عالم يتغير
فوزية رشيد
قمع الجامعات وهذه هي ديمقراطيتهم!
{ بين ما كشفته أحداث غزة في الشهور الأخيرة، سقوط النموذج الديمقراطي في معاقله الغربية حين تصاعدت الاحتجاجات على حرب الإبادة التي لا يزال يقوم بها الكيان الصهيوني، وسواء من قام برفض طلب التجمعات أو قمعها أو تزييف الحراك الشعبي الاحتجاجي في أمريكا، باعتبارها معاداة للسامية وليس احتجاجا على المجازر وجرائم الحرب والإبادة فإن التصاعد مستمر!
{ مؤخرا بدأت احتجاجات في الجامعات الأمريكية وأصبحت تهز أركان السياسة في أمريكا، وهي الاحتجاجات العارمة التي انتقلت شرارتها من جامعة كولومبيا إلى جامعة تكساس، ثم جامعة جنوب كاليفورنيا، وجامعة براون في مدينة بروفيدنس، وجامعة ميشيجان في مدينة آن أربور، ومعهد ماسوتشوستس للتكنولوجيا في كمبريدج، وجامعة كاليفورنيا بوليتكنك في مدينة هومبولت، بل إن احتجاجات الجامعات الأمريكية امتدت إلى دول أخرى في العالم مثل فرنسا بدءا من العاصمة باريس وصولا إلى أستراليا، وموجة الجامعات هذه يبدو أنها ستتصاعد إلى دول أخرى تعبيرا عن (جيل عالمي جديد) صحا على أكاذيب «النظام الدولي الراهن»! بل وهو يكتشف في ظل احتجاجاته آخر قطرات في وجه ديمقراطيته الزائفة!
{ محتجو الجامعات الأمريكية يطالبون بإنهاء التعاون مع الكيان الصهيوني، والضغط على الإدارة الأمريكية لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة، ولكن لأن تلك المطالب تضرب أسس العدوان الإسرائيلي الذي تغذيه الولايات المتحدة بنفسها ومعها دول غربية أخرى، فإن القمع واقتحام الجامعات واعتقال الطلبة وتفكيك مواقع الاعتصام في المخيمات داخل ساحات الجامعة، كان هو الرد الأمني القاسي على تلك الاحتجاجات! وبما استدعى التهديد بنشر الحرس الوطني على لسان رئيس مجلس النواب الجمهوري «مايك جونسون»! في الوقت الذي تعاملت فيه (سلطات إنفاذ القانون) بشكل عنيف مع بعض الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة، وقامت باعتقال العشرات من الطلبة بل وأساتذة في الجامعات وإغلاق جامعات أخرى، بل إن منظمة العفو الدولية أدانت الإجراءات العنيفة المتصاعدة وأسمته (التعامل العرقي والقمعي) رغم أنها احتجاجات سلمية داعمة لحقوق الفلسطينيين في الجامعات الأمريكية، والتي تداخلت معهم جنسيات أخرى كثيرة بينهم يهود ومسيحيون ضد ما يتم ارتكابه في غزة!
{ أما السؤال عن حق الاحتجاج السلمي وحماية الطلبة وتنظيم الاحتجاجات فهو سؤال يصب في صلب النموذج الديمقراطي الأمريكي والغربي عموما، حين يتم خلط السياسة ونقد الممارسات الصهيونية في الكيان الصهيوني باعتبارها معاداة للسامية، أو تأييدا للإرهاب! ولكأن المقاومة الفلسطينية لا تمارس حقها المشروع في المقاومة وهي تواجه إرهاب الدولة الصهيونية أو إرهاب دولة الاحتلال التي بلغت حدودا لا إنسانية ولا أخلاقية جعلت شعوب العالم كله ومنها الشعب الأمريكي والجيل الجديد هناك يكتشفون حجم الخديعة التي تمت ممارستها على وعيهم وعقولهم خلال العقود الماضية عبر إعلام صهيوني في أمريكا والغرب! جعل من الضحية إرهابيا ومن دولة الإرهاب الصهيوني واحة للديمقراطية! فإذا الصورة كلها تنقلب عبر وسائل التواصل الإلكتروني الذي أفشل بالحقائق المصورة زيف الإعلام في أمريكا والغرب والذي كان تمويله ولا يزال بالمليارات سنويا!
{ جيل الشباب الراهن وهو يذوق مرارة ما يكتشفه كل يوم من زيف وخداع وفبركة يبدو أنه بمطالبه الواضحة يقف الموقف الأخلاقي والإنساني بعيدا عن الأساطير والخرافات المؤسسة لـ«إسرائيل»! وبعيدا عن الأيديولوجيات الصهيونية وغسل الدماغ! وبعيدا حتى عن زيف الديمقراطية التي تعتبر أمريكا ويعتبر الغرب أنه ممثل لها ونموذجها! فإذا بها تنهار اليوم في ساحات الجامعات الأمريكية مع انهيار المنظومة الزائفة من القيم الغربية كحقوق الإنسان والحريات وحرية الرأي! فكلها تتفتت اليوم كما لم تتفتت قط تحت أقدام الطلبة الجامعيين، ليديروا ظهورهم للدعم الأمريكي المطلق للكيان الصهيوني، وبما يجعل الإدارة الأمريكية الراهنة والرئيس بايدن في خانة الخسارة قبل أن تبدأ الانتخابات الرئاسية القادمة خلال هذا العام!
{ إنها صحوة الجيل الجديد، التي تنتشر كالنار في الهشيم، وبما يعيد القضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعوب العالم كلها، حتى لو تخلت حكومات قوى الغرب عنها لتقف وقفتها المزرية مع الكيان الصهيوني وهو يقوم بحرب الإبادة والمجازر وجرائم الحرب كل يوم وكل ساعة! ومن الواضح أن جيل الشباب في أمريكا والغرب لن يعود إلى ما كان عليه في «الوعي الزائف» فقد وضعته أحداث غزة أمام الحقيقة التي يراها ويسمعها كل يوم!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك