زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ويشككون في عواطفي
شكوت في مقالي ليوم أمس من علماء في جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية، الذين قالوا ان مخ الرجل يتقلص تدريجيا بعد سن العشرين، بدرجة انه قد يصل الى مرحلة لا يميِّز فيها بين ما هو محزن وما هو مفرح. وأحسب أنني مستهدف من قبل العلماء الخواجات (قل البيض إن شئت)، فقد أفتت مجموعة منهم بأنني لم أعرف السعادة الزوجية منذ أكثر من ثلاثين سنة، ولكن عزائي هو انني لا اعتقد ان أي خواجة حجة او مرجع في الشؤون العائلية أو الاجتماعية، فالزواج بل والعائلة نفسها صارت عندهم تحت بند «حضارات سادت ثم بادت»، يعني شيء انتهت موضته، وفي الإنترنت هناك موقع ذو شعبية كبيرة هو confetti.co.uk متخصص في أمور الزواج. اسمه كونفيتي وتعني تلك القصاصات الرقيقة الملونة التي يتم نثرها على العرسان يوم الزفاف تعبيرا عن الفرح والبهجة، وجاء في دراسة مسحية أجراها الموقع على أيدي باحثين مختصين شملت 4000 شخص، أن الزوجين يكونان في منتهى السعادة خلال السنوات الأولى من الزواج، والبريطانيون على نحو خاص يكونون في قمة السعادة الزوجية بعد مرور 11 شهرا على الزواج، (يعني قبلها يكونون في حالة توجّس وترقّب) وتضيف الدراسة ان سعادة الزوجين بعد انقضاء 3 سنوات على الزواج تكمن في كثير من الأحوال في التواصل مع الأقارب والأصدقاء بتبادل الزيارات أو حتى بارتياد أماكن عامة كالمطاعم والحدائق (يعني يصبح الزوجان مو طايقين بعض ولابد من تغيير الوجوه والأماكن).
ومن واقع تجربتي فإن الحب في الزواج لا يعني السير بأيدٍ متشابكة في الطرق والأسواق، ولا يعني المكالمات الهاتفية كل ساعتين أثناء ساعات عمل كلا، او أي من الطرفين: انت كويس يا حبيبي؟ اشتقت اسمع صوتك! في إمكانية زوغان من العمل؟ نفسي تكون جنبي دائما!! أو المسجات: واحشني. الشوق بحور وحضورك عطور ونفسك بخور و«أنا بقرة وانت ثور»!! طبعا هناك متزوجون ومتزوجات يستطيعون ممارسة تلك الأشياء والأقوال بصدق على مدى سنوات طويلة، ولكن غالبية الناس تعبر عن الحب للطرف الآخر في العلاقة الزوجية بالأفعال ذات القيمة الرمزية العالية أكثر من الأقوال. ولا أعني الهدايا، بل - مثلا -الاهتمام بصحة الآخر والتخفيف عنه إذا كان يعاني من علة أو ضيق نفسي.. كلمة شكر.. طبطبة على الكتف او الرأس (تكون رقيقة وليست بطريقة طخ طخ)، وفي العالم العربي عموما يتبادل الناس عبارات الحب الصريحة في الفترة التي تسبق الزواج، وبعد الزواج تصبح تلك العبارات من فصيلة «العيب»، فالرجل العربي قد لا يرى بأسا في مخاطبة زوجته بعبارات في منتهى الجلافة على مسمع من جلسائه: خلاص.. سامعك يا بنت الناس.. فكيني وارحميني، ولكن أهون عليه ان يخلع ضرسه بربطه بخيط مع أُكرة الباب ثم دفع الباب بعنف كي يسحب معه الضرس من أن يقول لها: حاضر حبيبتي.. تسلمي يا نور العين.
أعترف بأن قاموسي الرومانسي ضعيف منذ فترة ما قبل الزواج، ولكن المهم عندي هو عدم التعامل بجلافة مع الزوجة او غيرها من البشر. واعتقد ان الدراسة التي في موقع كونفيتي لا تعني ان الحب يموت بعد ثلاث سنوات من الزواج، ولكن أن التعبير عنه يتخذ أشكالا أخرى. وفي السودان نقول إن «الوِلِف» أي الالفة هي سر نجاح الزواج: تعيشان سويا في تآلف وتعتادان على بعضكما البعض و... خلاص.. وبالمقابل هناك زيجات يصاب طرفاها أو أحدهما بالتعاسة بعد مرور 3 أيام على الزفاف: مثلا تكتشف العروس ان زوجها فظ وجلف، أو يكتشف العريس ان عروسه بلهاء وتهتم بتوافه الأمور والبخور والتعاويذ والتمائم. وكثير من الرجال العرب يعتبرون معاملة الزوجة بغلظة نوعا من «المرجلة» وبعض النساء عندنا لا يبذلن أي جهد لخطب ود الزوج لأن «شيخ فسيخ» زودهن بتمائم تجعل الزوج خاتما في الإصبع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك