زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لماذا هذا فقير وذاك غني؟
بعد دراسة أحوال عشرات الآلاف من الناس من مختلف الأجناس والقارات، على مدى 12 سنة توصل فريق من علماء النفس والاجتماع والاقتصاد إلى أن هناك أمورا وأنشطة معينة يقوم بها الفقراء ولا يقوم بها الأغنياء:
قالوا إن الفقير أكثر ميلا لقتل الوقت بما يتيسر من وسائل ترفيه وترويح، ومن ثم يخصص وقتا طويلا لمشاهدة التلفزيون، وإنه ميال الى الجلوس على الكنبة او التمدد على السرير، وإنه هو أكثر استخداما لوسائل التواصل الاجتماعي لقتل الوقت، ويثق بمعظم ما يأتيه عبر واتساب والتطبيقات الأخرى، كما أنه أقل ميلا للقراءة من الأغنياء الذين يرصدون باهتمام أحوال الحكم والسياسة والاقتصاد والمجتمع عموما.
وقالوا إن الأغنياء لديهم برنامج ثابت للاستيقاظ المبكر وأداء أمور معينة في الصباح، ثم التخطيط لأمور ينبغي القيام بها وفق جدول زمني معلوم، بينما الفقراء يصحون بحسب التساهيل بعد ساعات النوم الطويلة وليس لديهم برنامج صباحي ثابت، بل وفور الاستيقاظ يقضون وقتا طويلا في تفحص الرسائل الهاتفية النصية وتلك التي تأتى عبر واتساب ومسنجر وتلغرام وغيرها من الوسائط، كما لاحظا ان الفقير يحسب جهده بعدد الساعات (من كذا الى كذا عملت كذا ثم عملت كذا وكذا لمدة 3 ساعات) بينما الغني يهتم بالنتائج ومحصلة الجهد (راجعت العقد ووقعت عليه ودفعت رسوم الجمارك لكذا وكذا)، لأنه يعلم سلفا ما هي أولوياته ولديه جدول عمل يومي ينجز فيه أشياء معلومة، ويكون في البيت في وقت معلوم لوجبة الغداء مثلا او للاستجمام، لأن لديه في غالب الأحوال برنامج مسائي حافل قد يتضمن بعض الأنشطة الترفيهية، والأغنياء يميلون الى الأنشطة الجماعية الترفيهية بينما الفقير يستعيض عن الرفقة الحقيقية بالرفقة الافتراضية التي توفرها منصات التواصل الاجتماعي، الفقير لا يهتم كثيرا لحال جسمه ويتعلل دائما بأنه لا يملك الوقت لممارسة أي رياضة بل قد يعتبر الرياضة إرهاقا لجسمه (وأنا ما ناقص)، ومضيعة للوقت الذي يحتاجه كي ينجز أمورا تتعلق بأكل العيش، وبسبب أحواله المادية يختار وجبات رخيصة الثمن ولا يستغرق أكلها وقتا طويلا ومن ثم تجده أكثر عرضة للمرض بينما الغني يتعامل مع جسمه باعتباره أداة عمل عالية الأهمية ولهذا يهتم بالرياضة والتغذية الجيدة.
وقال أولئك الباحثون إن الفقير يحس دائما إنه مضغوط وان جدول عمله مزدحم، لأنه إما يؤخر انجاز العمل للساعات الأخيرة أو لأن طرق انجاز العمل يحددها له آخرون: الرؤساء والمدراء، وليس لديه حرية الابداع او هامش للابتكار، بينما يتمتع الغني بهامش كبير للتحكم في إيقاع عمله، ولهذا ولكي ينجح يبذل الفقير جهدا خارقا بينما الغني قد يحقق نجاحا مذهلا بجهد قليل في كثير من الأحيان لأنه يتقن إدارة الوقت، ويقول علماء النفس والاجتماع الذين أجروا تلك الدراسة إن الفقير لا يستطيع التحكم حتى في قليل ما عنده من مال، فهناك دائما بنود صرف طارئة (المرض أو فاتورة كهرباء عالية القيمة على غير العادة او حلول موعد قسط مدرسي لواحد او اكثر من العيال) كما ان دخله لا يستطيع ان يجاري تقلبات السوق فالراتب الذي كان يكفيه لثلاثة أسابيع قبل 8 اشهر لا يكفيه لأكثر من 10 أيام في الوقت الحالي، بينما الغني يعرف جيدا كم سيكسب بنهاية الشهر ولديه جدول منصرفات وادخار لعدة شهور قادمة.
وقال الباحثون ان الفقير قد ينعم ظاهريا براحة البال أكثر من الغني الذي حياته كلها عمليات حسابية، في حين ان حقيقة الأمر هي وضعه المالي وعجزه عن تلبية متطلبات الحياة قد يحرمه من راحة البال
(ملاحظة شخصية: من أهم المهارات التي أتمتع بها إدارة الوقت، وأخطط لما اريد ان افعله طوال اليوم في الليلة الفائتة، ومع هذا فلست من طبقة الأغنياء)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك