عالم يتغير
فوزية رشيد
تسرّب سترة وأهمية الشفافية الإعلامية في التعامل مع الأزمات!
{ عادة وبما يخص أي حادث أو أزمة طارئة تؤكد التصريحات (أهمية استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية ذات العلاقة) وهو الأمر ذاته الذي يطالب به المواطنون لمعرفة حقيقة ما يجري! وهو ما يتطلب «الشفافية الإعلامية» على المستوى الرسمي، حتى لا تكون هناك فرصة لضبابية المعلومات أو غموضها، وبما يُحدث بلبلة في الرأي العام! نقول ذلك ونحن نتابع خلال الأيام الماضية حدثين يتعلقان بالبيئة أحدهما سقوط الأمطار بكثافة يومي 15 و16 من الشهر الجاري، والآخر يتعلق بالتسرّب الناجم بأحد خزانات النفط في سترة والروائح المنبعثة، وحيث المشكلة لم تكن في الروائح بحدّ ذاتها، وإنما في (المكونات الكيميائية للغاز المتسرّب) وكيفية معالجته، والمدى الزمني الذي يستغرقه للتعامل مع التسرّب! خاصة أن أضرار ذلك التسرّب لها تأثير على الصحة العامة سواء على المدى القصير أو على المدى الطويل!
{ كثرت الأحاديث وكثرت الشكاوى وزاد الغموض ولم يكن هناك في البداية تصريحات شفافة وشافية من الجهات ككل سواء من «بابكو» أو من الجهات المختصة بالحفاظ على البيئة وكيفية التعامل مع الحوادث المُقلقة! ولذلك انتشر الكلام وانتشرت التحليلات، حتى ظهرت بعد أيام بعض التصريحات بالتنسيق بين «شركة بابكو» و«وزارة النفط والبيئة» و«الإدارة العامة للدفاع المدني» حول اتخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ من انتشار الغازات والسيطرة عليها!
ومن بين الإجراءات توقف التعليم الحضوري والانتقال إلى «نظام التعلم عن بُعد» بشكل مؤقت في عدد من المؤسسات التعليمية بمنطقة سترة وما جاورها، وبعض الجامعات ورياض الأطفال في المناطق الأكثر تضرّرًا، رغم أن سكان البحرين بشكل عام وصلتهم جميعًا روائح الغاز بسبب صغر مساحة البحرين واتجاهات الرياح!
{ وبعد ظهور تقرير من إحدى المؤسسات الأمريكية حول جودة الهواء بما أثار القلق بسبب تداوله، صرّح «المجلس الأعلى للبيئة» بعد تلقيه بلاغات بشأن روائح الغاز المنتشرة والتساؤل حول مدى تأثيرها على الصحة العامة وتحديدًا في المناطق القريبة من خزانات النفط، ليؤكد التصريح أن (موضوع جودة الهواء له أهمية خاصة باعتباره من أركان المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية) وأن جودة الهواء لا تزال في المستويات الآمنة وضمن المقاييس البيئية المعتمدة، لكنها أوضحت أنه تم بالفعل رصد تجاوز محدود في مؤشر «الهيدروكربونات» عند بدء حادثة التسرّب في أحد خزانات النفط التابعة لشركة بابكو، والناجمة من «خلل فني» ناتج عن الأحوال الجوية والامطار الغزيرة التي شهدتها مملكة البحرين، وهناك «7 محطات» ثابتة تقيس مختلف الملوثات في الهواء مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والبنزين والأمونيا والجسيمات العالقة وغيرها، وهذه المحطات موجودة في (قلالي وقلعة البحرين ورأس حيان وسترة وعوالي والجسرة ومدينة زايد).
{ بحسب هذه التصريحات الأخيرة من عدة جهات، ورغم أن السيطرة الكاملة على التسريب لم تكتمل بعد! فإن قلق المواطنين على الصحة العامة وعلى صحة البيئة وجودة الهواء وكيفية التعامل الحالي والمستقبلي مع أي تسرّب جديد لا يزال مستمرًا، وخاصة أن المتغيرات المناخية ستبقى بدورها مستمرة بحسب التوقعات، سواء من حيث كثافة الأمطار أو تأثير تلك الكثافة المطرية على المنشآت النفطية والطاقية والمنشآت الأخرى التي تحتاج بدورها إلى معالجة حقيقية للمناطق السكنية والمنشآت الحساسة الواقعة في تلك المناطق ونموذجها ما حدث في سترة!
{ إن مشاركة المواطنين في المعلومات والبيانات والإرشادات الواجب اتباعها لتأمين السلامة العامة، من الأمور الضرورية التي لا تتم إلا من خلال «الشفافية الإعلامية» حتى لا يسود القلق بين المواطنين كما حدث في الأيام الأخيرة!
وهذا بدوره يلقي الضوء على دور (اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث)! وكذلك لا بدّ من مراجعة إجراءات وخطط الشركات مثل «بابكو» التي يطرح البعض أنها لم تضع الخطط الكافية لمواجهة المتغيرات المناخية وتأثيرها سواء من خلال الأمطار أو الأعاصير على المنشآت الحساسة التي تديرها! وخاصة أنها ترصد أموالاً طائلة للإنفاق على «أعمال الصيانة» ومواجهة أي حوادث خطيرة، قد تؤثر على سلامة وجودة الهواء وعلى صحة الناس بالضرورة! وهذا يتطلب مواجهة أي هفوات خاصة في الجوانب المتعلقة بالإجراءات المتبعة، حتى لا تتكرّر حوادث تسريب أخرى في ظل تكرار تداعيات «المتغير المناخي» مثل العواصف والأمطار الكثيفة غير المسبوقة والأعاصير!
حفظ الله مملكة البحرين وشعبها من كل شرّ.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك