زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
الناس مقامات وطبقات!
حتى الآن لم يتحقق حلم أفلاطون بقيام مدينة «فاضلة»، ولا يوجد بلد في العالم ليس فيه ناس فوق وناس تحت، ومن هم «فوق» يحظون أينما كانوا بمعاملة طيبة، أما من هم دونهم في السلم الاجتماعي والاقتصادي فليس لهم من المعاملة الطيبة كبير نصيب، وإليكم حكاية لا أملُّ استعادتها، كلما مر بي شخص يمارس الاستعلاء الطبقي او الاجتماعي او القبلي على آخر، وتتعلق بدخول رجل مبهدل إلى أحد البنوك، وصياحه في الموظف بغلظة: أريد فتح حساب زفت جاري في بنك زفت هذا!! رد الموظف عليه بتهذيب: عفوا، ماذا قلت؟ فارتفع صوت الرجل أكثر: قلت لك يا حمار يا غبي يا بهيمة إنني أريد فتح زفت في هذا الزفت!! فما كان من الموظف إلا أن احتج لأن تلك اللغة غير لائقة في البنك: إذا كان بنكنا زفتا مثل ألفاظك فابحث عن بنك آخر تفتح فيها الزفت الذي ستضع فيه مالك الزفت، ولما ظل العميل واقفا ينظر إليه بازدراء، توجه الموظف إلى المدير وأبلغه بما كان من ذلك العميل الصفيق، فجاء مدير البنك إلى العميل: يا سيد يا محترم، نحن لا نسمح لأحد بإهانة موظفينا ولو أخطأ في حقك فعليك ان تتقدم بشكوى لي وأنا أتولى محاسبته، فما الذي حدث بالضبط؟ فرد الرجل على المدير بعصبية: بلاش فلفسة (يقصد فلسفة والفلسفة عند الجهلة هي الثرثرة واللقلقة)، وما حدث هو أنني فزت بعشرين مليون زفت في اللوتري (اليانصيب) وأريد فتح حساب زفت في هذا البنك المزفت، فما كان من مدير البنك إلا أن التفت إلى موظفه: وهذا الزفت الغبي رفض تلبية طلبك على الفور؟ امسحها في وجهي وسامحه فهو غبي جاهل. وما ينبغي عليك تعلمه أيها القارئ هو أنه يجوز للغني ما لا يجوز لك أنت يا تعبان!!!
والآن نتابع حكاية مدير آخر استدعى موظفا صغيرا، وطلب منه وهو يقف أمام ماكينة تقطيع الأوراق (شريدر): لقد غادرت سكرتيرتي المكتب، وأريد تصوير هذا المستند المهم، ولكنني لا أعرف كيفية تشغيل هذا الجهاز، فما كان من الموظف إلا أن أدخل الورقة في حافة الجهاز وبحث عن زر التشغيل حتى عثر عليه، ثم قام بالضغط عليه، وعندما سحب الجهاز الورقة إلى الداخل صاح المدير: ممتاز..عظيم!! وإذا كان مخك أيها القارئ «تخين»، مثل مخ ذلك المدير، فلابد أن أوضح لك أن تلك الورقة خرجت من الطرف الثاني للجهاز في شرائح طويلة تشبه الشعيرية، لا يزيد عرض أي منها على سنتيمتر واحد، يعني تعرض المستند للتقطيع الشامل، وما ينبغي عليك تعلمه من هذه الحكاية هو أن المنصب الكبير لا يعني أن شاغله يفهم أبجديات العمل، بل ولا كيفية استخدام أدوات العمل المكتبي.
والحكاية الثالثة من كتاب ألف ليلة وليلة (طبعة العولمة) وهي عن أمريكي وفرنسي وروسي وألماني، عثروا على مصباح علاء الدين السحري بعد أن ضيعه العرب كما ضيعوا تاريخهم كله، ومستقبلهم القريب، وكما هو متوقع فقد كان لكل واحد منهم أمنية ولكن تتعلق بحوض سباحة كانوا يقفون على مقربة منه ، على أن يحدد كلٌ طلبه بكلمة واحدة، ولم يتردد الفرنسي وصاح على الفور «نبيذ»، ولأن الروسي كان من طراز بوريس يلتسين الذي نسي من فرط السكر أنه كان رئيس بلد كان يوما ما قوة عظمى، فقد صاح «فودكا»، أما الألماني الذي لا يعرف المسخرة، فقد صاح «ذهب» فكان لكل منهم ما أراد، وجاء الدور على الأمريكي، وكما هو معلوم فإن الأمريكان ألسنتهم متبرئة منهم، والأمريكي إذا أراد إظهار المودة لجاره ناداه «ابن السفاح»، وهكذا توجه الأمريكي نحو حوض السباحة وهو يفكر في ماذا يطلب ولكن قدمه زلت وهوى إلى الحوض وهو يصيح «زفت» بأمانة هو قال «shit شِت»، وهي كلمة تخرج من لسان كل أمريكي ثلاث مرات في كل جملة من خمس كلمات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك