العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

الوجه الآخر من الصراع

على‭ ‬مدار‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬250‭ ‬يوما،‭ ‬شهد‭ ‬العالم‭ ‬فظائع‭ ‬وجرائم‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬تلك‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يفلت‭ ‬منها‭ ‬طفل‭ ‬ولا‭ ‬شيخ‭ ‬ولا‭ ‬امرأة‭ ‬وحتى‭ ‬الأجنة‭ ‬في‭ ‬بطون‭ ‬أمهاتهم‭.‬

ذلك‭ ‬العدو‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬سنوات‭ ‬وسنوات‭ ‬يردد‭ ‬أكاذيبه‭ ‬وادعاءاته‭ ‬ومظلوميته‭ ‬مستغلا‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يهيمن‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يغزل‭ ‬خيوطه‭ ‬العنكبوتية‭ ‬لينشئ‭ ‬بيتا‭ ‬يتستر‭ ‬وراءه‭ ‬ليخفي‭ ‬حقيقته‭ ‬الفجة‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬تجميلها‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬صانعيه‭ ‬من‭ ‬الغرب‭.‬

ولأن‭ ‬أوهن‭ ‬البيوت‭ ‬هو‭ ‬بيت‭ ‬العنكبوت،‭ ‬جاءت‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬لتحطم‭ ‬الأكذوبة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وانكشف‭ ‬الوجه‭ ‬القبيح‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وسقطت‭ ‬ورقة‭ ‬التوت‭ ‬وانكشفت‭ ‬عوراته‭ ‬أمام‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬الغربي‭ ‬رغم‭ ‬المحاولات‭ ‬المضنية‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬حكومات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لإنقاذ‭ ‬نتنياهو‭ ‬وزبانيته،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬مراكز‭ ‬البحوث‭ ‬الغربية‭ ‬تخصص‭ ‬جلسات‭ ‬مطولة‭ ‬لبحث‭ ‬أسباب‭ ‬خسائر‭ ‬الاحتلال‭.‬

في‭ ‬17‭ ‬مايو‭ ‬الماضي‭ ‬ألقى‭ ‬البروفيسور‭ ‬جون‭ ‬ميرشايمر‭ ‬أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬شيكاغو‭ ‬ومؤلف‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬النفوذ‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬محاضرة‭ ‬نظمها‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬المستقلة‮»‬‭ ‬في‭ ‬أستراليا،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬عميقة؟‮»‬‭ ‬أجاب‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬عالقون‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬لأنهم‭ ‬قالوا‭ ‬إنهم‭ ‬لن‭ ‬يغادروا‭ ‬غزة‭ ‬وسيبقوا‭ ‬هناك،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يهزموا‭ ‬حماس،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬سيدير‭ ‬هذا‭ ‬المكان؟

أما‭ ‬بشأن‭ ‬القدرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬قصتها‭ ‬بشأن‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬قال‭ ‬البروفيسور‭ ‬جون‭ ‬ميرشايمر‭: ‬لقد‭ ‬تحكم‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بسرد‭ ‬رواياتهم‭ ‬بطريقة‭ ‬محكمة‭ ‬حتى‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬حتى‭ ‬ظهرت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬المؤرخين‭ ‬الجدد‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأرشيف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وحصلوا‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السجلات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بكيفية‭ ‬إنشاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وما‭ ‬فعلوه‭ ‬أنهم‭ ‬نسفوا‭ ‬تقريبا‭ ‬كل‭ ‬الأساطير‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬إنشاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وصوروا‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭.‬

وتابع‭: ‬بمجرد‭ ‬ظهور‭ ‬المؤرخين‭ ‬الجدد‭ ‬بدأ‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الناس،‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬النخبة،‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬وسلوكها‭.‬

ثم‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬ظهور‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬الإنترنت،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتمتع‭ ‬بنفوذ‭ ‬وتؤثر‭ ‬فيما‭ ‬تقوله‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬وما‭ ‬تقوله‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬يمثل‭ ‬كابوسا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬هذا‭ ‬الكابوس‭ ‬المطلق‭.‬

واستعرض‭ ‬محادثة‭ ‬مسربة‭ ‬لجوناثان‭ ‬غرينبلات‭ ‬رئيس‭ ‬رابطة‭ ‬مكافحة‭ ‬التشهير‭ ‬الصهيونية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬تيك‭ ‬توك‭: ‬‮«‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬لدينا‭ ‬مشكلة‭ ‬أجيال‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬فارق‭ ‬بين‭ ‬اليمين‭ ‬واليسار‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬تأييد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬بين‭ ‬الجيل‭ ‬الصغير‭ ‬والجيل‭ ‬الكبير،‭ ‬وأعداد‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يؤيدون‭ ‬حماس‭ ‬مرتفعة‭ ‬بشكل‭ ‬صادم‭ ‬ومرعب،‭ ‬نتيجة‭ ‬التيك‭ ‬توك‮»‬‭. ‬

وأوضح‭ ‬البروفيسور‭ ‬جون‭ ‬ميرشايمر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كارثة‭ ‬تامة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بأن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يصورن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وهم‭ ‬يقومون‭ ‬بأشياء‭ ‬فظيعة‭ ‬للغاية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬ثم‭ ‬يضعونها‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تماما‭ ‬تصديق‭ ‬ذلك،‭ ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬تريد‭ ‬إثبات‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬مذنبة‭ ‬بارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬فعليك‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬شيئين،‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬النية‭ ‬أولا،‭ ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬النية‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالنية،‭ ‬فإن‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الاتجاهات‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬قالوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬نية‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬صحيفة‭ ‬هاآرتس‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نشرت‭ ‬مقالا‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬لاهاي‭ ‬ممهد‭ ‬بالتعليقات‭ ‬العلنية‭ ‬للقادة‭ ‬الإسرائيليين‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬صحيح‭ ‬تماما،‭ ‬ثم‭ ‬لديك‭ ‬مقاطع‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬ينشرها‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أنفسهم‭.‬

وأشار‭ ‬البروفيسور‭ ‬جون‭ ‬ميرشايمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ابنته‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬سياسية‭ ‬مطلقا‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬مشاهدة‭ ‬الأطفال‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬على‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬،‭ ‬واشتكت‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬مشاهدة‭ ‬مقاطع‭ ‬بهذه‭ ‬الفظاعة،‭ ‬واعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬كارثة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وأنها‭ ‬كارثة‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يروج‭ ‬ادعاءاته‭.‬

وفي‭ ‬مقطع‭ ‬آخر‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬سلاحا‭ ‬نوويا‭ ‬ستظل‭ ‬موجودة،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬العنصرية‭ ‬اختفت‭ ‬رغم‭ ‬امتلاكها‭ ‬سلاحا‭ ‬نوويا‭ ‬أيضا‭.‬

وتابع‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬هو‭ ‬موضع‭ ‬تساؤل‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬غادر‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬البلاد،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬البولندية‭ ‬حتى‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬بولندي،‭ ‬وينطبق‭ ‬الشيء‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى‭.‬

واختتم‭ ‬حديثه‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬يعاني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭.‬

وللوقوف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬معادلات‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬ساحات‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى‭ ‬والأوروبية‭ ‬من‭ ‬مظاهرات‭ ‬تضامنية‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬للمطالبة‭ ‬بالحرية‭ ‬لفلسطين‭ ‬يؤكد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬ترفض‭ ‬السردية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تجاه‭ ‬فلسطين،‭ ‬وأن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬كانت‭ ‬أداة‭ ‬فاصلة‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬ومنصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬،‭ ‬باعتبارهما‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬صوت‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قتلها‭ ‬بصواريخها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأثيرها‭ ‬اللافت‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬أخرى‭ ‬كالفيسبوك‭ ‬والإنستغرام‭ ‬واليوتيوب‭.‬

الصراع‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬عاما،‭ ‬نجحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬في‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬الضحية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختلاق‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والادعاءات‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الذين‭ ‬مورست‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬التشويه‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬هي‭ ‬أرض‭ ‬بلا‭ ‬شعب،‭ ‬مرورا‭ ‬ببيع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأراضي‭ ‬لليهود،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬الرضع‭ ‬واغتصاب‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬

ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الأكاذيب‭ ‬لم‭ ‬تنطلِ‭ ‬على‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬سرعة‭ ‬المعلومات،‭ ‬فإذا‭ ‬كنا‭ ‬نتابع‭ ‬نتائج‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬عبر‭ ‬المذياع،‭ ‬وشهدنا‭ ‬بعض‭ ‬مشاهدها‭ ‬عبر‭ ‬شاشات‭ ‬الأخبار‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الحالي،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬متابعة‭ ‬الحروب‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تباهي‭ ‬مرتكبيها‭ ‬بجرائمهم‭ ‬كأنها‭ ‬إحدى‭ ‬الألعاب‭ ‬القتالية‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬مبتكروها‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬غزو‭ ‬عقول‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بها،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يثلج‭ ‬الصدر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬حطم‭ ‬كل‭ ‬مخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية،‭ ‬وأثبت‭ ‬أنه‭ ‬جيل‭ ‬واع‭ ‬بقضايا‭ ‬أمته،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬يقظة‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬بتغييبه‭ ‬عن‭ ‬الهم‭ ‬القومي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬بقدراته‭ ‬كأحد‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬الفتية‭ ‬بشبابها‭.‬

الغضبة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬‮«‬تيك‭ ‬توك‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الإصرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬ملاحقة‭ ‬التطبيق‭ ‬الذي‭ ‬تملكه‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بايت‭ ‬دانس‭ ‬ByteDance»‭ ‬ومقرها‭ ‬الصين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬فضح‭ ‬التواطؤ‭ ‬الغربي‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬تتيح‭ ‬إسرائيل‭ ‬لنفسها‭ ‬الفرصة‭ ‬لوضع‭ ‬مساحيق‭ ‬التجميل‭ ‬لترسم‭ ‬وجها‭ ‬بريئا‭ ‬تخفي‭ ‬وراءه‭ ‬ملامح‭ ‬القاتل‭ ‬المتسلسل‭ ‬الذي‭ ‬يقتل‭ ‬ضحايا‭ ‬بدم‭ ‬بارد،‭ ‬ويساعدها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ساسة‭ ‬الغرب‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬اليوم‭ ‬للدفاع‭ ‬باستماتة‭ ‬عن‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬ولم‭ ‬يضطلعوا‭ ‬بأي‭ ‬دور‭ ‬إنساني‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الانفرادي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬أثبت‭ ‬فشله‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وينتظر‭ ‬سقوط‭ ‬ورقة‭ ‬التوت‭ ‬الأخيرة‭ ‬عن‭ ‬عوراته‭ ‬حتى‭ ‬يتحرك‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لإعادة‭ ‬هندسة‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬وكانت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬ابتكرها‭ ‬الغرب‭ ‬لتدمير‭ ‬شعوبنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختراق‭ ‬مفاهيم‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة،‭ ‬لكن‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬الوسيلة‭ ‬التي‭ ‬نزعت‭ ‬ورقة‭ ‬التوت،‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬أبناء‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة‭ ‬الذين‭ ‬انتصروا‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الوعي‭ ‬القومي،‭ ‬الذين‭ ‬أسهموا‭ ‬في‭ ‬فضح‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭.‬

إن‭ ‬الصراع‭ ‬لم‭ ‬ينته‭ ‬بعد،‭ ‬وعلينا‭ ‬ألا‭ ‬ننخدع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلينا‭ ‬ألا‭ ‬نترك‭ ‬أبناءنا‭ ‬فريسة‭ ‬سهلة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬يعبثون‭ ‬في‭ ‬أفكارهم‭ ‬ويشكلون‭ ‬وعيهم‭ ‬في‭ ‬غيبة‭ ‬منا،‭ ‬لأن‭ ‬للصراع‭ ‬وجوها‭ ‬كثيرة،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬حروب‭ ‬القنابل‭ ‬والصواريخ‭ ‬هي‭ ‬أدناها‭ ‬دموية،‭ ‬وليبقى‭ ‬الحذر‭ ‬كل‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬العقول‭ ‬التي‭ ‬تمسخ‭ ‬الهوية‭ ‬وتهدر‭ ‬القضية‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا