العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

علام العجلة؟

من‭ ‬الأمور‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬أجاري‭ ‬فيها‭ ‬أهل‭ ‬الغرب،‭ ‬احترام‭ ‬الوقت‭ ‬والمواعيد،‭ ‬باعتبار‭ ‬انني‭ ‬بذلك‭ ‬احترم‭ ‬نفسي‭ ‬والآخرين،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬وعند‭ ‬نهاية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬بداية‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬غريغوري‭ (‬وقلت‭ ‬لكم‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬الف‭ ‬مرة‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬التسمية‭ ‬الصحيحة‭ ‬وليس‭ ‬‮«‬الميلادي‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬المسيح‭ ‬لم‭ ‬يولد‭ ‬قطعا‭ ‬قبل‭ ‬2024‭ ‬سنة،‭ ‬فمن‭ ‬وضع‭ ‬أو‭ ‬تبنى‭ ‬هذا‭ ‬التقويم‭ ‬هو‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان‭ ‬غريغورس‭ ‬الثالث‭ ‬عشر،‭ ‬الذي‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬التقويم‭ ‬اليولياني،‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬يوليوس‭ ‬قيصر‭ ‬الذي‭ ‬خصص‭ ‬أحد‭ ‬الشهور‭ ‬‮«‬يوليو‭/ ‬جولاي‮»‬‭ ‬لنفسه،‭ ‬وفي‭ ‬العقود‭ ‬المهمة‭ ‬مع‭ ‬اطراف‭ ‬أجنبية‭ ‬يكون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التقويم‭ ‬الغريغوري‭)‬،‭ ‬المهم‭ ‬أنني‭ ‬وبنهاية‭ ‬كل‭ ‬ديسمبر،‭ ‬ومجاراة‭ ‬للغربيين‭ ‬أحاول‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬تضع‭ ‬حياتي‭ ‬على‭ ‬مسارها‭ ‬الصحيح،‭ ‬لأنني‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬متفائل‭ ‬بطبعي،‭ ‬ولست‭ ‬ممن‭ ‬يطرحون‭ ‬ويزيدون‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬العمر‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المداعبة،‭ ‬بل‭ ‬أعمل‭ ‬وأفكر‭ ‬لدنياي‭ ‬كأنني‭ ‬سأعيش‭ ‬أبدا،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬استنتج‭ ‬أنني‭ ‬ظللت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬لهاث‭ ‬دائم،‭ ‬وأن‭ ‬حياتي‭ ‬صارت‭ ‬محسوبة‭ ‬بالدقيقة‭ ‬والثانية،‭ ‬فرغم‭ ‬أنني‭ ‬توقفت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عن‭ ‬لبس‭ ‬ساعة‭ ‬المعصم‭ ‬فإن‭ ‬الموبايل‭ ‬القبيح،‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬عينيّ،‭ ‬يبلغني‭ ‬بالوقت‭ ‬ثانية‭ ‬بثانية،‭ ‬ولو‭ ‬انصرفت‭ ‬عنه‭ ‬فإن‭ ‬شاشة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬تحمل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الثانية‭ ‬التاريخ‭ ‬والتوقيت‭.‬

المهم‭ ‬ان‭ ‬اللهاث‭ ‬المستمر‭ ‬يجعلني‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬توتر‭ ‬دائم،‭ ‬وقررت‭ ‬من‭ ‬ثم‭ ‬أن‭ ‬أجعل‭ ‬إيقاع‭ ‬حياتي‭ ‬أكثر‭ ‬بطئا،‭ ‬ولو‭ ‬ألبسني‭ ‬ذلك‭ ‬تهمة‭ ‬الكسل‭ ‬التي‭ ‬فبركها‭ ‬الخليجيون‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬وطني‭: ‬لن‭ ‬أتعجل‭ ‬أو‭ ‬استعجل‭ ‬شيئا،‭ ‬وأتذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬سافرت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬جوية‭ ‬مباشرة‭ ‬الى‭ ‬نيويورك‭ ‬مرة‭ ‬والى‭ ‬مونتريال‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬واستغرقت‭ ‬كل‭ ‬رحلة‭ ‬منهما‭ ‬زهاء‭ ‬14‭ ‬ساعة‭. ‬تخيل‭ ‬14‭ ‬ساعة‭.. ‬يعني‭ ‬14‭ ‬مضروبة‭ ‬في‭ ‬ستين‭ ‬يساوي‭.. ‬ستة‭ ‬في‭ ‬اربعة‭ ‬تساوي‭.. ‬أربعة‭ ‬معانا‭ ‬اثنين‭.. ‬همممم،‭ ‬840‭ ‬دقيقة،‭ ‬وهي‭ ‬مدة‭ ‬يتزوج‭ ‬خلالها‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬ويولد‭ ‬نحو‭ ‬867‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬ويموت‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف،‭ ‬ما‭ ‬لزوم‭ ‬كل‭ ‬هذا؟‭ ‬لماذا‭ ‬عبرت‭ ‬ربع‭ ‬قارة‭ ‬آسيا‭ ‬وكل‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬ثم‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬في‭ ‬قعدة‭ ‬واحدة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬نيويورك‭ ‬او‭ ‬مونتريال،‭ ‬والبهدلة‭ ‬والشحططة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مطار‭ ‬لنحو‭ ‬أربع‭ ‬ساعات‭ ‬أخرى‭ ‬ليتأكدوا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المسافرين‭ ‬خاصة‭ ‬المسلمين‭ ‬منهم‭- ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬صواريخ‭ ‬في‭ ‬أمعائهم؟‭ ‬ثم‭ ‬اقرأوا‭ ‬المزيد‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬طوال‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭: ‬يفقد‭ ‬كل‭ ‬مسافر‭ ‬خلالها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬خلية‭ ‬من‭ ‬جلده؟‭ ‬ماذا‭ ‬يتبقى‭ ‬لي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أفقد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الخلايا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نيويورك‭!! ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬180‭ ‬راكبا‭ ‬فإن‭ ‬مجموع‭ ‬‮«‬خسائرهم‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬مليارين‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬الخلايا‭ ‬الجلدية‭ ‬و180‭ ‬ألف‭ ‬شعرة‭!! ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬التبذير؟‭ ‬هل‭ ‬نيويورك‭ ‬تستأهل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التضحيات؟‭ ‬تنزل‭ ‬في‭ ‬مطارها‭ ‬وقد‭ ‬فقدت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬خلية‭ ‬من‭ ‬جلدك؟‭ ‬يعني‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬عاريا‭ ‬رغم‭ ‬ملابسك‭ ‬الأنيقة‭. ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فمثلا‭ ‬خلال‭ ‬رحلة‭ ‬من‭ ‬سنغافورة‭ ‬إلى‭ ‬نيويورك،‭ ‬التي‭ ‬تستغرق‭ ‬19‭ ‬ساعة‭ ‬يفرز‭ ‬المسافرون‭ ‬500‭ ‬مليلتر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬الروائح‭ ‬المختلفة‭ ‬و150‭ ‬لترا‭ ‬من‭ ‬سوائل‭ ‬العرق،‭ ‬و‭... ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬أنهم‭ ‬ينتجون‭ ‬144‭ ‬لترا‭ ‬من‭ ‬غازات‭ ‬الجهاز‭ ‬الهضمي،‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬غازات‭ ‬الجهاز‭ ‬الهضمي‭!! ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬البلاوي‭ ‬تظل‭ ‬محبوسة‭ ‬داخل‭ ‬الطائرة‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مسافر‭ ‬يلتقط‭ ‬خلايا‭ ‬جلود‭ ‬الآخرين‭ ‬ويستنشق‭ ‬الغازات‭ ‬والروائح‭ ‬الآنفة‭ ‬الذكر،‭ ‬وتخيل‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬بالطائرة‭ ‬خمسة‭ ‬فقط‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬الهضم‭ ‬وواحد‭ ‬مصاب‭ ‬بالإيبولا‭ ‬وثالث‭ ‬مصاب‭ ‬بأنفلونزا‭ ‬الدجاج‭! ‬وأنت‭ ‬تشفط‭ ‬بعض‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬19‭ ‬ساعة،‭ ‬وقد‭ ‬يحس‭ ‬المسافر‭ ‬بالملل‭ ‬ويضع‭ ‬سماعة‭ ‬على‭ ‬أذنيه‭ ‬لمتابعة‭ ‬برنامج‭ ‬تلفزيوني‭ ‬أو‭ ‬مادة‭ ‬صوتية‭ ‬مسجلة،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬تتضاعف‭ ‬كمية‭ ‬الفيروسات‭ ‬في‭ ‬أذنه‭ ‬3500‭ ‬مرة‭!! ‬هل‭ ‬ستضحكون‭ ‬على‭ ‬أبي‭ ‬الجعافر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لأنه‭ ‬يعترف‭ ‬بأنه‭ ‬يخاف‭ ‬ركوب‭ ‬الطائرات‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬المنامة‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة؟‭ ‬كلنا‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬العجلة‭ ‬الندامة‭ ‬فلماذا‭ ‬يلهث‭ ‬بنو‭ ‬البشر‭ ‬لتحقيق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬عجل،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬أكل‭ ‬وجبة‭ ‬كاملة‭ ‬لا‭ ‬يستغرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬دقائق؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا