زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عرض من شارون بنت ستون
ارتبط اسم شارون بكل ما هو جميل وبهيج ومثير، بل وبكل ما هو نبيل! رجاءً لا تظلمني وتحسب أنني اصبت بالخرف «المبكر»، بدرجة أنني صرت أتغزل بشارون الفرعون، لا يا جماعة فأنا لا أتكلم عن أرئيل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي رقد طريح فراش المستشفى في غيبوبة تامة ست سنوات، لاحقته خلالها لعنات آلاف الفلسطينيين والعرب الذين أبادهم. ثم أسلم الروح من دون ان يأسف عليه أحد سوى أمثال نتنياهو قبّح الله ذِكْره. بل أتكلم عن شارون ستون الممثلة الأمريكية الحسناء، البالغة من العمر كذا وخمسين سنة، ولكنها مازالت لهلوبة وذات أنوثة طاغية
ووصفتها بالنبل لأنها عانت من السرطان، وخاضت معه معركة طويلة حتى شفيت منه تماماً فقررت تكريس معظم أيام ما تبقى من عمرها للأعمال الخيرية، خاصة في مجال أبحاث مكافحة السرطان، ثم قامت بعدها بزيارة الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بدعوة من الجماعات الداعية للسلام في الشرق الأوسط، وقدمت عرضاً سيعتبره البعض في منتهى السخاء: بوسة لمن يقدم حلاً للصراع العربي الإسرائيلي.
تكلمت في مقالي يوم أمس هنا عن العرب المستعربة والعاربة الهاربة غربا في رحلة الصيف، وما ينجم عن ذلك أحيانا من معصية لرب البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، وهأنذا أقدم لهذه الفئة العرض المقدم من شارون ستون، فاعتبروها مسابقة تلفزيونية واجتهدوا في إيجاد الحل للصراع الشرق أوسطي، وبعدها تسافر إلى لوس انجلوس حيث منزل ستون وتأخذ البوسة الموعودة، فهيا يا رجالنا البواس... لـ(الرجال البواس...«ل»، فصيلة تجيد بوس اللحى والأحذية).. بوسة من شارون ستون يا للهول.. كتبت قبل سنوات عن رجل أعمال عربي عرض على ممثلة بريطانية من أصل هندي ان تتناول معه العشاء نظير نحو 3 ملايين دولار.. هذا غير استقدامها على طائرة خاصة وإقامتها في فندق خمسمائة نجمة على حسابه.
لمن لم يقرأوا تلك الحكاية فالممثلة البريطانية الهندية لم تظهر إلا في أفلام البورنو الذي هو البورنوغرافي الذي هو الجنسي الإباحي، حيث تكون لابسة من غير هدوم، ورغم ذلك كبرت في نظري لأنها رفضت دعوة صاحبنا الغني الغبي: أظهر في مشاهد جنسية فاضحة بكيفي ومزاجي، ولكن تستعبطني وتقول لي 3 ملايين دولار مقابل عشاء في فندق؟ أنا مش غنية لكن مش غبية.. وإباحية في التمثيل، بس لست للبيع لممارسة أشياء «أبيحة» في فندق نظير ملايين.
وطالما بيننا مثل هذا الرجل الغني الغبي، فالعرض الذي تقدمت به شارون ستون سيحفز الكثيرين على التوصل إلى حل للصراع آنف الذكر بأسرع ما يمكن. طبعاً الحل السهل هو ان نقول للفلسطينيين «اصطفلوا» وللإسرائيليين شدوا حيلكم واستكملوا الجدار «الأمني» وأسرعوا في إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية وعلى كده خالصين! واستكملوا تدمير غزة وقتل أهلها بالجملة، وإرغام من يفلت منهم من الموت على الهجرة إلى ميانمار، ليحلوا محل الأقلية المسلمة هناك (الروهينغيا) التي أجبرت على النزوح عبر البحار إلى دول الجوار، بس يا ليت الغزاويين لا يفضحونا هناك ويواصلون إحراجنا بالاستبسال في «المقاومة».
كان لي شرف كشف النقاب عن ان جماعات سياسية فلسطينية مرموقة ومشهورة أسست جهازا مضادا لجهاز المخابرات الإسرائيلي المعروف «الموساد» وسمته البوساد، ومهمته تبويس أعضاء الحكومة وزعماء الأحزاب الإسرائيلية بـ «الستر» قدر المستطاع، فإن تعذر فليكن في العلن. ولكن ورغم أن جهاز البوساد الفلسطيني ظل يمارس نشاطه بانتظام طوال أكثر من ثلاثين سنة فإن بوساته ضاعت هباء.
وربما لن تجد بوسة شارون ستون من يفوز بها لأن الإسرائيليين يفضلون الموساد على «البوساد». وسيسجل تاريخ الأدب بأحرف من نور قصيدتي التي عارضت بها قصيدة أبي تمام المشهورة وقلت في مطلعها على لسان جماعة البوساد:
البوس أصدق أنباء من السيف
في الخد أو في النعل على كيفي!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك