العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حماية الطفل: من الاستغلال والابتزاز والاختراق!

{‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬انفتحت‭ ‬كل‭ ‬أبوابه‭ ‬على‭ ‬بعض‭! ‬فأصبح‭ ‬زمنه‭ ‬الواقعي‭ ‬هو‭ ‬زمن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والعالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬وثورته‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬ومن‭ ‬الخارج‭ ‬فيه‭! ‬ولا‭ ‬الغث‭ ‬من‭ ‬السمين،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬الاستغلال‭ ‬والابتزاز‭ ‬والجرائم‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬المعرضين‭ ‬لكل‭ ‬أشكال‭ ‬الاختراقات‭ ‬العقلية‭ ‬والجسدية‭ ‬والنفسية‭!‬

{‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬حدثني‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬العائلة‭ ‬يسألني‭: ‬أين‭ ‬الله‭ ‬وهل‭ ‬هو‭ ‬موجود؟‭! ‬استغربت‭ ‬سؤاله‭ ‬واعتقدت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أنه‭ ‬سؤال‭ ‬اكتشافي‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الثامنة،‭ ‬فأجبته‭ ‬باللغة‭ ‬التي‭ ‬يفهمها،‭ ‬حتى‭ ‬قاطعني‭ ‬بأنه‭ ‬يعرف‭ ‬ولكنه‭ ‬يسأل‭ ‬لأنه‭ ‬دخل‭ ‬أحد‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭! ‬وتم‭ ‬طرح‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الديني‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حوار‭ ‬بين‭ ‬شخصيات‭ ‬تلك‭ ‬اللعبة‭! ‬هكذا‭ ‬يتم‭ ‬الاختراق‭ ‬العقلي‭ ‬الناعم‭ ‬وتهيئة‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شخصيات‭ ‬كرتونية‭ ‬على‭ ‬التدرج‭ ‬نحو‭ ‬الإلحاد‭! ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬باقة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬التي‭ ‬تخاطب‭ ‬عقل‭ ‬الطفل‭ ‬وتُهيئه‭ ‬لغايات‭ ‬لا‭ ‬يدركها‭ ‬هو،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬يدركها‭ ‬أبواه‭! ‬لأنه‭ ‬يتسلل‭ ‬بالتدريج‭ ‬وبشكل‭ ‬ناعم‭ ‬إلى‭ ‬لا‭ ‬وعي‭ ‬الطفل‭ ‬المستهدف‭!‬

{‭ ‬الحملة‭ ‬الوطنية‭ ‬التوعوية‭ ‬لحماية‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬والابتزاز‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬تم‭ ‬إطلاقها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ونظمتها‭ ‬بتاريخ‭ ‬10‭ ‬يوليو‭ ‬‮«‬النيابة‭ ‬العامة‮»‬‭ ‬بالمشاركة‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ووزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ووزارة‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬ووزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬ووزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬وستستمر‭ ‬آلياتها‭ ‬شهورًا‭ ‬عديدة،‭ ‬بهدف‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وتثقيف‭ ‬المجتمع‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الاستغلال‭ ‬والابتزاز‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وحيث‭ (‬الاستغلال‭) ‬يقع‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬الضحايا،‭ ‬عبر‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ووسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬الرسائل‭ ‬النصية‭ ‬أو‭ ‬رسائل‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬الرقمية،‭ ‬واستغلال‭ ‬ضعف‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬بغية‭ ‬تحقيق‭ ‬أغراض‭ ‬جنسية‭ ‬أو‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭! ‬يعقبها‭ (‬الابتزاز‭ ‬الإلكتروني‭) ‬بتهديد‭ ‬الطفل‭ ‬بنشر‭ ‬صور‭ ‬أو‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬أو‭ ‬تسريب‭ ‬معلومات‭ ‬حساسة‭ ‬خاصة‭ ‬به،‭ ‬إما‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬أو‭ ‬استغلاله‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬غير‭ ‬مشروعة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إدخاله‭ ‬في‭ ‬ألعاب‭ ‬التحدي،‭ ‬يكون‭ ‬آخر‭ ‬أهدافها‭ ‬تعريض‭ ‬الطفل‭ ‬نفسه‭ ‬للموت‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬أو‭ ‬معارفه‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المفتوحة‭ ‬فضاءاته‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الاختراق‭ ‬والابتزاز‭ ‬والاستغلال،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬آليات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتواصل‭ ‬الإلكتروني‭! ‬يتصيد‭ ‬الأشرار‭ ‬فيه‭ ‬الأطفال،‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬المراهقة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬سهولة‭ ‬وصول‭ ‬المجرمين‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭! ‬يشهد‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭ ‬تزايدًا‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الضحايا‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ (‬المجرمين‭ ‬الإلكترونيين‭) ‬ومن‭ ‬مصممي‭ ‬الألعاب‭ ‬والبرامج‭ ‬والمواقع‭ ‬الخبيثة،‭ ‬ذات‭ ‬الأهداف‭ ‬المريبة‭ ‬لزعزعة‭ ‬نفسية‭ ‬الأطفال‭ ‬وزرع‭ ‬الأفكار‭ ‬الهدامة‭ ‬في‭ ‬عقولهم،‭ ‬باختراق‭ ‬تلك‭ ‬العقول‭ ‬سيكولوجيا‭ ‬وفكريا،‭ ‬وجرهم‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬خطرة‭ ‬من‭ ‬الانحلال‭ ‬الجنسي‭ ‬والانحراف‭ ‬السيكولوجي،‭ ‬كقتل‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬ضمن‭ ‬تحديات‭ ‬لعبة‭ ‬يلعبها‭! ‬وتثبت‭ ‬الوقائع‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ودول‭ ‬عربية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬جر‭ ‬الطفل‭ ‬والمراهق‭ ‬إلى‭ ‬الممارسات‭ ‬الجنسية‭ ‬الشاذة،‭ ‬والانحراف‭ ‬الديني‭ ‬نحو‭ ‬زرع‭ ‬أسئلة‭ ‬إلحادية‭ ‬وتشكيكية‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬صغيرة‭ ‬غير‭ ‬واعية‭ ‬لإدراك‭ ‬مغزى‭ ‬تلك‭ ‬الحوارات‭ ‬وتلك‭ ‬الألعاب‭ ‬وتلك‭ ‬الأسئلة‭! ‬

{‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وأطيافها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬استهدافًا‭ ‬اليوم،‭ ‬وليس‭ ‬البحرين‭ ‬وحدها،‭ ‬مطالبة‭ ‬ببحث‭ ‬جاد‭ ‬حول‭ ‬مخاطر‭ ‬استهداف‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬بل‭ ‬والشباب‭ ‬عمومًا،‭ ‬والحملة‭ ‬الوطنية‭ ‬تبدأ‭ ‬بذلك‭ ‬وتعزيز‭ ‬دولنا‭ ‬قوانين‭ ‬حماية‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المخاطر‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬والفضاء‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬بالتعامل‭ ‬القانوني‭ ‬الصارم‭ ‬مع‭ ‬مجرمي‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬بالتوعية‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬وإنما‭ ‬بوضع‭ ‬خطط‭ ‬منهجية‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والإعلام،‭ ‬ومراقبة‭ ‬الألعاب‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬دولنا،‭ ‬والمواقع‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬عقول‭ ‬أطفالنا،‭ ‬ووضع‭ (‬قيود‭ ‬إلكترونية‭) ‬عليها،‭ ‬وحيث‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ (‬خطط‭ ‬عملية‭ ‬ومستمرة‭) ‬لمخاطبة‭ ‬وعي‭ ‬الأطفال‭ ‬وحمايتهم‭ ‬ومواجهة‭ ‬المجرمين‭ ‬وسد‭ ‬الطرق‭ ‬أمامهم،‭ ‬وهذا‭ ‬يحتاج‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬مؤسسي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البحرين‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬العربي،‭ ‬لبناء‭ (‬بيئة‭ ‬رقمية‭ ‬آمنة‭)! ‬

{‭ ‬إن‭ ‬حماية‭ ‬الطفل‭ ‬وصون‭ ‬حقوقه‭ ‬وتوعيته،‭ ‬تتطلب‭ ‬أيضًا‭ ‬وضع‭ ‬برامج‭ ‬تثقيفية‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬وفي‭ ‬الجامعات‭ ‬وفي‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬والإلكتروني،‭ ‬حيث‭ ‬الصورة‭ ‬الكبرى‭ ‬توضح‭ ‬أنه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاستغلال‭ ‬والابتزاز،‭ ‬فإنه‭ ‬يتم‭ ‬اختراق‭ ‬عقل‭ ‬الطفل‭ ‬بالترويج‭ ‬‮«‬الناعم‮»‬‭ ‬للإباحية‭ ‬والشذوذ‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الجنسية‭ ‬خارج‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والترويج‭ -‬كما‭ ‬قلنا‭- ‬للإلحاد‭ ‬‮«‬المبكر‮»‬‭ ‬بتوجيه‭ ‬الألعاب‭ ‬والحوارات‭ ‬الكرتونية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬تلك‭ ‬الغاية‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صناعة‭ (‬المشاكسة‭ ‬الأسرية‭) ‬بالدفع‭ ‬نحو‭ ‬إيذاء‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬إيذاء‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭! ‬والتدريب‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬‮«‬التفكك‭ ‬الأسري‮»‬‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬تصوير‭ ‬أعضاء‭ ‬الأسرة‭ ‬وكأنهم‭ ‬أعداء،‭ ‬أو‭ ‬أهداف‭ ‬مطلوب‭ ‬استهدافها‭! ‬المسألة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الخطر‭ ‬الحقيقي‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬الطفل‭ ‬والأسرة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬ومبادرة‭ (‬إطلاق‭ ‬حملة‭ ‬وطنية‭ ‬لحماية‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭) ‬هي‭ ‬مبادرة‭ ‬مهمة‭ ‬ومشكورة‭ ‬ونتمنى‭ ‬تواصلها‭ ‬وتحقيق‭ ‬غاياتها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا