الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«حمود بن عبدالله».. رحيل من نُحب يوجع
في لقاء مع عدد من الشخصيات المجتمعية، في منزله العامر بالعاصمة الرياض، حينما كان سفيرا لمملكة البحرين في السعودية.. خصني وشرفني بحديث جانبي، ووجه معظم الحديث في اللقاء عن مهنة الإعلام، وأهميتها ومتاعبها، ودورها ومسؤوليتها، تقديرا وتكريما منه للصحافة الوطنية.. كنت الصحفي الوحيد في ذلك اللقاء.. أخجلني بتواضعه الجم، وأخلاقه الدمثة، وابتسامته المميزة التي لم تفارق وجهه الكريم وطلته الجميلة طوال حياته.
قيم ومبادئ وأخلاقيات السفير والدبلوماسي كانت من صفاته الأصيلة، حتى قبل تعيينه في منصبه الدبلوماسي.. لقد نشأ وتربى وترعرع على الصفات الحميدة والخصال الراقية.. شخصية وطنية، سياسية، رياضية، اجتماعية.. أجمع كل من تعرف عليه، والتقى به، وسمع منه، أو سمع عنه، على احترامه وتقديره وحبه.
أذكر أنني كتبت مقالا عن أمور تخص محافظة العاصمة.. سكن العمال، سوق المنامة، السوق المركزي، الأوضاع البلدية وغيرها.. كان مقالا مليئا بالنقد والملاحظات.. كنت أتوقع منه بعض اللوم والتبرير والعتب.. ولكنه فاجئني بأنه يتفق مع كل ما كتبته.. وجميع ما أشرت إليه.. مؤكدا أنه سيوجه الجهات المعنية للمتابعة والتأكد، والتصحيح والتطوير.. وودعني بكل احترام وابتسامة، كما كانت مقابلته في أول الزيارة.
طلب مني ذات يوم زيارته بمكتبه، حينما كان محافظا للعاصمة «المنامة».. فتح لي ملف المرئيات والمقترحات والطموحات، التي يرغب أن يحققها للوطن الغالي، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.. كان عاشقا للوطن.. مخلصا للقيادة الحكيمة.. محبا للمواطنين والمقيمين والناس جميعا.
كان قارئا نهما للكتب.. محبا للثقافة.. متابعة للصحافة.. كثيرا ما اتصل بي معلقا ومشيدا ببعض ما أكتبه من مقالات في «أخبار الخليج».. ووجه لي الكثير من النصائح «الأبوية»، وأن الكاتب المؤثر هو الذي يطلع ويقرأ، ويزيد من ثقافته، ولا يكتفي بقراءة الصحف، بل لا بد من قراءة الكتب، والاطلاع على ما يستجد في العصر، والأخذ بما هو حسن ومفيد للمجتمع.. وحثني على التواصل المباشر مع الناس، ومع الشخصيات المجتمعية، خاصة الاقتصادية والتجارية منها.. لأنهم أصحاب خبرة وتجربة، ودور وطني فاعل.. وقد أخذت بنصائحه السديدة.
تواصله معي لم ينقطع، منذ أن كان محافظا، ثم سفيرا، وحتى بعد ذلك.. ونال التكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه، واستحق «وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الثانية»، نظير ما قام به من جهود ملموسة في تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين.
ولكنها سنة الحياة في هذا الكون.. فقد رحل عن الدنيا، وارتفعت روحه الطاهرة إلى بارئها، بعد مسيرة عمل وعطاء وطنية مشرفة، سجلها بالإنجازات وخدمة البلاد والناس، وسيحفظها له الوطن.. وستظل أخلاقه الحميدة، وخصاله الكريمة، وابتسامته الجميلة، لا تفارق ذاكرة الجميع.
خالص التعازي والمواساة إلى القيادة الحكيمة وأسرته الكريمة، وإلى شعب مملكة البحرين.. ونسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
عن رحيل الشيخ الفاضل الكريم.. حمود بن عبدالله آل خليفة رحمه الله، أتحدث.. فرحيل من نُحب يوجع.. فقد رحل عنا.. ولكنه لم يرحل منا.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك