عالم يتغير
فوزية رشيد
أولمبياد باريس ووحشية الحرب الناعمة!
{ كان الحفل الافتتاحي الذي أرادته فرنسا للدورة الأولمبية 2024 على أرضها، كسرًا للكثير من القواعد! حيث انطلق «أولمبياد باريس 2024» يوم الجمعة الماضي، وسيكون الختام في 11 أغسطس، ليشكل انطلاقة على «نهر السين» سابقة أولى في كل افتتاحيات الأولمبياد في العواصم التي أقيمت فيها، على ملاعب تلك الدول! ولكن المكان والنمط والشكل والتقنيات والديكورات كان مجرد الديكور الخارجي أيضًا لمحتوى ومضمون غرائبي بدوره كسر كل «أخلاقيات» الدورات الأولمبية السابقة! ورغم الكلمات الافتتاحية وكلمة الرئيس الفرنسي «ماكرون» التي أكدت التضامن بين شعوب العالم واحترام ثقافاتها، كان ذلك مجرد كلمات تساقطت في عروض الافتتاح قبل إيصال الشعلة للمنطاد الطائر في أجواء باريس وللتجميع الأولمبي تحت أعمدة برج إيفل!
{ كثيرة هي الانتقادات التي صدرت في افتتاحيات الصحف في العالم بما فيها صحف بريطانية وأمريكية حول مضامين عدد من اللوحات في الافتتاح! فلقد لاحظ ملايين الناس الذين كانوا يشاهدون العرض الباريسي، أن هناك لوحات تعرضت لمجمل الأديان منها الدين المسيحي، حين تحوّل مشهد «العشاء الأخير» إلى لوحة سخرية وازدراء، مما استفز حتى علمانيي الغرب ومنهم الفرنسيون!
إلى جانب لوحات روجت للشذوذ الجنسي والتحول الجنسي وتعددية الممارسة الجنسية! ولوحات أخرى وشت بوضوح بطقوس «عبادة الشيطان»! كل ذلك وبخلاف معتقدات كثير من شعوب العالم منها العالم المسيحي والدين الإسلامي، تم تقديمه تحت عناوين مثل «حرية الحب» بشكل فوضوي! والمساواة المخلة بثقافات وتقاليد الكثير من الشعوب! حين كان الهدف منها زرع قبول «الشواذ»، وفرضهم باسم الحرية على شعوب العالم الرافضة لهم!
{ إن «الأولمبياد» هو تجمع عالمي لمختلف الرياضات المتنوعة في العالم، وهو أكبر تجمع رياضي عالمي، يشارك فيه كل دول العالم الصغيرة والكبيرة، وبوفود تعدادية حسب أنواع المشاركات في سباق البطولات، وحين يتم كل 4 سنوات في أحد بلدان العالم، فذلك على خليفة (المعنى الفعلي للتشارك العالمي وتضامن الدول) وعلى أساس احترام اختلافاتها وتنوعها الديني والثقافي والأخلاقي! وإن من باب الرياضة التي هي في النهاية تقوم على أسس ضابطة ومعروفة!
ليأتي «أولمبياد باريس» للإخلال بالكثير منها، واستغلال فرصة إقامتها في فرنسا، (للترويج للأفكار الإلحادية وازدراء الأديان والطقوس الشيطانية مثل طقس عبادة الشيطان، إلى جانب الترويج للقيم الانحلالية باسم الحريات)! وهذا إخلال كبير لم يحدث قط في أي افتتاحية للأولمبياد سابقًا!
وليس من حق فرنسا، التي أعطت تنظيم الافتتاح لأحد الشواذ الفرنسيين! أن تزدري معتقدات وأديان وثقافات العالم، التي اجتمعت لبطولات الرياضة، وليس لتلقي دروس وعروض هي بمثابة «حرب ناعمة» على العقول باسم الفنون والرقص، ولكنها لم تقل وحشية عن الحروب المعتادة على المستوى العسكري!
{ هذا الاختراق الفاضح لتكريس (القيم الشيطانية) على المستوى الفكري والجنسي والأخلاقي وازدراء الدين، يمثل بدوره اختراقًا فاضحًا لكل أسس الدورات الأولمبية، ولا يهمنا هنا التقنية في لوحات العرض قبل الافتتاح، ولا استغلال جمالية «نهر السين» وقوارب المشاركين، لأن الأهم هو ما تم تقديمه من مضمون رفضته شعوب العالم! وكان على المراكز العالمية سواء الدول الغربية الكبرى و«الفاتيكان»، والأزهر والمراكز الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، ودولهم مشاركة كلها في «الأولمبياد»، أن تعبر عن رفضها بل مقاطعتها، حين يصل الأمر إلى ازدراء واضح لدينها وثقافاتها وتراثها الأخلاقي وقيمها! حتى تدرك فرنسا أنه لا يجب ولا يمكن إجبار دول العالم على تقبل رؤيتها «الفوضوية» حول الدين والقيم والأخلاق، لغالبية شعوب العالم، بمن فيها شعبها الفرنسي نفسه، الذي استهجن التعرض للدين المسيحي في لوحة «العشاء الأخير» المعروفة للرسام «ليوناردو دافنشي» والمأخوذ عن المسيحية!
{ ليست من الحرية السخرية من أنبياء البشرية وأديانهم! وليس من الحرية الترويج لقيم شيطانية تخالف الفطرة الإنسانية لكامل البشرية! وليس من الحرية فرض طقوس عبادة الشيطان والانحلال الخلقي والجنسي على كل دول العالم، التي جاءت إلى فرنسا للمشاركة في حدث رياضي عالمي!
ليس من الحرية إشراك العالم قسرًا في رؤى يعتنقها بعض الفرنسيين وفي الدول الغربية الأخرى! ليتم فرضهم على دول العالم كله باسم الحرية والمساواة! وأخيرًا يكفي الاستهجان الشعبي في كل دول العالم، لما أرادت فرنسا أن تُبهر به الدول! فجاء سقوطها في حفرة عميقة من الفوضى لتوضح الظلامية خلف ادعاء النور وبلاد النور، فما رآه العالم ظلامية لا سابق لها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك