية والرياضية والمهنية وغيرها من الأغراض غير السياسية، وقد قارب عددها في البحرين ما يربو على 640 منظمة أهلية، ولن أتكلم هنا عن سقف حريّاتها ولكن عن واقع بعضها.
والحقيقة أن واقع بعض الجمعيات بحاجة إلى رقابة جدّية من الوزارة المختصة بها، ذلك أن المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989 بإصدار قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثـقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة قد عهد إلى وزارات مختلفة بالرقابة على الجمعيات كل بحسب اختصاصها وفقاً لأهداف الجمعية، وسأتوقف هنا عند دور بعض الجهات الرقابية الذي لمسته شخصياً ويعرفه سواي، وعن مستوى وعي بعض أعضاء الجمعيات الذي لم يرتق إلى الروح الحقيقية للديمقراطية، فالبعض لا يعلم أهمية دوره وصوته وواجباته تجاه الجمعية، إذ يعتبرها من قبيل الرفاهية في حياته من دون التعمق في قيمته كعضو مؤثر فيها، فالأغلبية منهم لا يكون لهم رأي في التقارير المالية أو الإدارية أو حتى في اختيار الشخص الملائم كممثل له في مجلس إدارة الجمعية، بل قد يُملى عليه بطرق مباشرة وغير مباشرة الأسماء التي عليه التصويت لها، وقد يُعزى ذلك إلى أسباب متعددة منها قلة الوعي بالدور نفسه، أو عدم الاهتمام أو الحرج الاجتماعي أو المجاملات أو الموانع الأدبية المرتبطة بالسلطة الإدارية، ولكن جميع هذه الأسباب لا يجب أن تكون ذريعة للهبوط بمستوى عمل الجمعيات.
وفيما يتعلق برقابة بعض الوزارات فحدث ولا حرج، فإحداها لا يحضر ممثلا عنها عند انعقاد الجمعية العمومية ولا سيما في الاجتماع الأهم منها وهو اجتماع انتخاب أعضاء مجلس الإدارة الذي يحتاج إلى رقابة من جهة محايدة غالباً تكون هي الوزارة المختصة، وعندما تحدث ممارسات خاطئة اثناء الانتخابات يتمسك ممثل الوزارة الذي لم يحضر بصحة جميع الأخطاء وحتى الجوهرية منها، بل يرفض الرد على خطاب الاعتراض بخطاب رسمي على أساس أن تلك هي سياسة الوزارة، وهي بلا شك سياسة مخالفة للدستور الذي كفل لكل مواطن الحق في مخاطبة الجهات الرسمية التي يجب عليها أن ترد على الخطاب رداً يوضح رأيها ووجهة نظرها.
وأخرى يحضر ممثلها ولكنه قد يُخطئ خطأً جسيماً أحياناً، تماماً كما حدث في أحد اجتماعات مجلس إدارة احدى الجمعيات عندما قام ممثل الوزارة بأخذ صندوق الاقتراع إلى غرفة مغلقة منع الأعضاء من دخولها، واختلى لفرزها مع لجنة الانتخابات بعيداً عن أعين أعضاء الجمعية العمومية، وعند الاعتراض على تصرفه قال: عادي، عشان نترك الجماعة (الأعضاء) ياخذون راحتهم! وجمعية أخرى قصّتها قصة ولكن المشكلة أنك ان تكلمت ناصبوك العداء وإن سكتت اختل ميزان العدالة.
وهناك الكثير ليُقال، من تجارب شخصية وأخرى استمعت إليها من آخرين، ربما يكون لها مساحة في مقالات أخرى، فما يهم هنا هو النهوض بدور منظمات المجتمع المدني ومكانتها كشريك فاعل في تنفيذ رؤية البحرين 2030 و2050، ومن المؤكد أنها لن تصبح شريكاً فاعلاً إلا متى ما صلُحت واستقامت وكان هدفها الأول هو رفعة الوطن ومصلحته العامة وليس مصلحة شخصية لأفرادٍ بعينهم، فالجمعيات تحتاج إلى مواطنين حقيقيين يكون همّهم الأول هو الوطن وليس تحقيق منجزات شخصية.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك