العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

الثقافي

التقمص وتناسخ الأرواح في فتاة المعبد المقدس للروائي العراقي علي جليوي

السبت ١٣ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

يحاول‭ ‬الروائي‭ ‬العراقي‭ ‬علي‭ ‬جليوي‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬فتاة‭ ‬المعبد‭ ‬المقدس‭ ‬أن‭ ‬يتغلغل‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي‭ ‬لكي‭ ‬ينقل‭ ‬للقارئ‭ ‬أدق‭ ‬التفاصيل‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مزج‭ ‬الأسطورة‭ ‬مع‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وهو‭ ‬بذلك‭ ‬يدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬لعادات‭ ‬وممارسات‭ ‬طغت‭ ‬على‭ ‬سلوكيات‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬بغية‭ ‬الوقوف‭ ‬عندها‭ ‬ومعالجتها‭.‬

ومن‭ ‬العنوان‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬العتبة‭ ‬النصية‭ ‬الأولى‭ ‬سوف‭ ‬أبدأ‭ ‬قراءتي‭ ‬هذه‭.‬

يعد‭ ‬العنوان‭ ‬مفتاح‭ ‬النص‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬رولان‭ ‬بارت‭ ‬فإن‭ ‬العنوان‭ ‬هو‭ ‬ثريا‭ ‬النص،‭ ‬ويقول‭ ‬الروائي‭ ‬العراقي‭ ‬الكبير‭ ‬شوقي‭ ‬كريم‭ ‬حسن‭ ‬إن‭ ‬العنوان‭ ‬هو‭ ‬حيلة‭ ‬جاذبة‭.‬

ومن‭ ‬العنوان‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نلج‭ ‬إلى‭ ‬المتن‭ ‬السردي‭ ‬باعتباره‭ ‬المفتاح‭ ‬الذي‭ ‬يوصلنا‭ ‬إلى‭ ‬مغاليق‭ ‬الرواية‭.‬

الغلاف‭ ‬هو‭ ‬العتبة‭ ‬النصية‭ ‬الثانية‭ ‬ويظهر‭ ‬فيه‭ ‬صورة‭ ‬لفتاة‭ ‬وهي‭ ‬تجلس‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تأمل‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬اليوغا‭ ‬فيما‭ ‬ظهرت‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار‭ ‬خلف‭ ‬الفتاة‭.‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬فإن‭ ‬الكاتب‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يختار‭ ‬العنوان‭ ‬أما‭ ‬صورة‭ ‬الغلاف‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬اختيار‭ ‬المصمم،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬كان‭ ‬المصمم‭ ‬بارعا‭ ‬في‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬العنوان‭ ‬وصورة‭ ‬الغلاف،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يحسب‭ ‬على‭ ‬المصمم‭ ‬هو‭ ‬اختياره‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار‭ ‬التي‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬الاستعراض‭ ‬العسكري‭ ‬والقوة،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬كانت‭ ‬الفتاة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬هزيمة‭ ‬كونها‭ ‬قد‭ ‬هربت‭ ‬من‭ ‬المعبد،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬المصمم‭ ‬قد‭ ‬اختار‭ ‬صورة‭ ‬للمعبد‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار‭ ‬لكان‭ ‬أفضل‭.‬

الإهداء‭ ‬هو‭ ‬العتبة‭ ‬النصية‭ ‬الثالثة‭ ‬ونجد‭ ‬فيه‭ ‬عبارة‭ (‬أعلى‭ ‬من‭ ‬إهداء‭) ‬وقد‭ ‬أهداه‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬روح‭ ‬ولده‭ ‬الفقيد‭.‬

المقدمة‭ ‬هي‭ ‬العتبة‭ ‬النصية‭ ‬الرابعة‭ ‬ونجد‭ ‬فيها‭ ‬عنوانا‭ ‬فرعيا‭ (‬على‭ ‬ناصية‭ ‬التقديم‭) ‬حيث‭ ‬يذكر‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬الرواية‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬الواقع،‭ ‬يقول‭ ‬الروائي‭ ‬الأمريكي‭ ‬آرنست‭ ‬همنغواي‭ (‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬فعليك‭ ‬أن‭ ‬تعيشها‭ ‬أولا‭).‬

أخذ‭ ‬النقاد‭ ‬يميزون‭ ‬بين‭ ‬الأدب‭ ‬النسوي‭ ‬والأدب‭ ‬الأنثوي،‭ ‬فالأدب‭ ‬النسوي‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬والذي‭ ‬تقوم‭ ‬المرأة‭ ‬بكتابته،‭ ‬أما‭ ‬الأدب‭ ‬الأنثوي‭ ‬فيعرف‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬والذي‭ ‬يتناول‭ ‬المرأة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬كتبه‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬أو‭ ‬امرأة‭.‬

وهذه‭ ‬الرواية‭ ‬تندرج‭ ‬ضمن‭ ‬الأدب‭ ‬الأنثوي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الكاتب‭ ‬رجل،‭ ‬وهو‭ ‬يسرد‭ ‬الأحداث‭ ‬بلسان‭ ‬الفتاة‭ ‬وذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الكتاب‭ ‬قد‭ ‬جعلوا‭ ‬من‭ ‬المرأة‭ ‬المحور‭ ‬الأساس‭ ‬لأفكارهم‭ ‬وكتاباتهم‭.‬

يشير‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬بروز‭ ‬مافيات‭ ‬الفساد‭ ‬وعمل‭ ‬هذه‭ ‬المافيات‭ ‬على‭ ‬تعطيل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فائدة‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يتبعون‭ ‬نظامهم‭ ‬السياسي‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ (‬كان‭ ‬أبي‭ ‬دائما‭ ‬يقول،‭ ‬إن‭ ‬الأزمات‭ ‬والمشاكل‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالبلد‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬ستارا‭ ‬للفاسدين‭ ‬ليستنزفوا‭ ‬أموالا‭ ‬أكثر‭ ‬وانحطاطا‭ ‬لاقتصاده‭ ‬وصناعته‭ ‬المحلية‭ ‬لإفادة‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬تملك‭ ‬عليهم‭ ‬فروض‭ ‬الطاعة‭ ‬والوفاء‭) ‬ص6‭.‬

وقد‭ ‬تطرق‭ ‬الكاتب‭ ‬لهذه‭ ‬الأمور‭ ‬الخطيرة‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬والطرح‭ ‬هنا‭ ‬قريب‭ ‬إلى‭ ‬المقالة‭ ‬السياسية‭ ‬وبعيد‭ ‬عن‭ ‬الرواية،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬برمزية‭ ‬أكثر‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬المتلقي‭ ‬مشاركا‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬الأحداث‭.‬

كذلك‭ ‬إن‭ ‬كلمة‭ ‬الوفاء‭ ‬غير‭ ‬ملائمة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الحديث‭ ‬والأصح‭ ‬استخدام‭ ‬كلمة‭ ‬الولاء‭.‬

الرواية‭ ‬اجتماعية‭ ‬حيث‭ ‬يتطرق‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬الزواج‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكر‭ ‬وتدخل‭ ‬الآباء‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬لإتمام‭ ‬هذا‭ ‬الزواج،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الطرفين‭ ‬وأعني‭ ‬الشاب‭ ‬القاصر‭ ‬والفتاة‭ ‬القاصرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬الزواج‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬الانفصال‭ ‬وهو‭ ‬أنسب‭ ‬الحلول‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬فإن‭ ‬نسبة‭ ‬الطلاق‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬العراقية‭ ‬قد‭ ‬سجلت‭ ‬أرقاما‭ ‬قياسية‭ ‬لم‭ ‬يشهدها‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬تاريخه‭ ‬الحديث،‭ ‬يقول‭ ‬الكاتب‭ (‬يزوجونهم‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬المراهقة‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬أفكارهم‭ ‬سوى‭ ‬الجنس‭ ‬والمتعة،‭ ‬حتى‭ ‬يمر‭ ‬على‭ ‬زواجهم‭ ‬سنتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬فيقررون‭ ‬الانفصال‭ ‬لعدم‭ ‬توافقهم‭ ‬أو‭ ‬كثرة‭ ‬المشكلات‭ ‬والاختلافات‭ ‬بينهم‭ ‬فيلجأون‭ ‬إلى‭ ‬الطلاق‭ ‬تاركين‭ ‬وراءهم‭ ‬طفلا‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬أمام‭ ‬مستقبل‭ ‬مجهول‭) ‬ص‭ ‬11‭.‬

يتطرق‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: (‬وتسكب‭ ‬خلفه‭ ‬إبريق‭ ‬ماء‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الدموع‭ ‬والحسرات‭ ‬فيخيم‭ ‬على‭ ‬منزلنا‭ ‬الصغير‭ ‬اسوداد‭ ‬المزاج‭ ‬ورمادية‭ ‬المواصلة‭ ‬بالفرح‭ ‬لتختفي‭ ‬الأغاني‭ ‬والموسيقى‭) ‬ص28‭.‬

وهنا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الكاتب‭ ‬ألا‭ ‬يذكر‭ ‬كلمة‭ ‬إبريق‭ ‬وأن‭ ‬يكتفي‭ ‬بعبارة‭ ‬تسكب‭ ‬خلفه‭ ‬الماء‭ ‬وكلمة‭ ‬كثير‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ولا‭ ‬تكتب‭ ‬الكثير‭. ‬

وسكب‭ ‬الماء‭ ‬خلف‭ ‬المسافر‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬المترسخة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي،‭ ‬وهي‭ ‬عادة‭ ‬متوارثة‭ ‬وهي‭ ‬سومرية‭ ‬الأصل‭ ‬وكانت‭ ‬تمارس‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬5000‭ ‬عام‭ ‬والغاية‭ ‬منها‭ ‬التوسل‭ ‬بإله‭ ‬المياه‭ ‬أنكي‭ ‬كي‭ ‬يحفظ‭ ‬المسافر‭ ‬وأن‭ ‬يعود‭ ‬سالما‭ ‬غانما‭ ‬لى‭ ‬أهله‭.‬

وتلعب‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬سلوكيات‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬الناس‭.‬

الانعطافة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬السرد‭ ‬حصلت‭ ‬حينما‭ ‬تغير‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬حيث‭ ‬ينقلنا‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬بابل‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬فجر‭ ‬الحضارات،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬الكاتب‭ (‬وأنت‭ ‬التي‭ ‬وهبك‭ ‬الإله‭ ‬لمعبد‭ ‬نبو‭ ‬شا‭ ‬هاري‭ ‬المقدس‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لك‭ ‬أبوان،‭ ‬فقد‭ ‬صنعت‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الإله‭ ‬مردوخ‭ ‬لتكوني‭ ‬خادمة‭ ‬في‭ ‬معبد‭ ‬ولده‭ ‬الإله‭ ‬نبو،‭ ‬ألم‭ ‬تتذكري،‭ ‬ـ‭ ‬ماذا‭ ‬تقصد؟،‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬الآن،‭ ‬ـ‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬بابل‭ ‬أعظم‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬الأرض‭) ‬ص53‭.‬

يشتد‭ ‬الصراع‭ ‬النفسي‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬قمر‭ ‬الحاضر‭ ‬ولبانة‭ ‬الماضي‭ ‬وسط‭ ‬دهشة‭ ‬الفتاة‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليها‭ ‬الأمور،‭ ‬متسائلة‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬يجري،‭ ‬يقول‭ ‬الكاتب‭ (‬من‭ ‬أنا؟،‭ ‬قمر‭ ‬طالبة‭ ‬الثانوية‭ ‬الراقدة‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬إثر‭ ‬محاولة‭ ‬اختطاف‭ ‬فاشلة،‭ ‬أم‭ ‬لبانة‭ ‬فتاة‭ ‬المعبد‭ ‬المقدس‭ ‬التي‭ ‬خانت‭ ‬قوانين‭ ‬الآلهة‭ ‬وعشقت‭ ‬عبدا‭) ‬ص76‭.‬

التداخل‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬ووجود‭ ‬فتاة‭ ‬بشخصيتين،‭ ‬شخصية‭ ‬الحاضر‭ ‬وشخصية‭ ‬الماضي‭ ‬تجعل‭ ‬للرواية‭ ‬نكهة‭ ‬جميلة‭ ‬وذات‭ ‬أسلوب‭ ‬مغاير‭ ‬وغير‭ ‬تقليدي‭.‬

يقول‭ ‬الناقد‭ ‬العراقي‭ ‬إسماعيل‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبد‭ (‬إن‭ ‬أي‭ ‬رواية‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بالفكر‭ ‬والناس‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مبرر‭ ‬وجودي‭ ‬أو‭ ‬فني،‭ ‬وإن‭ ‬أي‭ ‬رواية‭ ‬تصاغ‭ ‬بقدرة‭ ‬فنية‭ ‬وفكرية‭ ‬متفردة‭ ‬هي‭ ‬مغامرة‭ ‬جدية‭ ‬لن‭ ‬يغطيها‭ ‬غبار‭ ‬الإهمال‭).‬

يتحدث‭ ‬الكاتب‭ ‬بطريقة‭ ‬فلسفية‭ ‬عن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الحلم‭ ‬والكابوس،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭: (‬ـ‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬حلم‭ ‬أم‭ ‬كابوس‭ ‬قلب‭ ‬حياتي‭ ‬كمعبد‭ ‬نبو‭ ‬شا‭ ‬هاري،‭ ‬ـ‭ ‬أتعلمين‭ ‬ما‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الحلم‭ ‬والكابوس‭ ‬والواقع‭ ‬الذي‭ ‬أغفلتني‭ ‬ذكره‭ ‬بأسئلتك،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬بينهم‭ ‬سوى‭ ‬الحب‭ ‬والخوف،‭ ‬فما‭ ‬نعشقه‭ ‬نراه‭ ‬حلما،‭ ‬لأنه‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬صعب‭ ‬المنال،‭ ‬وما‭ ‬نخشاه‭ ‬ولا‭ ‬نرجو‭ ‬لقاءه‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬كابوس‭) ‬ص89‭.‬

كثيرة‭ ‬هي‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬مررها‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬روايته‭ ‬ولعل‭ ‬أبرزها‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬الولاء‭ ‬للعشيرة‭ ‬والعرف‭ ‬العشائري‭ ‬ومسألة‭ ‬زواج‭ ‬ابن‭ ‬العم‭ ‬من‭ ‬ابنة‭ ‬عمه‭ ‬بالغصب‭ ‬والإكراه‭ ‬وما‭ ‬يعرف‭ ‬بالنهوة،‭ ‬يقول‭ ‬الكاتب‭: (‬ـ‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬استندت‭ ‬بحكمك،‭ ‬ـ‭ ‬قانون‭ ‬العرف‭ ‬العشائري،‭ ‬ونحن‭ ‬مجتمع‭ ‬يدين‭ ‬بالولاء‭ ‬للعشيرة‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬أتدين‭ ‬لعرف‭ ‬ظالم‭ ‬محرم‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬إنسانيتك‭ ‬وحريتك‭ ‬ودينك‭) ‬ص104‭.‬

يتطرق‭ ‬الكاتب‭ ‬إلى‭ ‬نظرية‭ ‬مهمة‭ ‬شغلت‭ ‬بال‭ ‬كثير‭ ‬ممن‭ ‬يهتمون‭ ‬بالمواضيع‭ ‬الغيبية‭ ‬وكانت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬الشعوب‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬ودياناتهم،‭ ‬وأعني‭ ‬موضوع‭ ‬تناسخ‭ ‬الأرواح‭ ‬والتقمص‭ ‬وحتى‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬وأين‭ ‬تذهب‭ ‬الروح‭ ‬بعد‭ ‬مغادرتها‭ ‬للجسد‭ ‬الفاني‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬الكاتب‭ ‬موفقا‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬الرواية‭ ‬حينما‭ ‬وافق‭ ‬بين‭ ‬قمر‭ ‬ولبانة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وبين‭ ‬أشيم‭ ‬وسيف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

في‭ ‬الختام‭ ‬الرواية‭ ‬ممتعة‭ ‬وغير‭ ‬تقليدية‭ ‬وقد‭ ‬سلطت‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬المجتمع‭.‬

الدور‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬كان‭ ‬لسيف‭ ‬الذي‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يساير‭ ‬ابنة‭ ‬عمه‭ ‬ويصدق‭ ‬بكلامها‭ ‬الغريب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نال‭ ‬مبتغاه‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬منها‭ ‬وبرضاها‭ ‬وليس‭ ‬بالغصب‭ ‬كما‭ ‬قرر‭ ‬كبير‭ ‬العائلة‭.‬

إن‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬رواية‭ ‬هو‭ ‬توفر‭ ‬الإقناع‭ ‬والإمتاع‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬مقنعة‭ ‬وممتعة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭.‬

بقي‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬إصدارات‭ ‬دار‭ ‬الورشة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬148‭ ‬صفحة‭ ‬ومن‭ ‬القطع‭ ‬المتوسط‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا