زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن المرور والكسور
يتباهى بعض الشباب بكسر القوانين وأكثر القوانين تعرضا للكسر هي قوانين المرور، على ما في ذلك من كسر للعظام وسفح للدماء وتجريف لما في الجيوب. ولهذا ففي كثير من المدن العربية، بإمكانك أن تصعد بسيارتك على الرصيف لتغير اتجاهك، لأنك - ما شاء الله - كثير «المشغوليات»، ولا وقت لديك للدوران حيث ينبغي الدوران، وتستطيع أيضا أن تقود سيارتك عكس حركة السير دون خوف من العواقب، لأن شرطة المرور عندنا لا تظهر في غالب الأحوال إلا بعد وقوع الفأس على الرأس، أي بعد وقوع حادث لكتابة تقرير عنه، ولو كنت صاحب «ظهر» أي مسنودا، ولو برقم لوحة مميز فـ«ما عليك» حتى لو كانت هناك كتيبة من شرطة المرور من حولك!! وفي بعض الدول العربية خالف قوانين المرور كما تشاء، بس خليك كريم وجيبك مليان، ولا بارك الله فيمن نفع واستنفع على حساب سلامة الناس!
وفي العديد من الدول العربية لم تصدر بعد قوانين تلزم السائقين والجالسين في المقاعد الأمامية في السيارات بربط أحزمة الأمان، لأن الموضوع «قيد الدراسة»، ونحن ما درسنا شيئا إلا ضيعناه وضعنا معه، ثم لماذا الدراسة والمسألة بكل بساطة تتعلق بسلامة البشر؟ كل ما يتطلبه الأمر هو إعطاء الناس مهلة شهرين لتزويد السيارات القديمة بأحزمة وبعدها يبدأ تغريم المخالفين لقانون ربط الحزام، وطبعا كل حركة معها بركة، وبالتالي يمكن إعطاء شخص متنفذ رخصة استيراد أحزمة بالملاليم من الصين ليجمع الملايين بالعملات المحترمة، وأعود إلى «بارك الله في من نفع واستنفع»، وهي مقولة صرنا للأسف نستخدمها في معرض تقديم وقبول الرشا المكشوفة والمستترة (العمولات)، بل صرنا نسمي الرشوة «إكرامية» وهكذا ابتذلنا كلمة ذات قيمة ودلالات عالية لأنها تعني الكرم والتكريم والإكرام، وشتان ما بينها وبين الحرام، وفي إحدى الدول العربية التي تلزم السائقين بربط الأحزمة، يقوم بعض الشبان بدهن قمصانهم بخطوط مائلة من الكتف الأيسر حتى الفخذ الأيمن مما يوحي للناظرين بأنهم يرتدون الأحزمة!! أي سذاجة وأي غفلة أن يتحايل إنسان في أمر يتعلق بمصلحته وعافيته!!؟
في السويد أوقف شرطي رجلا وحرر له غرامة لأنه رآه يستخدم هاتفه الجوال أثناء قيادة السيارة، ولكن الرجل أخرج الجوال من درج السيارة، وأثبت للشرطي أن آخر مكالمة أجراها من ذلك الهاتف كانت في الليلة الفائتة، فسأله الشرطي: ولكنني رأيتك واضعا يدك اليمني على أذنك لمسافة طويلة، فقال الرجل إنه يفعل ذلك دائما، أي إنها حركة عصبية لاإرادية اعتاد عليها، عندئذ أصر الشرطي على تغريمه من منطلق أن الغرض من تحريم استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة هو إرغام السائق على استخدام يديه الاثنتين في القيادة!! ومثلت كاثرين نيكون أمام محكمة أمريكية بعد أن ضبطتها الشرطة وهي ترضع طفلها أثناء قيادة السيارة، ودافعت عن نفسها بأن الطفل صرخ من فرط الجوع، فلم تجد مناصا من إرضاعه وهي ممسكة بعجلة القيادة بيد واحدة!! كانت تلك مخالفة جسيمة لأن المرأة عرضت حياتها وحياة طفلها للخطر، والقانون ينص على أن تذهب المرأة للسجن، ولكن القاضي رأى أن في ذلك قسوة على الطفل، لأنه إما أن يبقى معها في السجن أو يبقى مع بعض الأقارب، فحكم عليها بالحبس المنزلي لثلاثة أشهر لا تغادر خلالها البيت، وترضع طفلها «على مزاجها»! وفي العديد من الدول العربية فشل نظام هواتف السيارات القديم المعروف بـ«ماتس»، وهي هواتف تماثلية، لأن جميع المشتركين في الخدمة كانوا يعتبرون استخدام الهواتف فور ركوبهم سياراتهم فرض عين، ومن ثم كانت الشبكات تتعرض للضغوط والاختناقات وتعجز عن تمرير المكالمات!! ولو كانت بعض حكوماتنا تعرف مصالحها لجعلت من استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة مخالفة، غرامتها ألف دولار، ولامتلأت خزائنها بالملايين في يوم واحد، بحيث تختفي عجوزات الميزانيات خلال سنة واحدة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك