عالم يتغير
فوزية رشيد
حرية الصحافة والتعبير في ميزان الأحداث!
{ بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة فإن الميزان الأكثر دقة لرصد حقيقة هذه الحرية للصحافة المعتمدة بدورها على حرية التعبير ونقل الحقائق تلخص في الفترة الأخيرة في أمرين، الأمر الأول: كيف كان التعامل الصهيوني مع الصحفيين والإعلاميين الذين كانوا يوثقون المعاناة الإنسانية في غزة فإذا برصاص الآلات الإسرائيلية تستهدفهم عن عمد حتى بدا أن حربا أخرى قائمة بين الكاميرا والميكرفون وأجساد الصحفيين والإعلاميين من جهة والدبابات والصواريخ والقناصين الذين يركزون على الشارات الإعلامية لإنهاء حياتهم من جهة ثانية! حتى بلغ عدد شهداء الصحافة وحدهم في غزة خلال 7 أشهر ما يقارب الـ(300 صحفي وإعلامي) بين قتيل وأسير!
{ في هذا الاستهداف المباشر للصحفيين وعائلاتهم وأقاربهم أيضا! كان يتضح حجم الكذب والخداع الذي يروج له الغرب والكيان الصهيوني حول أن هذا الكيان هو واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط! فإذا به واحة لقتل الحرية والصحافة والرأي والتعبير بالاستهداف المباشر للقتل بالرصاص والصواريخ والدبابات سواء للصحفيين أو لعائلتهم! حتى أن غزة التي جعلت العالم كله يواجه (عري النظام الدولي القائم) ووحشية الكيان الصهيوني لا يزال يعيش حالة الصدمة الثقافية والحضارية وصدمة القيم التي ظهرت جميعها عارية أمام مرآة الحقيقة في غزة والعالم فعكست الوجه الأسود الملطخ بالدماء في مواجهة من كان يوثق لجرائم الحرب والإبادة! ولكأن حرية الصحافة والتعبير تتوقف بدورها عند عتبة هذا الكيان فيتم استئصالها! والغريب أن الغرب يقف خلف الكيان وليس خلف ما يدعيه من قيم!
{ المشهد أو الأمر الثاني هو كيف واجهت عواصم الديمقراطية المدعاة في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية الاحتجاجات الشعبية والطلابية ضد حرب الإبادة في غزة وكيف قوبلت حركة الطلاب في الأيام الأخيرة في الجامعات الأمريكية بالوحشية والضرب وسحل الطلاب! وبالضغوط السياسية والفكرية حين تم تحويل رفض الإبادة وقتل الأطفال الذي يمارسه الكيان باعتباره معاداة للسامية! أي تحويل ما هو سياسي وحشي من المفترض أن ترفضه بقوة كل دول العالم دون استثناء وأن ترفضه دول الغرب التي تدعي الحريات والحقوق فإنها وبدلا من الرفض مارست القمع والوحشية والضرب والاعتقال للطلبة الجامعيين والأساتذة الذين يعبرون عن إنسانيتهم في رفض الجرائم! الدول الغربية حولت حرية التعبير في رفض جرائم الحرب إلى معاداة عرقية للسامية! وهي الدول ذاتها التي كانت تعتبر معاداة الإسلام والإساءة بالرسوم والفكر أنها حرية تعبير وليس معاداة ورغم أنها معاداة عنصرية ودينية كبيرة!
{ في ميزان الوقائع والأحداث ضربنا نموذجا أخيرا حول حقيقة حرية الصحافة والتعبير في العالم حين يتعلق الأمر بكشف فضائح وفظائع الكيان الصهيوني والأنظمة الغربية ذات المعايير المزدوجة والمهترئة التي يكثر فيها الادعاء والبروباجندا! فيما هي في الحقيقة تعادي أية حرية صحافة وتعبير حين يتعلق الأمر بها!
{ ولعل حديث الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يكشف فقط بعض ما تتعرض له هذه الحرية في العالم وفي الحروب وفيما يتعلق بكشف الحقائق البيئية والحروب البيولوجية رغم أن ملف معاداة حرية الصحافة ملف كبير يوضح أن حرية الصحافة على المستوى العالمي هي حرية منوطة بالاستهداف وقتل الصحفيين عن عمد وليسوا مجرد ضحايا آثار الحروب أو الأحداث! وكل ذلك ورغم أهمية الرأي الكاشف للحقائق في العالم حول مختلف القضايا فإن ما يتضح هو أن مثل ذلك الرأي هو أكبر ضحايا الخداع والأكاذيب حول الحريات والحقوق الإنسانية والديمقراطية! لأن من يدير تلك المنظومة الدولية ومؤسساتها الأساسية والفرعية هم أشرار العالم أنفسهم الذين يوزعون القيم الكاذبة والأخلاقيات الفاسدة والفوضى الحضارية، كما يوزعون الأرغفة التي تبدو في مظهرها طازجة وشهية ولكن عجينتها مخلوطة بالسموم!
العالم كله بحاجة إلى وقفة جادة لمعرفة المآلات التي تنحدر نحوها ليس فقط حرية الصحافة والتعبير، بل كل الحريات والحقوق الإنسانية والديمقراطية الغربية، التي كشفت غزة وحدها حجم الزيف الداخل فيها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك