العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

من حماية الإنسانية إلى حماية البشرية!

{‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬منه،‭ ‬كانت‭ ‬مناسبة‭ ‬‮«‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني‮»‬‭ ‬حسب‭ ‬احتفاء‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬به،‭ ‬وبهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬شعار‭ (‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لنحمي‭ ‬الإنسانية‭) ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أقرت‭ ‬بأن‭ (‬عام‭ ‬2023‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬دموية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإنساني‭)! ‬تلك‭ ‬الدموية‭ ‬والوحشية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬وازدادت‭ ‬وطأتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬انتهاء‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الإبادة‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬وأن‭ ‬المتطوعين‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني‭ ‬هناك‭ ‬أصابهم‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬استهداف‭ ‬حياتهم‭! ‬لتعلن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وآخرها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬توقف‭ ‬عملياتها‭ ‬الإنسانية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بمحو‭ ‬مقرّها‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬لأنها‭ ‬تحاول‭ ‬حماية‭ ‬من‭ ‬تنعتهم‭ ‬بالحيوانات‭! ‬أي‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الذين‭ ‬يجب‭ ‬محوهم‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭!  ‬فأية‭ ‬إنسانية‭ ‬أبقاها‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬وداعموه‭ ‬لتحميها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظماتها‭ ‬الإنسانية؟‭!‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخارج‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭ ‬والمواثيق‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تغيرّ‭ ‬في‭ ‬عضوية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لتدخل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬منحاز‭ ‬ضدّ‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬منحازة‭!‬

{‭ ‬هذه‭ ‬السخافة‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بكل‭ ‬الأسس‭ ‬الإنسانية،‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬كوارثها‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مثلما‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬معاقبة‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬والجنائية‭ ‬والدولية‭ ‬ونسف‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬هي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬معاقبة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بحجة‭ ‬الانحياز‭ ‬ضدّ‭ ‬الهمجية‭ ‬والقتل‭ ‬الوحشي‭ ‬والإبادة‭! ‬ليخرج‭ ‬لنا‭ ‬معنى‭ ‬جديد‭ ‬يتم‭ ‬التأسيس‭ ‬عليه،‭ ‬وهو‭ ‬اعتبار‭ ‬كل‭ ‬إدانة‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬مضاد‭ ‬للإبادة‭ ‬والقتل‭ ‬هو‭ ‬‮«‬انحياز‮»‬‭ ‬مرفوض‭!‬

وبذلك‭ ‬يتم‭ ‬التأسيس‭ ‬لمعنى‭ ‬خطير‭ ‬ولمفهوم‭ ‬كارثي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬وكيانهم‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬قتل‭ ‬الإنسان‭ ‬وقتل‭ ‬الإنسانية‭ ‬وإبادتها‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الوقوف‭ ‬ضده،‭ ‬أو‭ ‬إدانته،‭ ‬أو‭ ‬فضحه،‭ ‬أو‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬ضدّه‭ ‬فكل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬انحياز‭! ‬وأن‭ ‬‮«‬حماية‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬خصصت‭ ‬له‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬يومًا‭ ‬عالميًّا،‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬خرافة‭ ‬وإفساد‭ ‬للوحشية‭ ‬والهمجية،‭ ‬التي‭ ‬يرعاها‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الغربي‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬المايسترو‭ ‬الأمريكي‭!‬

{‭ ‬لن‭ ‬نتحدث‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬عن‭ ‬غزة،‭ ‬لأن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬فظائع‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬ودوله‭ ‬وقياداته‭ ‬ورؤسائه‭ ‬ومنهم‭ ‬زعماء‭ ‬الغرب‭!‬

فالوصف‭ ‬أصبح‭ ‬حتى‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬خيال‭! ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬للبشر‭ ‬أطفالاً‭ ‬ونساء‭ ‬ورجالاً،‭ ‬تم‭ ‬اختصاره‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وداعميه‭ ‬بأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬حيوانات‭ ‬يجب‭ ‬محوها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭! ‬أمام‭ ‬هكذا‭ ‬همجية‭ ‬محمية‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬التي‭ ‬فاقت‭ ‬في‭ ‬موقفها‭ ‬تجاه‭ ‬إبادة‭ ‬الإنسان‭ ‬كل‭ ‬الأيديولوجيات‭ ‬المعروفة‭ ‬من‭ ‬نازية‭ ‬وفاشية‭ ‬وعنصرية‭ ‬وتطرف‭ ‬وحشي،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تكريسه‭ ‬هو‭ ‬بعد‭ ‬إنهاء‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والدينية،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المفترض‭ ‬أنها‭ ‬تمثلها،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ (‬ادعاء‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭)! ‬ليكون‭ ‬ذلك‭ ‬مدخلاً‭ ‬سرياليًا‭ ‬ومجنونًا‭ ‬لتكريس‭ ‬إبادة‭ ‬البشرية‭ ‬نفسها‭! ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬تجاوزًا‭ ‬وعبورًا‭ ‬فوق‭ ‬جسر‭ ‬الكوابيس،‭ ‬التي‭ ‬ترسم‭ ‬الهاوية‭ ‬للبشرية‭ ‬والإنسانية‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬سواء‭!‬،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭ ‬وبتصريحات‭ ‬غربية‭ ‬تتقن‭ ‬اللعب‭ ‬بالكلمات‭ ‬وهي‭ ‬تقلب‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭ ‬أيضًا‭ ‬وبكل‭ ‬وقاحة‭ ‬الباطل‭ ‬إلى‭ ‬حق‭!‬،‭ ‬والهمجية‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭! ‬والوحشية‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬إلى‭ ‬طقس‭ ‬روتيني‭!‬

{‭ ‬اليوم‭ ‬يريدون‭ ‬إنهاء‭ ‬البشرية‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬سواء‭ ‬بالأوبئة‭ ‬أو‭ ‬بحرب‭ ‬المناخ‭ ‬أو‭ ‬بـ‭ (‬الهايبر‭) ‬أو‭ ‬بالترددات‭ ‬الشيطانية،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬إشعال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة،‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬الغرب‭ ‬و«نخبته‭ ‬الشيطانية‮»‬‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬موسيقاها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزويد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالصواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لضرب‭ ‬العمق‭ ‬الروسي‭! ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬وصول‭ ‬الاستفزاز‭ ‬الغربي‭ ‬إلى‭ ‬أقصاه‭ ‬ضدّ‭ ‬روسيا،‭ ‬وهو‭ ‬الاستفزاز‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الروسي،‭ ‬وبذلك‭ ‬تبدأ‭ ‬كارثة‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬النووية‮»‬‭ ‬في‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬تعليقًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬فظائع‭ ‬وعدم‭ ‬استقرار،‭ ‬و‭(‬منهجه‭ ‬الوحشية‭ ‬والهمجية‭)‬،‭ ‬والتلاعب‭ ‬بالمصير‭ ‬البشري‭ ‬برمته‭! ‬وهدم‭ ‬كل‭ ‬أسس‭ ‬الحضارات‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬تم‭ ‬التعارف‭ ‬عليها‭! ‬فإن‭ ‬الإنسانية‭ ‬والبشرية‭ ‬بحاجة‭ ‬معًا‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬صفوفها،‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬المدّ‭ ‬الشيطاني‮»‬‭ ‬الطاغي،‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬باختصار‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الحياة‭ ‬عل‭ ‬الأرض‭! ‬والاستعجال‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬الوهمية‮»‬‭ ‬لظهور‭ ‬‮«‬دجالهم‭ ‬المسيح‮»‬‭! ‬إنه‭ ‬العبث‭ ‬الشيطاني‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يوقفه‭ ‬إلا‭ ‬انتفاضة‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬ضدّ‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭! ‬ووصل‭ ‬في‭ ‬طغيانه‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬والبشرية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬غرائبية‭ ‬مجنونة‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬ستصل‭ ‬إليه‭! ‬العالم‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬مجانين‭ ‬شيطانيين‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭ ‬العلي‭ ‬العظيم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا