العدد : ١٧٠١١ - السبت ١٩ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠١١ - السبت ١٩ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

«حمود بن عبدالله».. رحيل من نُحب يوجع

في‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬العامر‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الرياض،‭ ‬حينما‭ ‬كان‭ ‬سفيرا‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬السعودية‭.. ‬خصني‭ ‬وشرفني‭ ‬بحديث‭ ‬جانبي،‭ ‬ووجه‭ ‬معظم‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬عن‭ ‬مهنة‭ ‬الإعلام،‭ ‬وأهميتها‭ ‬ومتاعبها،‭ ‬ودورها‭ ‬ومسؤوليتها،‭ ‬تقديرا‭ ‬وتكريما‭ ‬منه‭ ‬للصحافة‭ ‬الوطنية‭.. ‬كنت‭ ‬الصحفي‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء‭.. ‬أخجلني‭ ‬بتواضعه‭ ‬الجم،‭ ‬وأخلاقه‭ ‬الدمثة،‭ ‬وابتسامته‭ ‬المميزة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تفارق‭ ‬وجهه‭ ‬الكريم‭ ‬وطلته‭ ‬الجميلة‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭.‬

قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬السفير‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬صفاته‭ ‬الأصيلة،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬تعيينه‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬الدبلوماسي‭.. ‬لقد‭ ‬نشأ‭ ‬وتربى‭ ‬وترعرع‭ ‬على‭ ‬الصفات‭ ‬الحميدة‭ ‬والخصال‭ ‬الراقية‭.. ‬شخصية‭ ‬وطنية،‭ ‬سياسية،‭ ‬رياضية،‭ ‬اجتماعية‭.. ‬أجمع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تعرف‭ ‬عليه،‭ ‬والتقى‭ ‬به،‭ ‬وسمع‭ ‬منه،‭ ‬أو‭ ‬سمع‭ ‬عنه،‭ ‬على‭ ‬احترامه‭ ‬وتقديره‭ ‬وحبه‭.‬

أذكر‭ ‬أنني‭ ‬كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬تخص‭ ‬محافظة‭ ‬العاصمة‭.. ‬سكن‭ ‬العمال،‭ ‬سوق‭ ‬المنامة،‭ ‬السوق‭ ‬المركزي،‭ ‬الأوضاع‭ ‬البلدية‭ ‬وغيرها‭.. ‬كان‭ ‬مقالا‭ ‬مليئا‭ ‬بالنقد‭ ‬والملاحظات‭.. ‬كنت‭ ‬أتوقع‭ ‬منه‭ ‬بعض‭ ‬اللوم‭ ‬والتبرير‭ ‬والعتب‭.. ‬ولكنه‭ ‬فاجئني‭ ‬بأنه‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭.. ‬وجميع‭ ‬ما‭ ‬أشرت‭ ‬إليه‭.. ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬سيوجه‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬للمتابعة‭ ‬والتأكد،‭ ‬والتصحيح‭ ‬والتطوير‭.. ‬وودعني‭ ‬بكل‭ ‬احترام‭ ‬وابتسامة،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬مقابلته‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الزيارة‭.‬

طلب‭ ‬مني‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬زيارته‭ ‬بمكتبه،‭ ‬حينما‭ ‬كان‭ ‬محافظا‭ ‬للعاصمة‭ ‬‮«‬المنامة‮»‬‭.. ‬فتح‭ ‬لي‭ ‬ملف‭ ‬المرئيات‭ ‬والمقترحات‭ ‬والطموحات،‭ ‬التي‭ ‬يرغب‭ ‬أن‭ ‬يحققها‭ ‬للوطن‭ ‬الغالي،‭ ‬تنفيذا‭ ‬للتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭.. ‬كان‭ ‬عاشقا‭ ‬للوطن‭.. ‬مخلصا‭ ‬للقيادة‭ ‬الحكيمة‭.. ‬محبا‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬والناس‭ ‬جميعا‭.‬

كان‭ ‬قارئا‭ ‬نهما‭ ‬للكتب‭.. ‬محبا‭ ‬للثقافة‭.. ‬متابعة‭ ‬للصحافة‭.. ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬معلقا‭ ‬ومشيدا‭ ‬ببعض‭ ‬ما‭ ‬أكتبه‭ ‬من‭ ‬مقالات‭ ‬في‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭.. ‬ووجه‭ ‬لي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النصائح‭ ‬‮«‬الأبوية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الكاتب‭ ‬المؤثر‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يطلع‭ ‬ويقرأ،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬ثقافته،‭ ‬ولا‭ ‬يكتفي‭ ‬بقراءة‭ ‬الصحف،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب،‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يستجد‭ ‬في‭ ‬العصر،‭ ‬والأخذ‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬حسن‭ ‬ومفيد‭ ‬للمجتمع‭.. ‬وحثني‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬ومع‭ ‬الشخصيات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬خاصة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬منها‭.. ‬لأنهم‭ ‬أصحاب‭ ‬خبرة‭ ‬وتجربة،‭ ‬ودور‭ ‬وطني‭ ‬فاعل‭.. ‬وقد‭ ‬أخذت‭ ‬بنصائحه‭ ‬السديدة‭.‬

تواصله‭ ‬معي‭ ‬لم‭ ‬ينقطع،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬محافظا،‭ ‬ثم‭ ‬سفيرا،‭ ‬وحتى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.. ‬ونال‭ ‬التكريم‭ ‬من‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬واستحق‭ ‬‮«‬وشاح‭ ‬الملك‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬الثانية‮»‬،‭ ‬نظير‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين‭.‬

ولكنها‭ ‬سنة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭.. ‬فقد‭ ‬رحل‭ ‬عن‭ ‬الدنيا،‭ ‬وارتفعت‭ ‬روحه‭ ‬الطاهرة‭ ‬إلى‭ ‬بارئها،‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬عمل‭ ‬وعطاء‭ ‬وطنية‭ ‬مشرفة،‭ ‬سجلها‭ ‬بالإنجازات‭ ‬وخدمة‭ ‬البلاد‭ ‬والناس،‭ ‬وسيحفظها‭ ‬له‭ ‬الوطن‭.. ‬وستظل‭ ‬أخلاقه‭ ‬الحميدة،‭ ‬وخصاله‭ ‬الكريمة،‭ ‬وابتسامته‭ ‬الجميلة،‭ ‬لا‭ ‬تفارق‭ ‬ذاكرة‭ ‬الجميع‭.‬

خالص‭ ‬التعازي‭ ‬والمواساة‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬وأسرته‭ ‬الكريمة،‭ ‬وإلى‭ ‬شعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.. ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬له‭ ‬الرحمة‭ ‬والمغفرة،‭ ‬وأن‭ ‬يسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته،‭ ‬وأن‭ ‬يلهم‭ ‬أهله‭ ‬وذويه‭ ‬ومحبيه‭ ‬الصبر‭ ‬والسلوان‭.‬

عن‭ ‬رحيل‭ ‬الشيخ‭ ‬الفاضل‭ ‬الكريم‭.. ‬حمود‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬أتحدث‭.. ‬فرحيل‭ ‬من‭ ‬نُحب‭ ‬يوجع‭.. ‬فقد‭ ‬رحل‭ ‬عنا‭.. ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يرحل‭ ‬منا‭.. ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا