العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الناس مقامات وطبقات!

حتى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬حلم‭ ‬أفلاطون‭ ‬بقيام‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬فاضلة‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬ناس‭ ‬فوق‭ ‬وناس‭ ‬تحت،‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬‮«‬فوق‮»‬‭ ‬يحظون‭ ‬أينما‭ ‬كانوا‭ ‬بمعاملة‭ ‬طيبة،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬دونهم‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬فليس‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬المعاملة‭ ‬الطيبة‭ ‬كبير‭ ‬نصيب،‭ ‬وإليكم‭ ‬حكاية‭ ‬لا‭ ‬أملُّ‭ ‬استعادتها،‭ ‬كلما‭ ‬مر‭ ‬بي‭ ‬شخص‭ ‬يمارس‭ ‬الاستعلاء‭ ‬الطبقي‭ ‬او‭ ‬الاجتماعي‭ ‬او‭ ‬القبلي‭ ‬على‭ ‬آخر،‭ ‬وتتعلق‭ ‬بدخول‭ ‬رجل‭ ‬مبهدل‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬البنوك،‭ ‬وصياحه‭ ‬في‭ ‬الموظف‭ ‬بغلظة‭: ‬أريد‭ ‬فتح‭ ‬حساب‭ ‬زفت‭ ‬جاري‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬زفت‭ ‬هذا‭!! ‬رد‭ ‬الموظف‭ ‬عليه‭ ‬بتهذيب‭: ‬عفوا،‭ ‬ماذا‭ ‬قلت؟‭ ‬فارتفع‭ ‬صوت‭ ‬الرجل‭ ‬أكثر‭: ‬قلت‭ ‬لك‭ ‬يا‭ ‬حمار‭ ‬يا‭ ‬غبي‭ ‬يا‭ ‬بهيمة‭ ‬إنني‭ ‬أريد‭ ‬فتح‭ ‬زفت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزفت‭!! ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الموظف‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬احتج‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬اللغة‭ ‬غير‭ ‬لائقة‭ ‬في‭ ‬البنك‭: ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بنكنا‭ ‬زفتا‭ ‬مثل‭ ‬ألفاظك‭ ‬فابحث‭ ‬عن‭ ‬بنك‭ ‬آخر‭ ‬تفتح‭ ‬فيها‭ ‬الزفت‭ ‬الذي‭ ‬ستضع‭ ‬فيه‭ ‬مالك‭ ‬الزفت،‭ ‬ولما‭ ‬ظل‭ ‬العميل‭ ‬واقفا‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬بازدراء،‭ ‬توجه‭ ‬الموظف‭ ‬إلى‭ ‬المدير‭ ‬وأبلغه‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬العميل‭ ‬الصفيق،‭ ‬فجاء‭ ‬مدير‭ ‬البنك‭ ‬إلى‭ ‬العميل‭: ‬يا‭ ‬سيد‭ ‬يا‭ ‬محترم،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نسمح‭ ‬لأحد‭ ‬بإهانة‭ ‬موظفينا‭ ‬ولو‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬حقك‭ ‬فعليك‭ ‬ان‭ ‬تتقدم‭ ‬بشكوى‭ ‬لي‭ ‬وأنا‭ ‬أتولى‭ ‬محاسبته،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬بالضبط؟‭ ‬فرد‭ ‬الرجل‭ ‬على‭ ‬المدير‭ ‬بعصبية‭: ‬بلاش‭ ‬فلفسة‭ (‬يقصد‭ ‬فلسفة‭ ‬والفلسفة‭ ‬عند‭ ‬الجهلة‭ ‬هي‭ ‬الثرثرة‭ ‬واللقلقة‭)‬،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬فزت‭ ‬بعشرين‭ ‬مليون‭ ‬زفت‭ ‬في‭ ‬اللوتري‭ (‬اليانصيب‭) ‬وأريد‭ ‬فتح‭ ‬حساب‭ ‬زفت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البنك‭ ‬المزفت،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬مدير‭ ‬البنك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التفت‭ ‬إلى‭ ‬موظفه‭: ‬وهذا‭ ‬الزفت‭ ‬الغبي‭ ‬رفض‭ ‬تلبية‭ ‬طلبك‭ ‬على‭ ‬الفور؟‭ ‬امسحها‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ ‬وسامحه‭ ‬فهو‭ ‬غبي‭ ‬جاهل‭. ‬وما‭ ‬ينبغي‭ ‬عليك‭ ‬تعلمه‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يجوز‭ ‬للغني‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لك‭ ‬أنت‭ ‬يا‭ ‬تعبان‭!!!‬

والآن‭ ‬نتابع‭ ‬حكاية‭ ‬مدير‭ ‬آخر‭ ‬استدعى‭ ‬موظفا‭ ‬صغيرا،‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬وهو‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬ماكينة‭ ‬تقطيع‭ ‬الأوراق‭ (‬شريدر‭): ‬لقد‭ ‬غادرت‭ ‬سكرتيرتي‭ ‬المكتب،‭ ‬وأريد‭ ‬تصوير‭ ‬هذا‭ ‬المستند‭ ‬المهم،‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬كيفية‭ ‬تشغيل‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الموظف‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أدخل‭ ‬الورقة‭ ‬في‭ ‬حافة‭ ‬الجهاز‭ ‬وبحث‭ ‬عن‭ ‬زر‭ ‬التشغيل‭ ‬حتى‭ ‬عثر‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬بالضغط‭ ‬عليه،‭ ‬وعندما‭ ‬سحب‭ ‬الجهاز‭ ‬الورقة‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬صاح‭ ‬المدير‭: ‬ممتاز‭..‬عظيم‭!! ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬مخك‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬‮«‬تخين‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬مخ‭ ‬ذلك‭ ‬المدير،‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬أوضح‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الورقة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬للجهاز‭ ‬في‭ ‬شرائح‭ ‬طويلة‭ ‬تشبه‭ ‬الشعيرية،‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عرض‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سنتيمتر‭ ‬واحد،‭ ‬يعني‭ ‬تعرض‭ ‬المستند‭ ‬للتقطيع‭ ‬الشامل،‭ ‬وما‭ ‬ينبغي‭ ‬عليك‭ ‬تعلمه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المنصب‭ ‬الكبير‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬شاغله‭ ‬يفهم‭ ‬أبجديات‭ ‬العمل،‭ ‬بل‭ ‬ولا‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬أدوات‭ ‬العمل‭ ‬المكتبي‭.‬

والحكاية‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ (‬طبعة‭ ‬العولمة‭) ‬وهي‭ ‬عن‭ ‬أمريكي‭ ‬وفرنسي‭ ‬وروسي‭ ‬وألماني،‭ ‬عثروا‭ ‬على‭ ‬مصباح‭ ‬علاء‭ ‬الدين‭ ‬السحري‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضيعه‭ ‬العرب‭ ‬كما‭ ‬ضيعوا‭ ‬تاريخهم‭ ‬كله،‭ ‬ومستقبلهم‭ ‬القريب،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬متوقع‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لكل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬أمنية‭ ‬ولكن‭ ‬تتعلق‭ ‬بحوض‭ ‬سباحة‭ ‬كانوا‭ ‬يقفون‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬منه‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬كلٌ‭ ‬طلبه‭ ‬بكلمة‭ ‬واحدة،‭ ‬ولم‭ ‬يتردد‭ ‬الفرنسي‭ ‬وصاح‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬‮«‬نبيذ‮»‬،‭ ‬ولأن‭ ‬الروسي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬بوريس‭ ‬يلتسين‭ ‬الذي‭ ‬نسي‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬السكر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬بلد‭ ‬كان‭ ‬يوما‭ ‬ما‭ ‬قوة‭ ‬عظمى،‭ ‬فقد‭ ‬صاح‭ ‬‮«‬فودكا‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬الألماني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬المسخرة،‭ ‬فقد‭ ‬صاح‭ ‬‮«‬ذهب‮»‬‭ ‬فكان‭ ‬لكل‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬أراد،‭ ‬وجاء‭ ‬الدور‭ ‬على‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬فإن‭ ‬الأمريكان‭ ‬ألسنتهم‭ ‬متبرئة‭ ‬منهم،‭ ‬والأمريكي‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬إظهار‭ ‬المودة‭ ‬لجاره‭ ‬ناداه‭ ‬‮«‬ابن‭ ‬السفاح‮»‬،‭ ‬وهكذا‭ ‬توجه‭ ‬الأمريكي‭ ‬نحو‭ ‬حوض‭ ‬السباحة‭ ‬وهو‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬ماذا‭ ‬يطلب‭ ‬ولكن‭ ‬قدمه‭ ‬زلت‭ ‬وهوى‭ ‬إلى‭ ‬الحوض‭ ‬وهو‭ ‬يصيح‭ ‬‮«‬زفت‮»‬‭ ‬بأمانة‭ ‬هو‭ ‬قال‭ ‬‮«‬shit‭ ‬شِت‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬كلمة‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬لسان‭ ‬كل‭ ‬أمريكي‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬كلمات‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا