العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

يريدونه عالما لا إنساني.. لا أخلاقي.. لا ديني!

{‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سقط‭ ‬الغرب‭ ‬بعلمانيته‭ ‬وليبراليته‭ ‬الجديدة‭ ‬وادعاءاته‭ ‬الحقوقية‭ ‬وادعاءات‭ ‬احترام‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وكان‭ ‬سقوطه‭ ‬المدوّي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬المستمرة‭ ‬عليها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كان‭ ‬سقوطًا‭ ‬أيضًا‭ ‬لمعايير‭ ‬الإنسانية‭ ‬وكل‭ ‬الادعاءات‭ ‬حولها،‭ ‬بما‭ ‬كشف‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬للنظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬بصفته‭ (‬الاستعمارية‭ ‬والاحتكارية‭ ‬والعنصرية‭) ‬فإنه‭ ‬وأمام‭ ‬العالم‭ ‬ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬سقوط‭ ‬أكبر‭ ‬وهو‭ ‬السقوط‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والديني،‭ ‬وكان‭ ‬تتويجه‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬افتتاح‭ ‬‮«‬الأولمبياد‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬استفز‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬وأظهر‭ ‬أن‭ ‬فئة‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬الغرب،‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تكريس‭ ‬الشذوذ‭ ‬والإلحاد‭ ‬ومسخ‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬بها‭ ‬الجرأة‭ ‬في‭ ‬حدث‭ ‬عالمي،‭ ‬أغلب‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كل‭ ‬المشاركين‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ (‬نابذين‭) ‬بأعدادهم‭ ‬المليارية،‭ ‬كل‭ ‬المسوخ‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬إخراج‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬إنسانيته،‭ ‬وهدم‭ ‬الأخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬اتي‭ ‬تعارفت‭ ‬عليها‭ ‬البشرية‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها‭ ‬الأولى‭! ‬مثلما‭ ‬تنبذ‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭ ‬العظمى‭ ‬‮«‬الإلحاد‮»‬‭ ‬والاستهزاء‭ ‬بالدين‭!‬

{‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الطريق‭ ‬المسدود‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬بالعادة‭ ‬الحضارات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والتي‭ ‬سادت‭ ‬ثم‭ ‬بادت‭! ‬وكان‭ ‬أكبر‭ ‬مسببات‭ ‬سقوطها‭ ‬هو‭ ‬انهيارها‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني‭ ‬والديني،‭ ‬خاصة‭ ‬لدى‭ ‬نظامها‭ ‬الحاكم‭!‬

هذه‭ ‬المرة‭ ‬يحاول‭ ‬النظام‭ ‬الغربي‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬لنفسه‭ ‬باب‭ ‬السيادة‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬منجاة‭ ‬له‭! ‬وهو‭ ‬فرض‭ ‬فوضوية‭ ‬قيمه‭ ‬ولا‭ ‬دينيته‭ ‬وتفسخه‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭! ‬ويفتقد‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬‮«‬الاستعماري‭ ‬والعنصري‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لفرض‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الشعوب،‭ ‬منها‭ ‬‮«‬عبادة‭ ‬الشيطان‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أظهره‭ ‬افتتاح‭ ‬الأولمبياد‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬مثلما‭ ‬أظهر‭ ‬التفسخ‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والديني‭ ‬بأسلوب‭ ‬كان‭ ‬مدعاة‭ ‬لردود‭ ‬فعل‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬شعوب‭ ‬الغرب‭ ‬نفسها‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الشعب‭ ‬الفرنسي،‭ ‬شعورًا‭ ‬بالمأزق‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬إدخالهم‭ ‬فيه‭ ‬وهم‭ ‬رافضون‭ ‬له‭!‬

{‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬الراهن‭ ‬تخلت،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العملي‭ ‬والفعلي،‭ ‬عن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ادعاءاتها‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ (‬تسييد‭) ‬فئة‭ ‬شاذة‭ ‬ولا‭ ‬دينية‭ ‬بل‭ ‬وعابدة‭ ‬للقيم‭ ‬الشيطانية،‭ ‬وأن‭ ‬تتعدى‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬غالبية‭ ‬شعوبها‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭! ‬بما‭ ‬يُعتبر‭ ‬قمة‭ ‬في‭ ‬الاستبداد‭ ‬العالمي،‭ ‬والدوس‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬البشرية،‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬ذلك‭ ‬النهج‭ ‬الشيطاني‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬فطرتها‭ ‬الإنسانية‭! ‬فتصرُّ‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬الشاذة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬غربي‭ ‬بقيادة‭ ‬النخبة‭ ‬العالمية‭ ‬الشيطانية،‭ ‬أن‭ ‬تكرّس‭ ‬إعلامها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬ومراكزها‭ ‬وإعلاناتها،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الأولمبياد‮»‬،‭ ‬لنزع‭ ‬كل‭ ‬فطرة‭ ‬سليمة‭ ‬عن‭ ‬الإنسان،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬المخرج‭ ‬لاستعادة‭ ‬‮«‬السيادة‭ ‬الأبدية‮»‬‭ ‬على‭ ‬عبيد‭ ‬البشرية،‭ ‬كما‭ ‬يرون‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يعملون‭ ‬للوصول‭ ‬إليه‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬مراحل‭ ‬توحشه‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬على‭ ‬‮«‬البشرية‮»‬‭ ‬وعلى‭ ‬الإنسان‭ ‬الطبيعي‭! ‬فهم‭ ‬يريدون‭ ‬عالمًا‭ ‬بمليار‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬البشر‭! ‬وبشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ (‬عالمًا‭ ‬لا‭ ‬إنسانيا‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقيا‭ ‬ولا‭ ‬دينيا‭)‬،‭ ‬وإنما‭ ‬واقعًا‭ ‬تحت‭ ‬سطوة‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العوالم‭! ‬وللوصول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مليارهم‭ ‬الذهبي‮»‬‭ ‬هم‭ ‬قد‭ ‬أتقنوا‭ ‬الحروب‭ ‬والأزمات‭ ‬والكوارث،‭ ‬وجعلوا‭ ‬حتى‭ ‬العلم‭ ‬علمًا‭ ‬زائفًا‭ ‬يقوم‭ ‬لخدمتهم‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬كوارثهم‭ ‬البيئية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬وحروبهم‭ ‬الناعمة‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬والفكر‭ ‬والدين‭ ‬والأخلاق،‭ ‬حتى‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ونموذجها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكأنها‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬الاعتياد‭ ‬عليه،‭ ‬طالما‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬العالمية‭ ‬الشيطانية‮»‬‭ ‬تريد‭ ‬ذلك‭!‬

{‭ ‬بكل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬المأزق‭ ‬الحضاري‭ ‬للغرب،‭ ‬وانكشافه‭ ‬أمام‭ ‬شعوب‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭! ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬مخرج‭ ‬أمامه‭ ‬إلا‭ ‬السقوط‭ ‬والسقوط‭ ‬المدوّي،‭ ‬الذي‭ ‬أخذت‭ ‬مفاعيله‭ ‬تبرز‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الشعوب‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭!‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬حفل‭ ‬افتتاح‭ ‬‮«‬الأولمبياد‮»‬‭ ‬إذًا‭ ‬اعتباطيًا،‭ ‬بلس‭ ‬تسريعًا‭ ‬لكل‭ ‬الآفات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والإلحادية،‭ ‬التي‭ ‬يعملون‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬على‭ ‬ترويجها،‭ ‬لتظهر‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بشكل‭ ‬فاقع‭ ‬ومستفز،‭ ‬ولذلك‭ ‬هو‭ ‬إيذان‭ ‬بسقوط‭ ‬‮«‬القلعة‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬حضارتها‭ ‬بما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬تخريب‭ ‬كل‭ ‬المبادئ‭ ‬والأسس‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بل‭ ‬تخريب‭ ‬المبادئ‭ ‬والأسس‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬وتقوم‭ ‬عليها‭ ‬الثقافات‭ ‬والحضارات‭ ‬البشرية‭ ‬المختلفة،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لاختزالها‭ ‬في‭ ‬النمط‭ ‬الغربي‭ ‬الفاسد‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭ ‬البشرية،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الحروب‭ ‬الصلبة‭ ‬والناعمة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الغرب‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬الإنسان‭ ‬الطبيعي‭! ‬عادة‭ ‬حين‭ ‬يحتضر‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬تحتضر‭ ‬الدول،‭ ‬فله‭ ‬ارتداد‭ ‬أو‭ ‬نشاط‭ ‬داخلي‭ ‬مفرط،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الاحتضار‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا