العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

زوبعة في فنجان مجلس الأمن!

{‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬مئات‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الدائمة‭ ‬العضوية،‭ ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحد‭ ‬مئات‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقريبا،‭ ‬وكلها‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬والعدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬أهلها‭ ‬وغالبية‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء،‭ ‬فإنه‭ ‬وأخيرا‭ ‬صدر‭ ‬قرار‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬25‭ ‬مارس‭ ‬الجاري،‭ ‬وفيه‭ ‬نكتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ (‬بوقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬تحترمه‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬دائم‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬ومستدام،‭ ‬ويطالب‭ ‬أيضا‭ ‬بالإفراج‭ ‬الفوري‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬الرهائن‭)! ‬وهو‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬صوتت‭ ‬عليه‭ (‬14‭ ‬دولة‭) ‬وامتنعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬عليه،‭ ‬أي‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭! ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬لغطا‭ ‬كبيرا‭ ‬داخل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬واعتبره‭ ‬نتنياهو‭ ‬فضيحة‭! ‬بل‭ ‬ألغى‭ ‬مكتبه‭ ‬رحلة‭ ‬وفده‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭! ‬فأين‭ ‬الفضيحة‭ ‬هنا؟‭! ‬هل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬لوقف‭ ‬مجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬الكيان؟‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬استخدامها‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الوحيدة‭ ‬بسبب‭ ‬العزلة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬المطلق‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حتى‭ ‬بدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬باعتبارها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تشن‭ ‬الحرب‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬داعم‭ ‬مطلق‭ ‬للكيان؟‭!‬

{‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬أنه‭ (‬أولا‭) ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬لما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬رمضان،‭ ‬أي‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬مدة‭ ‬أسبوعين‭ ‬فقط‭! ‬وبعدها‭ ‬يكون‭ ‬الاتكاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تنتجه‭ ‬المفوضات‭ ‬الجارية‭ ‬حول‭ ‬الرهائن‭ ‬وحول‭ ‬غزة‭ ‬وحول‭ ‬حماس‭.. ‬إلخ‭.‬

‭- (‬ثانيا‭) ‬أن‭ ‬التعليقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وكأنها‭ ‬تعتذر‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬استخدامها‭ ‬للفيتو،‭ ‬بأن‭ ‬القرار‭ ‬غير‭ ‬ملزم‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬ملزم‭ ‬بحسب‭ ‬مواثيق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬كمثال‭ ‬أن‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بخصوص‭ ‬إيقاف‭ ‬الكيان‭ ‬تنفيذ‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬ولم‭ ‬يلتزم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ولم‭ ‬يفعل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬شيئا‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يتخذ‭ ‬قرارا‭ ‬مضادا‭ ‬لعدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬قراره‭!‬

‭- (‬ثالثا‭) ‬رغم‭ ‬الرفض‭ ‬الدولي‭ ‬لإقدام‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬التي‭ ‬ستسبب‭ ‬فواجع‭ ‬كارثية‭ ‬جديدة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الفواجع‭ ‬والمآسي‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬منها‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬الأبرياء،‭ ‬فإن‭ ‬الكيان‭ ‬مُصرّ‭ ‬على‭ ‬الدخول‭ ‬التجريفي‭ ‬عسكريا‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الالتزام‭ ‬بشيء،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يهمه‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬الجارية‭ ‬عبر‭ ‬الوساطة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬حماس‭ ‬هو‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬كل‭ ‬الرهائن‭ ‬لتنطلق‭ ‬اليد‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس،‭ ‬كما‭ ‬تومئ‭ ‬كل‭ ‬التصريحات‭ ‬الصهيونية‭ ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭!‬

{‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لن‭ ‬يلتزم‭ ‬بالقرار،‭ ‬وأنه‭ ‬يريد‭ ‬تحقيق‭ ‬النصر‭ ‬الكامل‭ ‬كما‭ ‬يقول،‭ ‬فيما‭ ‬هزيمته‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬تلوح‭ ‬بيارقها‭ ‬أمام‭ ‬عينيه‭! ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬صمود‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وتكبيد‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬في‭ ‬الجنود‭ ‬والضباط‭ ‬والآليات،‭ ‬هو‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تحقيق‭ ‬نصر‭ ‬عسكري‭! ‬لأن‭ ‬قتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬وتجريف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬واستهداف‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعتبر‭ ‬نصرا‭ ‬عسكريا‭ ‬رغم‭ ‬فداحة‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬وعقاب‭ ‬جماعي‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭!‬

{‭ ‬وأيضا‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬قراره‭ ‬الوحيد‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬عدم‭ ‬التزام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬فإنه‭ ‬سيؤكد‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭ ‬وللمرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أنه‭ (‬مجلس‭ ‬شكلي‭) ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬إلزام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تحديدا‭ ‬بتنفيذ‭ ‬قراراته‭! ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬مجلس‭ ‬بلا‭ ‬أسنان‭ ‬كما‭ ‬يصف‭ ‬البعض،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لقراراته‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لوجوده‭! ‬مادام‭ ‬التلاعب‭ ‬به‭ ‬وصل‭ ‬حدا‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬معه‭ ‬أن‭ ‬ينفذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬له،‭ ‬لا‭ ‬يتماشى‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬مع‭ ‬العقلية‭ ‬الأنجلوساكسونية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬به‭! ‬أي‭ ‬بالخلاصة‭ ‬هو‭ ‬مجلس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومن‭ ‬في‭ ‬كنفها‭ ‬وليس‭ ‬مجلس‭ ‬أمن‭ ‬دولي‭!‬

{‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬فساد‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬دماء‭ ‬أطفالها‭ ‬ونسائها،‭ ‬كشفت‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬اجتماعات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬والبروبوجندا‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬التابعة‭ ‬لتلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬مجرد‭ ‬زوبعة‭ ‬في‭ ‬فنجان‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬طالما‭ ‬إلزامية‭ ‬تنفيذ‭ ‬القرار‭ ‬هي‭ ‬إلزامية‭ ‬منتقاة‭ ‬ولا‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيون‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬مثارا‭ ‬للسخرية‭ ‬والغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭! ‬هو‭ ‬الكيان‭ ‬ذات‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬تتواصل‭ ‬جرائم‭ ‬حربه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬وأخطرها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬والعالم‭ ‬يتفرج‭! ‬ومجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أمامه‭ ‬بلا‭ ‬أنياب‭ ‬أو‭ ‬أسنان‭! ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬تشهد‭ ‬الانهيارات‭ ‬المتتالية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الإنساني‭ ‬والأخلاقي‭ ‬والحقوقي‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يتحرك‭! ‬مشهد‭ ‬دولي‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬الفانتازيا‭ ‬والسريالية‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬واقعي‭! ‬والشهور‭ ‬الأخيرة‭ ‬سجلت‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مجنون‭ ‬ومنفلت‭ ‬وأسسه‭ ‬منهارة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا