عالم يتغير
فوزية رشيد
حرب النفوذ بين الصهيونية الدينية والثيوقراطية الإيرانية!
{ والمنطقة تشهد حاليا معركتين في حرب تؤسس لها الصهيونية لتكون حرباً شاملة! الأولى هي حرب الكيان الصهيوني على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني برمته، وهي «حرب وجودية» سواء للكيان الفلسطيني أو للشعب الفلسطيني! والمعركة أو الحرب الثانية هي التي يشنها الكيان حاليا على حزب إيران اللبناني امتدادا إلى بقية الأذرع والوكلاء كما يقول! وصولاً إلى الرد ّوالردّ على الردّ بين الكيان وإيران! وحيث ينتظر العالم كله طبيعة وصفة الرد «الإسرائيلي» على إيران، إن كان مؤثراً كما يريده «نتنياهو» أو منمّطا على طريقة الرد الإيراني على الكيان! وكما يبدو أن أمريكا هي التي تريده! وهذا التحرك بين الطرفين «الإيراني والصهيوني» يقع في إطار معارك و«حرب النفوذ» على المنطقة العربية!
{ «الصهيونية الدينية» في الكيان وفي أمريكا يريدون حربا تصل بهم إلى «هر مجدون» التي كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة! والتي بحسب اعتقادهم أنها ستؤدي إلى إسرائيل الكبرى أو الواسعة على حساب الجغرافيا العربية! فيما النظام الثيوقراطي الإيراني، يريد استمرار الوضع على ما هو عليه، بدون مواجهة مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة! لتحافظ على بقاء النظام من جهة، وعلى البرنامج النووي من جهة أخرى وعلى مساحات النفوذ التي اكتسبتها في العديد من الدول العربية من جهة ثالثة! وهذا ما جعل إيران طوال العقود الماضية، وهي التي حققت مكاسبها بسبب الضوء الأخضر الأمريكي والبريطاني، وعلى حساب الدم العربي للموالين العرب لها ولأجندتها في أوطانهم، نقول هذا ما جعل إيران تتخبط بين معادلة «التخادم» مع الكيان والغرب ومعادلة الطمع في المزيد من النفوذ والهيمنة بحسب مشروعها «العقدي» وتصدير الثورة!
{ عملية 7 أكتوبر 2023 وما تلاها حتى اليوم، وضعت إيران في مأزق فاضح، بين استمرار اللعبة كما كانت، أو المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني! وهي المواجهة التي تجنبتها منذ تسلم «نظام الملالي» الحكم، خاصة بعد فتح الكيان المواجهة مع أقوى أذرعها في لبنان وتصفية قادة الصف الأول، وبعد اغتيال «إسماعيل هنية» في عقر دارها في طهران، بحسب ما يتم تداوله! ولذلك مع تصاعد التململ في صفوف أتباعها في إيران وفي دول أخرى، وزيادة معدلات الإحراج لها بأنها تخلت عن وكلائها، قامت بضربة على الكيان مؤخراً، وهي الضربة التي رآها كثير من المحللين والمعلقين أنها كارتونية! والآن الكل ينتظر الردّ الصهيوني على إيران، وهو الردّ الذي سيحدد حقيقة ما وصلت إليه الأمور في المنطقة! وإن كان «الدور الإيراني» قد فقد صلاحيته، أم أنه سوف يتم تجديده عبر المفاوضات، التي لا تزال جارية بين الطرفين الأمريكي والإيراني! وحيث المفاتيح في يد أمريكا، رغم الجدل الدائر بين حكومة الصهيونية الدينية في الكيان والقادة في أمريكا! ولكي تحافظ إيران على «دورها» في المنطقة وعلى برنامجها النووي، وعلى نظامها، لا بد من بيع وشراء وتنازلات اتضحت في كل ما أثير حول التخلي عن الوكلاء، بدءاً بحزبها في لبنان وانتهاء بالمليشيات الأخرى في العراق واليمن وسوريا!
{ بعض المحلليّن الاستراتيجيين ومنهم «طلعت رميح» تساءل إن كانت مرحلة «التخادم» قد انتهت أم إنها انتقلت إلى مرحلة جديدة، بحيث تستمر بطرق أخرى؟! وإن كان المخطط الصهيوني هو القضاء على «حزب إيران اللبناني» أم إضعافه وإكسابه صفة أخرى، سياسية مثلاً، بما لا يشكل هاجساً لدى الكيان الصهيوني؟! وفي الوقت الحالي، فإن كلا الطرفين الصهيوني والإيراني هما في مأزق، رغم النشوة الصهيونية بما حققته في لبنان، وتحول إيران الى حالة الدفاع عن مكاسبها التي تحققت بدماء الشعوب العربية لتنتقل إلى حالة المواجهة المباشرة!
{ حرب النفوذ الراهنة بين الصهاينة والايرانيين ستتضح من خلال طبيعة الرد على إيران، وإن كانت ستستهدف البرنامج والمفاعلات النووية والمنشآت الحيوية، أم إنه سيكون مجرد رد شكلي! وما يحدث وسيحدث هو في النهاية وفقاً للخطة بين أمريكا والكيان، وأيضاً حدود توسيع نطاق المواجهة أو عدم توسيعه! فيما نظام الملالي لا يريد حرباً واسعة معه قد تتدخل فيها أمريكا نفسها، بل هي تريد استمرار التفاوض وعدم إجبارها على التورط في حرب مباشرة! أي أنها تريد استمرار «التخادم» والمعادلة التي كانت أو التي سمحت لها بالتمدد والنفوذ! إلى جانب عدم وصولها إلى أن يكون «أمنها القومي» هو الذي تحت التهديد، هذه المرة! ولذلك دخلت بسياستها في لعبة المساومات حتى لو تخلت عن وكلائها في المنطقة، رغم أن تداعيات 7 أكتوبر وضعتها في حرج كبير أمامهم وأمام نفسها!
{ في هذه المرحلة الخطيرة بدورها وكعادة المراحل الحساسة في المنطقة منذ عقود، يحتاج العالم العربي إلى رصد ما يحدث من مفاوضات ومساومات بين إيران وأمريكا على حساب المنطقة العربية بالطبع! إلى جانب أن العالم العربي عليه أن يرى ما يحدث حالياً في إطار رؤية استشرافية أو مستقبلية للتعامل مع التغيرات الاستراتيجية، التي تستنج عن أحداث المرحلة الراهنة! وأن يعرف العرب إن كان الغرب الذي ساعد إيران في نفوذها وتوسعها قد قرر بالفعل! نهاء الدور الايراني والمليشيات التابعة لها، أم أن استمرار «التخادم» هو الفيصل الذي سيستمر! خاصة أن دولنا هي التي على المحك وليس فقط إيران وأذرعها! وأيضاً لأن لعبة وحرب النفوذ بين الطرفين الإيراني والصهيوني، لا صلة لها في الجوهر والعمق، بما يحدث في فلسطين أو في غزة والضفة! حيث هناك تدور المعركة الحقيقة بين الكيان الصهيوني والشعب الفلسطيني وحيث القضية الفلسطينية هي المحرك الأساسي التي تتغير عبرها المعادلات والتأثيرات ليس فقط على فلسطين وحدها، وإنما على الأمن القومي العربي ككل! هذا ما علمنا التاريخ به ولا شيء غيره!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك