عالم يتغير
فوزية رشيد
يريدونه عالما لا إنساني.. لا أخلاقي.. لا ديني!
{ بعد أن سقط الغرب بعلمانيته وليبراليته الجديدة وادعاءاته الحقوقية وادعاءات احترام القوانين الدولية، وكان سقوطه المدوّي من خلال أحداث غزة وحرب الإبادة المستمرة عليها، وبالتالي كان سقوطًا أيضًا لمعايير الإنسانية وكل الادعاءات حولها، بما كشف الوجه الحقيقي للنظام العالمي الذي يقوده هذا الغرب بصفته (الاستعمارية والاحتكارية والعنصرية) فإنه وأمام العالم ومنذ سنوات عديدة، دخل في مرحلة سقوط أكبر وهو السقوط الأخلاقي والديني، وكان تتويجه في حفل افتتاح «الأولمبياد» الذي استفز العالم كله! وأظهر أن فئة قليلة في مجتمعات الغرب، تعمل على تكريس الشذوذ والإلحاد ومسخ الفطرة الإنسانية، قد وصلت بها الجرأة في حدث عالمي، أغلب إن لم يكن كل المشاركين فيه من الدول والشعوب (نابذين) بأعدادهم المليارية، كل المسوخ التي تحاول إخراج الإنسان عن إنسانيته، وهدم الأخلاق والقيم اتي تعارفت عليها البشرية منذ نشأتها الأولى! مثلما تنبذ في غالبيتها العظمى «الإلحاد» والاستهزاء بالدين!
{ يبدو أن الغرب وصل إلى «الطريق المسدود» الذي وصلت إليه بالعادة الحضارات الكبرى في العالم، والتي سادت ثم بادت! وكان أكبر مسببات سقوطها هو انهيارها الأخلاقي والإنساني والديني، خاصة لدى نظامها الحاكم!
هذه المرة يحاول النظام الغربي أن يفتح لنفسه باب السيادة من مدخل يعتقد أنه منجاة له! وهو فرض فوضوية قيمه ولا دينيته وتفسخه الأخلاقي والإنساني، على كل شعوب العالم! ويفتقد هذا النظام «الاستعماري والعنصري» أنه قد آن الأوان لفرض ذلك على الشعوب، منها «عبادة الشيطان» الذي أظهره افتتاح الأولمبياد بشكل واضح، مثلما أظهر التفسخ الأخلاقي والديني بأسلوب كان مدعاة لردود فعل عالية على المستوى الشعبي في كل مكان، حتى على مستوى شعوب الغرب نفسها وعلى رأسها الشعب الفرنسي، شعورًا بالمأزق الذي يتم إدخالهم فيه وهم رافضون له!
{ الحضارة الغربية في وقتها الراهن تخلت، على المستوى العملي والفعلي، عن الكثير من ادعاءاتها حول حقوق الإنسان، وهي تعمل على (تسييد) فئة شاذة ولا دينية بل وعابدة للقيم الشيطانية، وأن تتعدى تلك الفئة ليس فقط على غالبية شعوبها في الغرب، بل على كل شعوب العالم! بما يُعتبر قمة في الاستبداد العالمي، والدوس على حقوق الغالبية العظمى من البشرية، التي ترفض ذلك النهج الشيطاني والخروج عن فطرتها الإنسانية! فتصرُّ تلك الفئة الشاذة في كل مجتمع غربي بقيادة النخبة العالمية الشيطانية، أن تكرّس إعلامها ومؤسساتها ومراكزها وإعلاناتها، بل حتى المحافل الدولية الكبرى مثل «الأولمبياد»، لنزع كل فطرة سليمة عن الإنسان، باعتبار أن ذلك هو المخرج لاستعادة «السيادة الأبدية» على عبيد البشرية، كما يرون أو كما يعملون للوصول إليه!
{ هذا الغرب الاستعماري وصل إلى آخر مراحل توحشه خلال العقود القليلة الماضية في حربه على «البشرية» وعلى الإنسان الطبيعي! فهم يريدون عالمًا بمليار واحد من البشر! وبشرط أن يكون (عالمًا لا إنسانيا ولا أخلاقيا ولا دينيا)، وإنما واقعًا تحت سطوة كل أشكال الفوضى في تلك العوالم! وللوصول إلى «مليارهم الذهبي» هم قد أتقنوا الحروب والأزمات والكوارث، وجعلوا حتى العلم علمًا زائفًا يقوم لخدمتهم في ترويج كوارثهم البيئية والبيولوجية وحروبهم الناعمة على العقل والفكر والدين والأخلاق، حتى وصلوا إلى اعتبار الإبادة الجماعية ونموذجها في غزة، وكأنها أمر طبيعي لا بدّ من الاعتياد عليه، طالما «النخبة العالمية الشيطانية» تريد ذلك!
{ بكل ذلك وغيره من تأثيرات المأزق الحضاري للغرب، وانكشافه أمام شعوب ودول العالم كلها بشكل غير مسبوق! فإنه لا مخرج أمامه إلا السقوط والسقوط المدوّي، الذي أخذت مفاعيله تبرز بوضوح في وعي الشعوب حتى في الغرب نفسه!
لم يكن حفل افتتاح «الأولمبياد» إذًا اعتباطيًا، بلس تسريعًا لكل الآفات الأخلاقية والإنسانية والإلحادية، التي يعملون منذ عقود على ترويجها، لتظهر هذه المرة بشكل فاقع ومستفز، ولذلك هو إيذان بسقوط «القلعة الغربية» التي أسهمت حضارتها بما وصلت إليه اليوم في تخريب كل المبادئ والأسس الإنسانية، بل تخريب المبادئ والأسس التي قامت وتقوم عليها الثقافات والحضارات البشرية المختلفة، في محاولة لاختزالها في النمط الغربي الفاسد! وهذا ما ترفضه البشرية، رغم كل أشكال الحروب الصلبة والناعمة التي يشنها الغرب عليها وعلى الإنسان الطبيعي! عادة حين يحتضر الإنسان أو تحتضر الدول، فله ارتداد أو نشاط داخلي مفرط، وهذا ما نراه اليوم في الغرب وهو في طور الاحتضار!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك