زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
النزاع حول بطة
وغزة العِزة والبسالة تقدم للعالم معنى الصمود والبطولة، تقف السلطة الفلسطينية في الضفة الأخرى، مغلولة الأيدي، طويلة اللسان «تستنكر وتشجب»، فاستحضرت حكاية توضح نوع العلاقة بين السلطة الفلسطينية والدولة العبرية:
نجح صياد فلسطيني في إسقاط بطة طائرة بطلق ناري، ولكن البطة السخيفة هوت في أرض يسيطر عليها مستوطن يهودي، ولما ذهب الصياد الفلسطيني لأخذ البطة بمنطق أنه قام برميها وإسقاطها، رفض اليهودي تسليمها إياه زاعما أنها ملكه لأنها سقطت على أرضه، واحتدم الجدل بين الرجلين الجارين ولكن اليهودي ركب راسه ورفض تسليم البطة إلى الفلسطيني، فاضطر الأخير إلى العودة إلى بيته، مقررا الانتقام، وبدأ هو وأطفاله يرشقون اليهودي بالحجارة بين الحين والآخر مما اضطر اليهودي إلى عرض اقتراح يحسم ملكية وأيلولة البطة.
كانت خلاصة الاقتراح الذي قدمه اليهودي كما يلي: يضرب كل منا الآخر بقوة بقدمه بين الفخذين ومن يثبت قدرة عالية على تحمل الألم يفوز بالبطة، ولأنني صاحب الاقتراح فإنني سأبدأ الضرب، فوافق المزارع الفلسطيني على الاقتراح وهو يمني نفسه بضرب اليهودي بقوة تقطع نسله، وهكذا بادر اليهودي بضرب جاره الفلسطيني شلوتا قويا جعله يفقد توازنه ويتلوى من الألم لعدة ساعات، وهو مستلق على الأرض، ثم التقط أنفاسه ونهض مترنحا ليقوم بتوجيه الضربة القاضية على النسل لليهودي، ولكن الملعون نظر إليه مبتسما وقال: لا داعي للضرب، واعترف لك بأنني سأتألم وأولول حتى يسمع صرخاتي القاصي والداني وبالتالي خذ البطة.. حلال عليك.
ولأنني لا أحترم ذكاء القراء فإنني أوضح أن البطة هي تناتيف الأراضي التي حصلت عليها السلطة بثمن مرتفع، ومؤلم وبعد فوات الأوان too little too late .
رغم أنها مالكتها الأصلية، أما الكيفية التي تتعامل بها السلطة الفلسطينية مع رعاياها من حيث ادعاء بعد النظر واستشراف المستقبل، «وضعوا ثقتكم فينا وحطوا في بطونكم بطيخة صيفية وشماما شتويا»، فتذكرني بحكاية شعبية صومالية تقول إن رجلا فقد القدرة على الإبصار إلى حد بعيد، ولكنه كان يعاند ويزعم أنه مبصر، وكان يحب فتاة من قريته، سمع منها وعنها ما يؤكد أنها فاتنة، فيزيده هذا ادعاء بأنه أزرق اليمامة، فيتغزل بمحاسنها وألوان ملابسها وهو في حقيقة الأمر لم يعد قادرا حتى على رؤية تفاصيل وجهها، وكي يقنع فتاته بأنه مبصر، اختار ذات يوم شجرة على الطريق الذي تمر به الفتاة عادة وهي تسوق أغنامها إلى القرية وغرس في ساق الشجرة إبرة ثم جلس تحت شجرة مقابلة، وما أن مرت به فتاة الأحلام حتى دعاها إلى الجلوس إلى جواره، ففعلت. وبعد تبادل بعض العبارات التقليدية حدق النظر فجأة في الشجرة الأخرى وقال: هل ذاك الشيء المغروس في ساق تلك الشجرة إبرة؟ وأمعنت الفتاة النظر ولكنها، وهي المبصرة تماما لم تر الإبرة، بسبب بعد المسافة، ولأنه كما نعرف جميعا تصعب رؤية الإبرة حتى وهي على بعد متر واحد من الناظر وليثبت العاشق المستهام أن الحبيبة تعاني من ضعف النظر وأن بصره حديد، نهض وهو يقول: أنا متأكد انها إبرة وتوجه نحو الشجرة المقابلة، ولسوء حظه كان جمل عبيط قد أناخ أمامها فاصطدم به الرجل وسقط أرضا، وطارت الإبرة ومعها عروس الأحلام (لأن من لا يستطيع رؤية جمل على بُعد سنتيمترات.. أكمل الجملة من عندك أيها القارئ).
ومن الأمثال العربية أنه إذا قال لك شخصان إن رقبتك معوجة فعليك بتحسسها، وإذا قالت الملايين للسلطويين إن نتنياهو امتداد لهيرتزل وبن جوريون وجولدا مائير، فعليهم أن يصدقوها، وإذا كانوا نصف جادين في محو آثار وعد بلفور، فعليهم أن يتمسكوا بـ«وعد جعفور الإخشيدي العبسي»، وخلاصته في بيت الشعر القائل:
فما ضاع حق لم ينم عنه أهله / ولا ناله في العالمين مُقصّرُ
قالها أحمد فؤاد نجم بصيغة أخرى للرئيس المصري الراحل أنور السادات:
يا تجهزوا جيش الخلاص/ يا تقولوا ع العالم خلاص
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك