العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

جوع ومرض.. والمسلمون في محراب الصمت وظلامه!

{‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬رمضان‭ ‬فإن‭ ‬الصمت‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬تجويع‭ ‬متعمد‭ ‬وصناعة‭ ‬بيئة‭ ‬طافحة‭ ‬بالمرض،‭ ‬لأصاب‭ ‬ذلك‭ ‬إنسانية‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬مقتل‭! ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬شهر‭ ‬الرحمة‭ ‬والنور‭ ‬والخير،‭ ‬وقد‭ ‬حوّلنا‭ ‬إنسانيتنا‭ ‬كمسلمين‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬فرجة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الجوع‭ ‬والمرض،‭ ‬فيما‭ ‬شاحنات‭ ‬المساعدات‭ ‬من‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬متراصة‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬أمتار‭ ‬من‭ ‬سياج‭ ‬‮«‬رفح‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬شق‭ ‬جدار‭ ‬الصمت‭ ‬والفرجة‭! ‬وإدخال‭ ‬تلك‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التلاعب‭ ‬بها‭ ‬عبر‭ ‬الخطابات‭ ‬المجانية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬أكثر‭ ‬رؤساء‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأممية‭ ‬ولكنه‭ ‬يقف‭ ‬عاجزا‭ ‬أمام‭ ‬السياج‭ ‬وهو‭ ‬يندب‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭! ‬ألم‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‮»‬‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬وهو‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬المصري‭ ‬للحدود‭ ‬مع‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ليعلن‭ ‬أنه‭ (‬جاء‭ ‬حاملا‭ ‬أصوات‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬سئمت‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬هدمت‭ ‬المنازل‭ ‬وقصفت‭ ‬عائلات‭ ‬وأجيال‭ ‬بأكملها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مجاعة‭ ‬تحاصر‭ ‬السكان‭)!‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬بصوت‭ ‬العاجز‭ ‬أن‭ (‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يبرر‭ ‬العقاب‭ ‬الجماعي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭)! ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬وكل‭ ‬قادة‭ ‬ورؤساء‭ ‬وزعماء‭ ‬العالم‭ ‬ومنهم‭ ‬قادة‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬سوى‭ ‬الكلام‭ ‬والتنديد،‭ ‬فماذا‭ ‬بيد‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬في‭ ‬يدها‭ ‬القرار‭ ‬أن‭ ‬تفعل،‭ ‬وهي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أوجاع‭ ‬ومكابدات‭ ‬الصمت‭ ‬والمقصود‭ ‬به‭ (‬صمت‭ ‬الفعل‭) ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬فعل‭ ‬فيما‭ ‬مشاهد‭ ‬وصور‭ ‬الأطفال‭ ‬الجائعة‭ ‬والمريضة‭ ‬تطل‭ ‬علينا‭ ‬ليل‭ ‬نهار؟‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬وكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بدأت‭ ‬تتحرك‭ ‬بالتصريحات‭ ‬لا‭ ‬بالعمل‭ ‬تجاه‭ ‬الأوضاع‭ ‬المأساوية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬تحاصر‭ ‬السكان‭ ‬عموما‭ ‬والأطفال‭ ‬خصوصا‭ ‬والمطالبة‭ ‬الكلامية‭ ‬بالسماح‭ ‬بإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬والإنسانية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬وشروط‭ ‬ووقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭! ‬دون‭ ‬الجرأة‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬وقف‭ ‬المجازر‭ ‬والمذابح‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يتمادى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ومنذ‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬إيقاعها‭ ‬على‭ ‬أرواح‭ ‬الأبرياء‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قرارا‭ ‬عمليا‭ ‬لذلك‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬التقارير‭ ‬الأممية‭ ‬والدولية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬يعانون‭ ‬مستويات‭ ‬مروعة‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬والجوع‭ ‬والقتل،‭ ‬وأن‭ ‬المجاعة‭ ‬تحاصر‭ ‬الجميع‭ ‬وليس‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬فقط،‭ ‬وأن‭ ‬القصف‭ ‬المتواصل‭ ‬وانهيار‭ ‬النظام‭ ‬المدني‭ ‬والمخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬والقيود‭ ‬المفروضة‭ ‬تحاصر‭ ‬الجميع‭ ‬وحتى‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭! ‬وحذرت‭ (‬لجنة‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬دقيقة‭ ‬تمر‭ ‬يموت‭ ‬فيها‭ ‬طفل‭ ‬جديد‭ ‬جوعا‭ ‬ومرضا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يتفرج‭)!‬

{‭ ‬العالم‭ ‬إذًا‭ ‬يتفرج‭ ‬على‭ ‬خيبته‭ ‬وقلة‭ ‬حيلته‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬شاحنات‭ ‬المساعدات‭! ‬فيما‭ ‬الأطفال‭ ‬والسكان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يتضورون‭ ‬جوعا‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭! ‬والفرجة‭ ‬هنا‭ ‬يدخل‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬يصومون‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬تقربا‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬وتنقية‭ ‬للنفس‭ ‬والروح‭! ‬فيما‭ ‬مشاهد‭ ‬الجوع‭ ‬القاتل‭ ‬والمرض‭ ‬الفتاك‭ ‬يلقي‭ ‬بثقل‭ ‬سحبه‭ ‬السوداء‭ ‬على‭ ‬إخوانهم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬والإنسانية‭ ‬ولا‭ ‬يفعلون‭ ‬شيئا‭!‬

{‭ ‬أي‭ ‬عجز‭ ‬عالمي‭ ‬وعربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يكبل‭ ‬الجميع‭ ‬أمام‭ ‬مأساة‭ ‬إنسانية‭ ‬وعجرفة‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬والنازيين‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني؟‭! ‬أليس‭ ‬من‭ ‬تجمع‭ ‬عربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬يتحدى‭ ‬هذا‭ ‬الإجرام‭ ‬والقتل‭ ‬المتواصل،‭ ‬وهو‭ ‬التجمع‭ ‬الذي‭ ‬لطالما‭ ‬نادى‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬الإنسانيين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬المسلمين‭ ‬لتجاوز‭ ‬محنة‭ ‬هذا‭ ‬التجويع‭ ‬المتعمد‭ ‬عن‭ ‬سبق‭ ‬إصرار،‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬خطابات‭ ‬التنديد‭ ‬دون‭ ‬فعل‭ ‬شيء؟‭!‬

{‭ ‬أي‭ ‬صيام‭ ‬وأي‭ ‬تقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬يصلح‭ ‬ويقبله‭ ‬الله،‭ ‬فيما‭ ‬الأيدي‭ ‬مكبلة‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭ ‬ومكتوفة‭ ‬عن‭ ‬إنقاذ‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬غزة‭ ‬وسكانها‭ ‬الذين‭ ‬يصرخون‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والمرض‭ ‬والقتل‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬وكل‭ ‬يوم‭ ‬ويستجدون؟‭! ‬أين‭ ‬الرحمة‭ ‬وأين‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬وأحوج‭ ‬الناس‭ ‬إليهما‭ ‬يتم‭ ‬تجاهل‭ ‬معاناتهم‭ ‬وجوعهم‭ ‬لأن‭ ‬محراب‭ ‬الصمت‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬فرضت‭ ‬دخوله‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬‮«‬النخبة‭ ‬الشيطانية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬تتحكم‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ضمائر‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المتوحش‭ ‬واللاإنساني‭! ‬لماذا‭ ‬يقبل‭ ‬القادة‭ ‬المسلمون‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬وشعوبهم؟‭!‬

{‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يبرر‭ ‬للمسلمين‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬المتخاذل‭ ‬في‭ ‬نجدة‭ ‬إخوانهم‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬فإن‭ ‬كانوا‭ ‬مؤمنين‭ ‬فإن‭ ‬الإيمان‭ ‬يفرض‭ ‬عليهم‭ ‬نجدة‭ ‬المظلومين‭ ‬دون‭ ‬اعتبارات‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬بها‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والمسلمين‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬تعاليم‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬تجاه‭ ‬إخوانهم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬والإنسانية‭!‬

وإن‭ ‬كانوا‭ ‬مسلمين‭ ‬فمواقف‭ ‬القادة‭ ‬المسلمين‭ ‬ووصايا‭ ‬نبيهم‭ ‬تكفي‭ ‬ليدركوا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حضيض‭ ‬قبلوا‭ ‬المكوث‭ ‬فيه،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يفعلون‭ ‬شيئا‭! ‬بل‭ ‬يكتفون‭ ‬بالتنديد‭ ‬والتصريحات‭ ‬كغيرهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬غير‭ ‬مسلمين‭ ‬وغير‭ ‬مسؤولين‭! ‬ويكفيهم‭ ‬أنهم‭ ‬أرسلوا‭ ‬شاحنات‭ ‬للمساعدات‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الداخل،‭ ‬وهم‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬إيصالها‭! ‬ويكفي‭ ‬أنهم‭ ‬يطلقون‭ ‬التصريحات‭!‬

الجميع‭ ‬مسؤول‭ ‬أمام‭ ‬الله‭ ‬فيما‭ ‬يحدث،‭ ‬وبالأخص‭ ‬كل‭ ‬قادة‭ ‬المسلمين‭ ‬لأن‭ ‬تعاليم‭ ‬دينهم‭ ‬واضحة‭ ‬ولا‭ ‬لبس‭ ‬فيها‭ ‬تجاه‭ ‬إغاثة‭ ‬المظلوم‭ ‬الذي‭ ‬يرج‭ ‬صراخه‭ ‬واستنجاده‭ ‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬والجو‭!‬

وتحديدا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬فإن‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬تتضاعف‭ ‬أمام‭ ‬مشاهد‭ ‬الجوع‭ ‬والمرض‭ ‬والقتل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتحرك‭ ‬أحد‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الكلام‭ ‬أو‭ ‬الخطاب‭ ‬أو‭ ‬العجز‭ ‬أو‭ ‬الاستسلام‭! ‬والله‭ ‬وحده‭ ‬المستعان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا