عالم يتغير
فوزية رشيد
سمو الإنسان والأسمى هو الرسول الأعظم
{ ونحن نتأمل ذكرى مولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ولا نتوقف عند الاختلافات حول يوم مولده، فإن ولادته ووصوله إلى أسمى المراتب البشرية والإنسانية، هي في حد ذاتها تجعلنا نتأمل أولاً قيمة الإنسان عند الله جل جلاله، باعتباره أسمى المخلوقات التي أمر الملائكة بالسجود له ممثلا في «آدم».
بداية خلق الإنسان العاقل، الذي علمه الله الأسماء كلها، تنتقل بعد ذلك معارف الله وعلومه التي أرادها لعمران الأرض والإنسان إلى كل البشر الذين أسسوا بعلوم الله تلك الحضارات الأوليات الأقدم وما بعدها، وقبل أن تُداخل تلك المعارف والعلوم الإلهية الشركيَّات والتلفيقات والتأويلات الباطلة مع تنامي العصور المختلفة!
{ وفي التأمل ذاته ندرك أن الإنسان السامي الذي حظِي بحرية الاختيار والإرادة، كان الرسول الأعظم هو الأكثر سموا وتجسيدا لكل ما أراده الله من الأنبياء صفوة البشر! وما أراده من الإنسان الذي نزلت له التعاليم الإلهية على أيدي هؤلاء الأنبياء بوحي منه، وتقديما وتشريفا لكل الرسالات السماوية ما بين شرائع ودين واحد هو الإسلام منذ بداية الإنسان العاقل فالدين عند الله هو الإسلام، لتصل الخلاصة إلى معجزة الإسلام على يد الرسول الأعظم، وحيث معجزته القرآن، النص الإلهي الأكثر قدسية في العالم، وآخر الرسالات وأتمتها وخاتمها، الذي يخاطب البشرية كلها والخلق كله، ويخاطب العقل المجرد الذي وصل إليه الإنسان بنص إلهي مجرد، صالح حتى يوم القيامة، وفي كل مرحلة تتضح معجزاته، ليري الله الإنسان الآيات في نفسه وفي الآفاق وفي كل الخلق! وبالرسول الأعظم آخر الأنبياء، تجلت كل الصفات السامية بل الأكثر سموا في الإنسان لتكون قدوة ورحمة للعالمين، عبر نموذج إنساني هو الأعظم وبالتقوى والخلق الذي وصفه الله: (إنك لعلى خلق عظيم) ليرتبط السمو الإنساني عبر كل العصور، بمبادئ الإسلام وقيمه منذ «آدم الرسول» وبالأخلاق السامية، التي تجلى ما هو أسمى فيها، في نبي البشرية كلها «محمد» صلى الله عليه وسلم. فهو نور هذا العالم الإنساني وسر قوة الدين الذي أنزله الله عليه متجليا فيه، ودرة التاج الإنساني وخير البشرية، ونبي «خير أمة أخرجت إلى الأرض» وكل من يتبع دينه فهو من أمة محمد «شرقا أو غربا» لأنه دين للبشرية كلها!
{ ونحن نتأمل مجيء الرسول الأعظم ويوم ولادته، ندرك أن هجمة «حزب الشيطان» كما جاء الوصف الإلهي لهم في القرآن! أو «النخبة الشيطانية» عبر العصور، كما درجت التسمية لهم، لم تكن فقط هجمة على دين الله متمثلاً في آخر الرسالات وآخر الأنبياء، وإنما هي هجمة على كل ما سبق من شرائع وعلى رأسها التوراة والإنجيل، وما لحق بهما من تلفيق وتحريف! كما هي الهجمة على (مكانة الإنسان السامية في الكون كله) والعمل على نزع السمو الإنساني الذي حباه الله به! ولأن الرسول الأعظم هو خير البشرية وقدوتها ونموذجها الإنساني الأسمى، طالته الهجمة الشيطانية أكثر من غيره، وبشكل متعمد وممنهج أرادوا بها تشويه صورته، وسمو الدين الذي جاء به لكل البشرية! حتى يسقطوا القدسية عن الدين وعن نموذجه الديني والإنساني الأسمى! أو عن الإنسان ككل! فيصبح الإنسان مستباحاً في عمله وروحه وأخلاقه وقيمه أي في دينه، وما أراده الله له من خُلقٍ تجسّد أعظمه في آخر الأنبياء، والرسول الأعظم كما قلنا!
{ ومنه نتأمل وبه ندرك أن هجمة «حزب الشيطان» أو هجمه «النخبة الشيطانية» قديماً وحتى الآن، هي قائمة على تجريد الإنسان من دينه ومن مكانته السامية بين الخلق، ولذلك أسست هذه النخبة، وهي المسيطرة منذ زمن طويل، لكل عوامل التفرقة والفتنة والصراعات والأزمات والحروب والأوبئة والسقوط الاخلاقي والفكري والديني! وأعلنت الحرب على الإنسان وعلى الإنسانية والبشرية وصولاً إلى تبرير قتله في الحروب، وإبادته، بنزع حتى صفة الإنسانية عنه، ويتجلى ذلك اليوم فيما يحدث في غزة، حين يروج شياطين العصر الصهاينة (أن الفلسطينيين حيوانات ويجب إبادتهم)! وهذا النزع لصفة الإنسانية عن الإنسان هي أكبر جرائم الحرب عبر العصور، التي مارسها المستعمرون والمتسلطون في كل حروبهم واحتلالاتهم عبر القارات الخمس المعروفة للشعوب التي احتلوها وأبادوا فيها!
{ اليوم وفي مواجهة كل العبث الشيطاني بالأرض والإنسان والبشرية بل وبكل الخلائق، فإن الإسلام وقوته الذاتية الكامنة بتعاليم الله النهائية لكل البشرية! هو وحده القادر على تفكيك هذا «العبث الشيطاني» من محتواه وسيطرته وقوة هيمنته عبر ترسيخ الإيمان بالله وبدينه القويم، وبرسوله الأعظم، كأسمى المخلوقات، وقد اصطفاه الله ليكون صاحب الرسالة الأعظم في الدنيا ووعده ووعد أمته، بحفظ النص المقدس في القرآن، لتجعلنا ذكرى مولده، كأشرف الخلق، مناسبة في كل عام، لتذكر سمو الإنسان! ولتذكر صفات الرسول الأعظم، والتشبث بها لمواجهة كل «عبث شيطاني» ضدّ البشرية كلها! وبالإيمان واليقين تبقى أمة محمد أينما كانت هي القادرة وحدها على المواجهة رغم ضعفها الحالي!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك