زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
تحية متأخرة للمرأة
كان اليوم الثامن من شهر مارس المنصرم هو اليوم العالمي للمرأة، و«طنشت» تلك المناسبة أي تجاهلتها عامدا، لأنني لم اسمع قط عن امرأة او رجل احتفل باليوم العالمي للرجل، ثم ومن باب ابراء الذمة وجهت تحية مقتضبة للنساء في ذلك اليوم في صفحتي في فيسبوك، فجاء تعقيب من رجل: لا بأس، ليكن اليوم يومها، طالما لن تتغول المرأة على الـ364 يوما المتبقية من السنة.
في الاجتماع السنوي للجمعية البريطانية لعلم النفس، تم طرح تقرير يمثل خلاصة دراسات ميدانية شملت مئات العائلات، وأهم استنتاجاته ان وجود بنت في العائلة يجعل إخوتها من الجنسين أكثر إدراكا وفهما للأمور العامة، وطموحا وقدرة على التناغم مع النكسات والمتغيرات، واجتياز العقبات والمنعطفات والمطبات بأقل قدر من الخسائر، فلأن دموع النساء «حاضرة وجاهزة عند الطلب» وتنهمر لما نحسب أنه أتفه الأسباب، فإننا نفترض ان النساء أقل قدرة على التأقلم مع النكبات، في حين أكدت تلك الدراسة ان البنات ومنذ سن مبكرة لهن الاستعداد لاستيعاب الصدمات أكثر من الأولاد، بل اتضح انه وفي حالة انفصال الأبوين فإن البنات يعانين أقل من الأولاد من فراق أحد الأبوين.
أتعرفون لماذا؟ في كل المجتمعات والثقافات تواجه النساء الاتهام بأنهن ثرثارات وينتجن دموع التماسيح، في حين أن الثرثرة والبكاء ليست دائما عيبا ونقيصة، فالثرثرة قد تعني الفضفضة، ومن لا يستطيع الفضفضة عند المحن والأزمات، يقوم بتخزين انفعالاته وحزنه وغضبه حتى تختمر وتتحول الى غازات ثم يحدث الانفجار المفاجئ وغير المحسوب، وكل الانفجارات تخلف دمارا بقدرٍ أو بآخر لتعرف قيمة النساء في البيت.
قم بزيارة قريب أو صديق بعد غياب زوجته عن البيت لعدة أيام، وسيكتشف أنفك ان ذلك البيت اكتسب رائحة «العزوبية»، فللبيت الذي ليس فيه نساء رائحة غير مريحة. نعم هناك عزاب مزمنون بيوتهم نظيفة وذات رائحة لطيفة، ولكن حتى تلك البيوت تصبح أكثر بهاء وأطيب رائحة إذا دخلت فيها النساء للإقامة الدائمة.، ولي بنتان مولودتان بين قوسين، يعني أكبر عيالي ولد وأصغرهم ولد، والبنتان «في النص»، وبدون خطب أو مواعظ يعرف الولدان أن ذكورتهما لا تعطيهما أي سلطات استثنائية لممارسة العنترة على البنتين، وبنفس القدر فإن البنتين تدركان ان قواعد الأخوة والأبوة والبنوة تفرض عليهما وضع اعتبار للتراتبية، أي الفارق في السن من دون ان يكون كون أحدهما أكبر من الآخر شيكا على بياض للغطرسة والبطش، وككل الإخوة يتشاكسون ويتخاصمون لدقائق، ولكن لا مكان لعبارات من نوع: كلمتي ماشية لأني ولد أو بنت.
وربما ساعد على تحقيق تلك المساواة في الحقوق والواجبات بين الولدين والبنتين أنني والولدين نستغل أي ثغرة في نظام البيت لممارسة الفوضى، فردة حذاء تحت السرير والأخرى فوق الثلاجة.. هذا القميص لبسته أربع مرات ولكنه في حالة جيدة.. هنا تقوم البنتان بمهمة الردع المهذب او القاسي بترتيب الأشياء والاحتجاج بصوت مسموع.. وحدث ان كنت أبحث عن حذاء معين وسمعت بنتي تقول: مش جزمتك بتاعت حفل تخريجك من الجامعة؟ رميتها لأني كنت شامة ريحة فار ميت واكتشفت ان جزمتك هي «الفار».
المرأة، أما كانت أو أختا أو زوجة أو حتى حماة هي العطر والوسادة والضمادة.. هي الكلمة الحلوة والبسمة البلسم.. بكل اللغات هناك ملايين القصائد في التغزل بمحاسن المرأة.. أتحداك أن تأتيني بسبع قصائد من كل دواوين الشعر في العالم تتغزل فيها نساء برجال.. نعم النساء يعشقن الرجال ويكتبن الشعر ولكن معظم شعرهن همس أو نظرة أو غمزة او بشاشة أو لمسة حانية (ربما لأنهن يوفرن الكلمات لقصائد الهجاء).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك