عالم يتغير
فوزية رشيد
هذه النزعة المتأصلة لإبادة الشعوب والعجز الدولي!
{ مرارًا كتبت عما فعله المهاجرون من أوروبا من حرب إبادة للسكان الأصليين في أمريكا «الهنود الحمر» وكان أغلب أولئك المهاجرين من بريطانيا! وهم ذاتهم الذين فعلوا ما فعلوه بالهنود الحمر ضد السكان الأصليين في أستراليا أيضا وجنوب إفريقيا بحكم البيض! واليوم ذات المنوال من حرب الإبادة المستمرة منذ 1948 في فلسطين، وهذه المرة في غزة، تتبع ذات (العقلية الاستعمارية الاستئصالية) ضدّ شعب فلسطيني، متشبث بأرضه رغم كل مآسي تلك الحرب المستمرة منذ «9 أشهر»!
{ في عالم مثل العالم الذي نعيشه منذ عقود تحت قبضة الفوضى والحروب وعامل التدمير للدول والشعوب، أثبتت «العقلية الاستئصالية» أنها مستمرة في نهجها، لأن لا اعتبار للقانون الدولي، أو الرأي العام العالمي، أو حتى لشعارات «الليبرالية الكاذبة» التي تدعي أمريكا والغرب والكيان الصهيوني إنتاجها! لتصبح الساحة الدولية مكشوفة تمامًا، وتعاني من اهتراء «النظام الدولي» بقيادة المستعمرين الغربيين، واهتراء مؤسساته، وانعدام أي منظور إنساني وأخلاقي يمكن الاستناد إليه!
{ كل يوم وغزة تشهد المجازر، آخرها مجزرة «المواصي» ثم في اليوم التالي لها مجزرة أخرى، ومرة بحجة ملاحقة القيادات و«محمد ضيفا» ولم يثبت وجوده أو قتله في المكان! ولكن من استشهد هم الأطفال والنساء والمدنيين في مشاهد ينخلع لها القلب لوحشيتها وقسوتها، ورغم ذلك، (يتباهى قادة الكيان وجنوده بخروجهم من مربع الإنسانية إلى مربع الكائنات الدخيلة على الأرض) وحيث حتى الحيوانات تخجل من أفعالهم ووحشيتهم وكل ذلك بادعاء الدفاع عن النفس!
{ هذه النزعة المتأصلة للإبادة التي كرسها الاستعمار الغربي في أكثر من مكان، فجاءت لتتجلىّ منذ عقود في تأسيس هذا الكيان اللقيط، يشهدها العالم، وتتألم كل الشعوب وكل أصحاب الضمير مما يشاهدونه، ورغم ذلك هي مستمرة كل يوم ببشاعة أكبر، حتى لم تترك للسجناء والمعتقلين في سجون الكيان أبسط الحقوق الإنسانية، بل هي تمارس ضدّهم أبشع أنواع التعذيب التي فاقت كل البشاعات التعذيبية السابقة! بل إن تصاعد الوفيات بسبب القصف الجوي المتواصل، يترك كل من يعانون من سوء التغذية ونقص الأدوية، والظروف البيئية القاتلة، والنزوح المستمر واستهداف النازحين، يترك كل هؤلاء بدورهم للموت! ليتضاعف عدد الشهداء إلى أضعاف مضاعفة في الأرقام التي وصلت في أقل تقدير إلى «50 ألف شهيد»، منهم آلاف تحت الأنقاض، وهذا العدد سيتكشف لاحقًا ليصل إلى ما يقارب الـ«200 ألف شهيد» بحسب ما نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية! والمتوقع أنه سيكون أكثر من ذلك أيضًا.
{ لا شيء يبرّر هذا (العجز الدولي) إلا أن العالم مستسلم تمامًا لسطوة وحوش وشياطين هذا العصر في الغرب، الذين يمدون الكيان القاتل بكل الدعم العسكري والسياسي واللوجستي ليمارس وحشيته وإبادته!
في خطاب الغرب الإعلامي والسياسي تتضح الهوّة بين الأقوال والأفعال، وحيث تغليف التناقضات بالخطاب الناعم بعد الانسلاخ عن الأخلاقية والإنسانية لم يعد مجديًا، خاصة بعد انكشاف الوجه الحقيقي لمأساة هذا العالم، تحت قبضة «النزعة الغربية» المتأصلة للإبادة، لتحقيق مصالحها وأطماعها الاستعمارية القميئة! وحيث رفاهية الغرب خلال العقود الطويلة الماضية، كانت بسبب استمرار الإذلال ونهب ثروات الشعوب الأضعف، وهو ما تستمر عليه العقلية الوحشية للغرب حتى الآن!
{ أحداث غزة طرحت مرارًا تساؤل الشعوب والدول عن (بنية النظام الدولي) المحكوم بهذه العقلية العنصرية والاستعلائية للمستعمرين منذ قرون ضدّ شعوب العالم، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، التي جعلت العالم محفوفًا بالمخاطر أكثر من قبل، وفق أجندة القوى الغربية الكبرى! التي تنتهك كل القواعد الدولية، وحتى ما تدعيه من قيم ومُثل استخدمها المستعمرون لترسيخ هيمنتهم على الدول الأخرى، ومحاولتهم الكارثية لقتل «التنوع الحضاري» في تلك الدول لتكون تحت تبعية قيم الليبرالية والديمقراطية الغربية الزائفة والمأزومة وحكم القانون واقتصاد السوق والتجارة ومنظمات حقوق الإنسان والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكلها وفق المقاسات والإرشادات والهيمنة لتلك الدول!
{ هذا ما أنتج التدمير الممنهج لاستقلالية الشعوب والدول، وفرض مبدأ «الإبادة الجماعة» متى ما استدعت الحاجة إلى ذلك، كالذي يحدث في فلسطين ومنها غزة! لأن وحوش العصر الاستعماري الجديد، يعتقدون في أنفسهم أنهم أفضل ما أنتجته البشرية! ومن حقهم سفك الدماء والقتل والدوس على هويات الشعوب وحضاراتها وتاريخها وثقافاتها وجعلها تقلدهم كنموذج!، بل وارتكاب المجازر ضدها والحروب، لتكون أحداث غزة، مجرد تتويج أخير لتلك النزعة العنصرية واللاأخلاقية واللاإنسانية لشياطين العصر! فيما العجز الدولي يتجلى بدوره بشكل فاقع، لم يعد يحتمله أي منطق وأي عقل! والسؤال إلى متى؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك