«تقويض حل الدولتين» العامل المشترك الذي يجمع أعداء السلام بالمنطقة
إطلاق العنان لإمكانيات المنطقة وشعوبها يتطلب قاعدة راسخة من الأمن والاستقرار
أكد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي أهمية حوار المنامة كمنصة رئيسية للحوار تجمع المسؤولين والمختصين من كل أنحاء العالم لمناقشة أهم القضايا التي تمس أمن واستقرار المنطقة، مشيدا بجهود مملكة البحرين على مدى العقدين الماضيين في احتضان الحوار الأمني والأبرز في المنطقة ودعم نجاحه، في وقت الجميع فيه بحاجة إلى تفعيل الحوار، وإيجاد حلول للقضايا الأمنية والتحديات المشتركة. جاء ذلك خلال الجلسة الأولى لفعاليات منتدى «حوار المنامة» صباح أمس.
وقال وزير الخارجية السعودي إن انعقاد الدورة الحالية تأتي في مرحلة حرجة يمر بها النظام الدولي، وتتزايد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتشتد حدة التوترات والاستقطاب، وتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، قائلا: «منطقتنا ليست بمعزل عن تطورات البيئة الدولية، والعكس صحيح فيما يحدث فيها من أزمات وصراعات تتعدى أثارها حدود المنطقة، لتؤثر في الأمن والاستقرار الدولي، وتشكل خطرا على سلامة الاقتصاد العالمي».
وأكد أن الأزمات والحروب أدت إلى انجراف المنطقة نحو منعطف خطير، وضع الجميع على مفترق طرق، ووضع على عاتق الجميع ضرورة الشراكة مع المجتمع الدولي، مؤكدا أن التحرك المشترك والفعال هو مسار العودة إلى مسيرة السلام والتعايش، وإنهاء النزاعات التي تخلف وراءها عشرات الآلاف من الضحايا والمصابين، دون تحقيق مصالح استراتيجية لأي طرف.
وأكد وزير الخارجية السعودي أن استمرار الحرب في غزة ساعد في انتشار نطاقها إقليميا، ويضعف منظومة الأمن الدولي، ويهدد مصداقية القوانين، والأعراف الدولية، في ظل استمرار إسرائيل بالإفلات من العقاب واستهدافها للأمم المتحدة ولأجهزتها، مؤكدا أن التمسك بمبادئ القانون الدولي، والكيل بمكيال واحد، ضرورة للحفاظ على الأمن والاستقرار العالمي، وخلاف ذلك يؤدي إلى تآكل أسس النظام الدولي ومؤسساته.
وطالب المجتمع الدولي تكثيف جهوده للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ورفع كل القيود على وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، والحد من انتشار خطاب الكراهية الذي يغذي المتطرفين، ومن ضمنه التصريحات التي تهدد بضم الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان، والعمل على حل الدولتين.
وأكد أن الطريق نحو السلام واضح، لكنه محفوف بالعراقيل، قائلا: «لو تأملنا في واقع الأزمة اليوم، لوجدنا أن أعداء السلام يجمعهما عامل مشترك، وهو أن ممارساتهم تؤدي إلى تقويض حل الدولتين، وإذا كان المجتمع الدولي مهتم بحماية ما تبقى من مصداقية قواعده ومؤسساته، فعليه وضع يده بيد المملكة والدول الإقليمية الجادة في السلام من أجل ترجمة الأقوال إلى أفعال، وتجسيد حل الدولتين على أرض الواقع وإقرار السلام القائم على العدل، وتلبية الاستحقاقات، والضامن الوحيد لذلك هو الأمن لجميع الدول للمنطقة».
وأكد أن المملكة تتمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وعبرت عن ذلك بوضوح منذ مبادرة الملك فهد للسلام عام 1981، ثم مبادرة السلام العربية، وصولا إلى القمة العربية الأخيرة في البحرين، والقمتين العربية الإسلامية المشتركة المنعقدتين في الرياض، وأشار أن المملكة العربية السعودية أطلقت بالتعاون مع شركائها، التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين من أجل إيجاد خطوات عملية، لتجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال دعما للسلام، وتمسكا بالحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
سياسة المملكة
وأشار الوزير السعودي إلى أن رؤية المملكة 2030 طموحة في تعزيز مسيرة التنمية وتمكين التحول الاقتصادي والاجتماعي، وتعد سياسة المملكة الخارجية انعكاسا لأولويات هذه الرؤية، حيث تسعى إلى خلق غد أكثر إشراقا يمتد أثره ونفعه للمنطقة ككل لإرساء دعائم الاستقرار الإقليمي والأمن المشترك من خلال تعزيز وحدة الصف، ولم الشمل بين الأشقاء، وترتيب لغة الحوار بين دول المنطقة، وبذل المساعي الحميدة، ودعم جهود الوساطة في الأزمات الإقليمية والدولية.
وقال: «إن كانت أحداث منطقة اليوم تدعو إلى القلق إلا أن المملكة تنظر لمستقبل الشرق الأوسط بواقع التفاعل بناء على الإمكانات الهائلة التي تسخر بها دولنا، والفرص الاقتصادية الواحدة، والموقع الجغرافي الرابط بين ثلاث قارات، وموارد الطاقة الغنية بكل أنواعها، مما يؤكد أن المنطقة ستظل تتسم أهمية بالغة على المستوى الدولي، إلا أن إطلاق العنان لإمكانيات المنطقة وشعوبها يتطلب قاعدة راسخة من الأمن والاستقرار، ومن أجل تعزيز التعاون الإقليمي وتمكين الشراكات الدولية، وتحقيق التكامل الاقتصادي».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك