العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

القلق الصهيوني!

{‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬أحدثه‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مشهدا‭ ‬يشبه‭ ‬مشاهد‭ ‬أية‭ ‬حرب‭ ‬سابقة‭ ‬رغم‭ ‬بشاعة‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬فظائع‭! ‬هنا‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يشاهد‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يشاهد‭ ‬قط‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬للأبرياء‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬وحيث‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬منهم‭ ‬فوق‭ ‬الركام‭ ‬ربما‭ ‬أقل‭ ‬ممن‭ ‬دفنوا‭ ‬تحت‭ ‬الركام‭! ‬لتخرج‭ ‬الأشلاء‭ ‬الممزقة‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والأبرياء‭ ‬فيما‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬غيرهم‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إليهم‭ ‬يد‭ ‬الانتشال‭!‬

العالم‭ ‬أيضا‭ ‬يشاهد‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يشاهد‭ ‬قط‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭ ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬تدمير‭ ‬العمارات‭ ‬والبيوت‭ ‬والمساجد‭ ‬والكنائس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬حتى‭ ‬يختلط‭ ‬الحجر‭ ‬بالبشر‭ ‬والتراب،‭ ‬فلا‭ ‬يعود‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ملمح‭ ‬لا‭ ‬للمباني‭ ‬ولا‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬داخلها‭! ‬لقد‭ ‬اختلط‭ ‬الدم‭ ‬بالرماد‭ ‬وخرجت‭ ‬ذراع‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وقدم‭ ‬من‭ ‬هناك‭ ‬ووجه‭ ‬يشبه‭ ‬أحد‭ ‬وجوه‭ ‬لوحات‭ ‬‮«‬بيكاسو‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الوجه‭ ‬في‭ ‬مكانه‭! ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬العالم‭ ‬عبر‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬والتهديد‭ ‬باجتياح‭ ‬رفح‭ ‬ينبئ‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬لأبشع‭ ‬كوارث‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬البشرية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مذهولة‭ ‬ولا‭ ‬تصدق‭ ‬حجم‭ ‬انعدام‭ ‬الإنسانية‭ ‬وانعدام‭ ‬الأخلاق‭ ‬فيما‭ ‬يحدث‭ ‬أمامها‭!‬

{‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬حركت‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬حركت‭ ‬للغرابة‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬في‭ ‬المجمل‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الاستثناءات‭! ‬ولكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فإن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬رغم‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬أشعرته‭ ‬مؤخرا‭ ‬بالقلق‭ ‬حين‭ ‬وصلت‭ ‬تلك‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬إلى‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وإلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬التابعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الأمريكية‭! ‬حيث‭ ‬ها‭ ‬هنا‭ ‬سر‭ ‬بقاء‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬وقوته،‭ ‬وهو‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬الذي‭ ‬إن‭ ‬اختل‭ ‬بالطريقة‭ ‬التصاعدية‭ ‬التي‭ ‬يختل‭ ‬بها‭ ‬اليوم‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬سيواجه‭ ‬تغيرا‭ ‬محتملا‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬بفعل‭ ‬ضغط‭ ‬الشعوب‭ ‬المتزايد‭ ‬والمتصاعد‭! ‬والذي‭ ‬يزداد‭ ‬غضبه‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬توقف‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬مثلما‭ ‬يزداد‭ ‬الغضب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬انقلاب‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬وأصبح‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬فلسطين‭ ‬حرة‮»‬‭ ‬هو‭ ‬شعار‭ ‬كل‭ ‬الاحتجاجات‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يواجهه‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سابقا‭!‬

{‭ ‬نتنياهو‭ ‬وهو‭ ‬يعلق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ذهول‭ ‬بحيث‭ ‬حول‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬على‭ ‬الممارسات‭ ‬الوحشية‭ ‬والسياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬الإبادة‭ ‬والمجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬معاداة‭ ‬للسامية‭ ‬وليس‭ ‬للممارسات‭ ‬الوحشية‭!‬

ما‭ ‬دخل‭ ‬‮«‬السامية‮»‬‭ ‬أصلا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬ترفضها‭ ‬شعوب‭ ‬العالم؟‭! ‬وهل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الصهاينة‭ ‬هم‭ ‬ساميون‭ ‬أصلا؟‭! ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأكاذيب‭ ‬أكذوبة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الصهاينة‭ ‬هم‭ ‬ساميون‭! ‬فيما‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬هم‭ ‬الساميون‭! ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يعادي‭ ‬السامية‭ ‬هو‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬ألصق‭ ‬بنفسه‭ ‬صفة‭ ‬عرقية‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬له‭! ‬هذا‭ ‬أولا،‭ ‬وثانيا‭ ‬هل‭ ‬رفض‭ ‬الوحشية‭ ‬ومجازر‭ ‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬معاداة‭ ‬للسامية؟‭! ‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬الصهاينة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬القيادات‭ ‬المتطرفة‭ ‬وبينهم‭ ‬نتنياهو‭ ‬أن‭ ‬الوحشية‭ ‬صفتنا‭ ‬وصفة‭ ‬السامية‭ ‬المدعاة‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬يشهد‭ ‬تحولا‭ ‬كبيرا‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬الشابة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعبأ‭ ‬بالفروقات‭ ‬العرقية‭! ‬أو‭ ‬بالأيديولوجية‭ ‬الصهيونية‭ ‬المتطرفة‭! ‬بل‭ ‬ما‭ ‬يهمها‭ ‬إنقاذ‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وإنقاذ‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والمجازر‭! ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬يهود‭ ‬ومسيحيون‭ ‬بل‭ ‬صهاينة‭ ‬سابقون‭! ‬

{‭ ‬ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬انقلاب‭ ‬وتحول‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ (‬طلبة‭ ‬وأساتذة‭) ‬بل‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها،‭ ‬حتى‭ ‬تتزايد‭ ‬الاستقالات‭ ‬بسبب‭ ‬الدعم‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬هذه‭! ‬ولذلك‭ ‬حتما‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬غزة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كما‭ ‬قبله،‭ ‬وما‭ ‬يقلق‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي،‭ ‬لأنه‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬الساسة‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬المطلق‭ ‬لها‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭ ‬اليوم‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬قوة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المطلق‭ ‬والغربي‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تراجع‭ ‬يكون‭ ‬الهبوط‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬سلم‭ ‬الفوقية‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬نحو‭ ‬هاوية‭ ‬الاهتزاز‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتحول‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬زلزال‭ ‬يقتلع‭ ‬الكيان‭ ‬من‭ ‬مكانه‭! ‬وكل‭ ‬الذين‭ ‬راهنوا‭ ‬أو‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬قوة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬فيها‭ ‬قد‭ ‬حررت‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أكاذيب‭ ‬الصهيونية‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭! ‬حراك‭ ‬الجامعات‭ ‬مؤشر‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا