زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
القِرفة أم شوربة الدجاج؟
من الفولكلور الطبي الغربي أن شوربة الدجاج تساعد على الشفاء من أمراض البرد، ولكن وبظهور العقاقير الكيميائية نسي الناس أمر تلك الشوربة، على الرغم من أنه لا يوجد على ظهر البسيطة طبيب يستطيع أن يقدم لك علاجاً كيميائياً ناجعاً لنزلة البرد على الرغم من وجود مئات الأصناف من العقاقير التي تزعم معالجة البرد في أرفف الصيدليات، وعلى كل حال فقد صار الناس وفي جميع القارات يعرفون أن نزلة البرد تزول في معظم الحالات، بعد سبعة أيام من دون علاج وبعد أسبوع مع العلاج بالأقراص والمحاليل الصيدلانية
عرضت الدكتورة لاريسا ليابينا أستاذة علم الأحياء البشري والحيواني في جامعة موسكو أمام مؤتمر علمي انعقد في العاصمة الروسية أدلة قاطعة تفيد بأن شوربة الدجاج تسهم فعلاً في التخلص من أمراض البرد، بل والتغلب على أعراض الشيخوخة والوهن، بفضل مادة البرولين الموجودة في الكولاجين وهي أنسجة الربط التي تذوب عند غلي الدجاج، وتتحول إلى جيلاتين (هل سمعتم بالسيدة التي فتحت الثلاجة وكان بها قالب جيلاتين أو جيلي يهتز فقالت له: لا تخف... أريد فقط بعض الماء؟)، والجلاتين خليط من البروتينات المعروف مفردها باسم بيبتايد، وأيد الدكتور ستيفن رينارد من كلية طب جامعة نبراسكا الأمريكية استنتاجات الباحثة الروسية قائلاً إنه أجرى أبحاثاً أثبتت أن شوربة الدجاج تمنع انسداد الشعب الهوائية وتساعد على تسييل البلغم المخاطي، خاصة إذا كانت الشوربة تحوي الثوم الذي يتمتع بخاصية مقاومة الباكتيريا والفيروسات، كما أنه يساعد في تطفيش الأشخاص الثقلاء، فإذا زارك شخص في وقت راحة أو نوم فعجّل بوضع فص ثوم في فمك وأمضغه بسرعة ثم أعطه ثلاث بوسات على أنفه، وأضمن لك أنك لن ترى وجهه مرة أخرى
وإعداد شوربة الدجاج سهل للغاية، أقول هذا كشخص يعرف بعض فنون الطبخ ولا يتحرج في أن يعد وجبة لأفراد عائلته «بمزاج»، وبكل تواضع فإنني – مثلا - ماهر في إعداد وطبخ الكوسا، حيث أقوم بقطع طرفيها وتقشيرها برفق، ثم دهن بالملح والفلفل وغمسها في الخل لخمس دقائق ثم أفتح الشباك وألقي بها إلى الخارج، (كان الأعرابي شديد النفور من الباذنجان ولما عددوا له فوائده الغذائية قال: والله لو غسلوه بماء زمزم وقلوه بالتقوى لما وضعته في فمي)
المهم إليكم وصفة إعداد شوربة الدجاج، فهات ورقة وقلما لتسجل ما أقوله - نفعك الله بثقافتي الطبخية - تلك الشوربة تصنع من لحم الدجاج طبعاً مع بعض الجزر والبصل والثوم والملح والفلفل. ضع كل ذلك على النار لنحو 45 دقيقة ثم أخرج قطع الدجاج وأمزج بقية العناصر بالخلاط واستخلص اللحم والعظام الكبيرة من الدجاج المسلوق وأضفها إلى الخليط، وأتركها على النار مجدداً لمدة مماثلة، وكلما كانت الشوربة مركزة كلما كانت قيمتها العلاجية أفضل! ولكن وبما أنك أيها القارئ عربي، أو تعيش في بلد عربي وبما أن جميع العرب يعيشون على الأطعمة المستوردة، فعليك قبل صنع الشوربة أن تحمل الدجاج إلى مختبر للأغذية للتأكد من خلوه من هرمونات النمو والمضادات الحيوية، التي يتم إطعامها للكتاكيت كي تنمو بسرعة وينتفش لحمها، وهي مواد ضارة بالدجاج والإنسان، ولكن ما حيلتنا نحن الذين يفترض فينا أن نكون من الدواجن، ولا نتمتع سوى بنوعين من الحرية: إحداهما مطلقة وهي «التنفس» والثانية مقيدة وهي الذهاب إلى دورة المياه!
ومساهمتي في أمر التداوي من نزلات البرد والتي سبق لي عرضها على قراء أخبار الخليج قبل سنوات لا علاقة لها بشوربة من أي نوع، فعندما اكتشف الطب أن منشأ اضطرابات القولون عندي هو أنني أعاني من حساسية اللاكتوز (السكر الطبيعي الذي في الألبان)، صرت أتعاطى الشاي الأحمر فقط ولكن مشبعا بالقرفة (الدارسين)، وانتبهت إلى أنني ومنذ أن «تقرّفت وتدرسنت» لم أعد أصاب بنزلات البرد، ثم حصلت على أقراص مضادة لحساسية اللاكتوز وتوقفت عن تعاطي الشاي بالقرفة، فعادت نزلات البرد تداهمني بشدة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك