عالم يتغير
فوزية رشيد
ظلمات فوق ظلمات!
{ هل نحن بالفعل في الزمن الأخير، الذي جاء وصفه في بعض الأحاديث النبوية، وحيث الفتن تتراكم فوق بعضها وكأنها ظلمات فوق ظلمات؟! وكما جاء ذات الوصف في القرآن الكريم حول أعماق البحار، التي يبدو أن الإنسان رغم كل علومه المتطوّرة الراهنة لم يصل إلى أعمق أعماقها، مثلما لم يصل إلى فهم خلفيات وأغوار ما يحدث من فتن في زمننا الراهن! ولكأن العالم يخرج بوجهيه «الظاهر والباطن» معًا حتى تحوّل المظهر الخارجي إلى مجرد «ديكور هشّ» تُطل من خلف حُجُبه «وجه الخفاء» وهي تركل البشرية كلها إلى الهاوية! أو لكأنه الامتحان العسير الأخير الذي يصل فيه التمحيص بين الخير والشرّ مفترقات خطيرة، خاصة وقد لبس الشرّ لباس الخير «ظاهريا» ليمارس حقيقته الشرّيرة في سراديب الظلام وهو يتلاعب بالبشر!
{ كل ما يحدث وكل ما نراه وكل ما نعايشه، سواء على مستوى البلد الواحد أو على مستوى بلدان العالم كلها، ندرك من خلالها أن (انقلابًا غير متوقع يحدث في كل مظاهر الحياة)، سواء في الطبيعة بما تم تسميته بالانقلاب أو التغيرّ المناخي! أو في مجريات الأحداث الدولية والعالمية التي تنبئ بصدمات كارثية قادمة! أو على المستوى العربي حيث حال أغلب دول المنطقة تتصاعد أوضاعها مأساويًا، وتتزايد التحديات والتهديدات التي تواجهها على المستويين الداخلي والخارجي! أو على مستوى الإنسان في العالم وقيمه وأخلاقياته والمخاطر التي يواجهها على مستويات الصحة والأمراض والفيروسات، أو على مستويات الترصّد لتعداده السكاني! أو على مستوى ما يحذر منه الخبراء والعلماء من مزاحمة الذكاء الاصطناعي لكل تفاصيل حياته! أو ما يواجهه من آليات حروب الجيل الرابع وما بعده!
{ نحن في الزمن الذي تختلط فيه كل الأوراق حتى على المستوى العلمي بين علوم زائفة وعلوم حقيقية تم ازدراؤها وتهميشها!
أما على المستوى السياسي والجيواسترتيجي في العالم، فخارطة كل مؤسسات «النظام الدولي القائم» تتمزق كل يوم! لنكتشف حجم الزيف والخداع وتعدّد المعايير في هذا النظام المحكوم من «طغمة عالمية شريرة»، تتلذّذ بالانهيارات في العالم، وكأنها الهدف الأسمى لهيمنتها وسطوتها! فما يهمها هي الثروات التي تكتنز بها الأرض من غاز ونفط ومعادن ثمينة، ومن ثروات أخرى تتبلور على هيئة أحجار كريمة! أما الإنسان، وأما البشرية فهما في آخر جدول اهتماماتها والأرخص بالنسبة إليها!، والدليل ما يحدث من صراعات وحروب وكوارث وتلاعب بالبيئة وبالصحة وبالفيروسات وبالمناخ وكلها تُصنف تحت «التجارب العلمية المضرّة»!
{ لعل البعض يعتقد أنها رؤية سوداوية، لمجرد أن هذا البعض يريد طمأنة نفسه من جهة، والنظر إلى قشور الحضارة الراهنة، من تطوّر علمي وتكنولوجي، واعتبار أن (الفوضى) التي تضرب بأطنابها كل جوانب الحياة والإنسان والطبيعة، هي ضريبة طبيعية للتطوّر! وكان الأمر بالإمكان النظر إليه من هذه الزاوية، لو لم يبلغ الشرّ طغيانه الراهن! ولم يبلغ «العبث المتعمّد» من أيادي الشرّ، الزهو الذي تعلنه، وهي تحّدث في الطبيعة والإنسان (عمليات الجرف الأخلاقي والإنساني) من جهة، واستخدام العلم والتطور لغايات الهدم وليس البناء! وهي تُغيب الإنسان وتمسح عقله وروحه بفوضى في القيم الأخلاقية والإنسانية، ليس لها سابقة كما يحدث الآن! فيما «القطيع البشري» ما أن يحاول الصحو واليقظة من الكابوس، حتى تتغيرّ مجريات الأحداث حوله فيعود إلى الغرق في منامه وكابوس جديد!
{ تحديدًا إن العالمين العربي والإسلامي هما الأكثر استهدافًا من «نخبة الشرّ العالمي» لأن (شيطانهم المعبود) يرى الخطر الذي يكشف وجهه الحقيقي، يكمن في «الإسلام الصحيح»! الذي لا بدّ من إضعافه وتفتيته، حتى تسود قوانينه وقيمه الشيطانية على الأرض! من لا يُصدق هذا فليعد إلى كل الأدبيات والأجندات الصهيونية والماسونية، ليعرف كيف ينظر هؤلاء إلى الإسلام والمسلمين كمعرقل حقيقي وأخير لسيادة (قانون الظلام وقيمه) على العالم!
{ ليست الثروات والنفط والغاز والمعادن والموقع فقط هو ما يراد السيطرة عليه، بل السيطرة على العقل والروح والدين والامتداد والإرث التاريخي والحضاري هي كلها أيضًا في مرمى السهام المسمومة والقاتلة! هذه المنطقة إن لم تدرك حجم ونوع ما يهدّدها، وتتمتع برؤية حديدية لمعرفة حقائق ما يدور حولها وفيها، فإنها ستبقى متدحرجة في الأنفاق المظلمة! ديننا وقرآننا والسنة النبوية الصحيحة، كلها تحدثت عن الظلمات وطريق النور، فمن أضاع طريقه المضيء ونسي عظمة دينه وحضارته وتاريخه وأسس هويته وقيمه وتعاليم خالقه، فدروب الظلام هي التي تحاصره وتقوده وتسيطر عليه وتنسيه هدف وجوده وحقيقة روحه! هكذا أخبرنا ديننا وهذا ما يعرفه أعداؤنا أكثر مما نعرفه نحن عن أنفسنا مثلما يعرفون سرّ قوتنا أو ضعفنا! فمن الذي يُكسِر الحلقات الحديدية؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك