عالم يتغير
فوزية رشيد
من حماية الإنسانية إلى حماية البشرية!
{ في الشهر الماضي وتحديدًا في 19 منه، كانت مناسبة «اليوم العالمي للعمل الإنساني» حسب احتفاء الأمم المتحدة به، وبهذه المناسبة تم رفع شعار (حان الوقت لنحمي الإنسانية) ولكنها في ذات الوقت أقرت بأن (عام 2023 هو الأكثر دموية على الإطلاق للعاملين في المجال الإنساني)! تلك الدموية والوحشية التي استمرت وازدادت وطأتها في عام 2024 ونحن على مشارف انتهاء عام كامل من «حرب الإبادة» في غزة! وأن المتطوعين للعمل الإنساني هناك أصابهم ما أصاب أهل غزة من استهداف حياتهم! لتعلن الأمم المتحدة أكثر من مرة وآخرها في هذا الشهر توقف عملياتها الإنسانية، في ظل استمرار تصريحات «الكيان الصهيوني» ضد «الأمم المتحدة» التي تطالب بمحو مقرّها في غزة! لأنها تحاول حماية من تنعتهم بالحيوانات! أي الفلسطينيين، الذين يجب محوهم من على وجه الأرض! فأية إنسانية أبقاها هذا الكيان وداعموه لتحميها الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية؟!
في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة وخارج كل الحدود والمواثيق إلى أن تغيرّ في عضوية الأمم المتحدة، لتدخل فيها من هو غير منحاز ضدّ الكيان الصهيوني! باعتبار أن الأمم المتحدة منحازة!
{ هذه السخافة التي تضرب عرض الحائط بكل الأسس الإنسانية، التي أنتجت كوارثها حرب الإبادة، فإن الولايات المتحدة مثلما تسعى إلى معاقبة «المحكمة الدولية» والجنائية والدولية ونسف المنظمات الإنسانية، هي تسعى إلى معاقبة الأمم المتحدة، بحجة الانحياز ضدّ الهمجية والقتل الوحشي والإبادة! ليخرج لنا معنى جديد يتم التأسيس عليه، وهو اعتبار كل إدانة أو موقف مضاد للإبادة والقتل هو «انحياز» مرفوض!
وبذلك يتم التأسيس لمعنى خطير ولمفهوم كارثي إلى جانب كل الكوارث التي تسببت بها الولايات المتحدة والغرب وكيانهم الصهيوني في العالم! وهو أن قتل الإنسان وقتل الإنسانية وإبادتها لا يجب الوقوف ضده، أو إدانته، أو فضحه، أو اتخاذ موقف ضدّه فكل ذلك هو انحياز! وأن «حماية الإنسانية» الذي خصصت له «الأمم المتحدة» يومًا عالميًّا، هو مجرد خرافة وإفساد للوحشية والهمجية، التي يرعاها «النظام الغربي» بقيادة المايسترو الأمريكي!
{ لن نتحدث هذه المرة عن غزة، لأن الحديث عن ما يحدث فيها من فظائع وجرائم حرب هي على مرأى ومسمع من كل شعوب العالم ودوله وقياداته ورؤسائه ومنهم زعماء الغرب!
فالوصف أصبح حتى خارج أي خيال! لأن ما يحدث من انتهاكات للبشر أطفالاً ونساء ورجالاً، تم اختصاره من الكيان الصهيوني وداعميه بأن هؤلاء حيوانات يجب محوها من على وجه الأرض! أمام هكذا همجية محمية من أكبر دول الغرب التي فاقت في موقفها تجاه إبادة الإنسان كل الأيديولوجيات المعروفة من نازية وفاشية وعنصرية وتطرف وحشي، فإن ما يتم تكريسه هو بعد إنهاء كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، والمؤسسات الدولية المفترض أنها تمثلها، للوصول إلى (ادعاء الحق في الإبادة وجرائم الحرب)! ليكون ذلك مدخلاً سرياليًا ومجنونًا لتكريس إبادة البشرية نفسها! مما يعني تجاوزًا وعبورًا فوق جسر الكوابيس، التي ترسم الهاوية للبشرية والإنسانية على حدّ سواء!، ويتم ذلك على المكشوف وبتصريحات غربية تتقن اللعب بالكلمات وهي تقلب على المكشوف أيضًا وبكل وقاحة الباطل إلى حق!، والهمجية إلى ضرورة! والوحشية في الإبادة إلى طقس روتيني!
{ اليوم يريدون إنهاء البشرية بكل الطرق سواء بالأوبئة أو بحرب المناخ أو بـ (الهايبر) أو بالترددات الشيطانية، وصولاً إلى إشعال الحرب العالمية الثالثة، التي بدأ الغرب و«نخبته الشيطانية» العزف على موسيقاها، من خلال تزويد أوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي! مما يعني وصول الاستفزاز الغربي إلى أقصاه ضدّ روسيا، وهو الاستفزاز الذي قد يدفع إلى استخدام النووي من الجانب الروسي، وبذلك تبدأ كارثة «الحرب النووية» في العالم!
{ تعليقًا على كل ما يحدث في عالم اليوم من فظائع وعدم استقرار، و(منهجه الوحشية والهمجية)، والتلاعب بالمصير البشري برمته! وهدم كل أسس الحضارات الإنسانية من مبادئ وقيم تم التعارف عليها! فإن الإنسانية والبشرية بحاجة معًا إلى إعادة صفوفها، لمواجهة هذا «المدّ الشيطاني» الطاغي، الذي يعمل باختصار على إنهاء الحياة عل الأرض! والاستعجال بالوصول إلى «يوم القيامة الوهمية» لظهور «دجالهم المسيح»! إنه العبث الشيطاني الذي لن يوقفه إلا انتفاضة الدول والشعوب ضدّ هذا النهج الغربي الذي تجاوز كل الحدود! ووصل في طغيانه ضد الإنسانية والبشرية إلى «غرائبية مجنونة» لا يعرف إلا الله وحده المدى الذي ستصل إليه! العالم في قبضة مجانين شيطانيين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك