عالم يتغير
فوزية رشيد
هجوم «كروكوس»: عالمنا والإرهاب وحرب العصابات!
{ حين اقتحم عدد من المسلحين قاعة الحفلات الموسيقية (كروكوس) بضواحي موسكو وأطلقوا النار على الجمهور من مسافة قريبة، وألقوا قنابل حارقة! ما تسبب في اندلاع حريق ضخم في المبنى وإيقاع قتلى (133 قتيلا) بينهم أطفال ونساء وعشرات الحالات الخطيرة بين المصابين فإن هذا النوع من الإرهاب وحرب العصابات يبدو أنه أصبح من الظواهر التي يتكرر حدوثها في أماكن مختلفة في العقود الأخيرة وداعش وغيره عادة يظهرون في الواجهة ليعم الغموض على الحدث! وكأن القائمين على تمويل وتوجيه ودعم الإرهاب وحرب العصابات، قد اعتمدوا قتل الأبرياء بدم بارد ومنهم النساء والأطفال والمدنيون باعتبار الإرهاب أحد أشكال الحرب الجيوسياسية على الدول المستهدفة لتحقيق غايات وأجندات تحقق التوتر وانعدام الأمن والاستقرار وتوجيه ضربة عن طريق دماء الأطفال والمدنيين!
{ الهجوم الإرهابي على مجمع (كروكوس) لن يخرج في النهاية بغاياته وأهدافه عما سبق رغم أن وكالات الأنباء الغربية وأولها (رويترز) نقلت أن من قام بالهجوم هو تنظيم (داعش خراسان) وفق نشرها لإعلان لهذا التنظيم عن مسؤوليته عن الهجوم! وحيث زعيمه شهاب المهاجر والمعروف أيضا بـ(ثناء الله غفاري) شارك سابقا في عمليات حرب العصابات والتخطيط لهجمات انتحارية معقدة! فيما الجانب الروسي وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي يؤكد عدم صحة الرواية الغربية والأمريكية وراء تلفيق الهجوم الإرهابي وإلصاقه بتنظيم (داعش)! وأن العقل المدبر وراء هذا الهجوم هو نظام كييف المرتبط ارتباطا عضويا واستخباراتيا بالغرب! وأن الإرهابيين لهم علاقة بالجانب الأوكراني وأن وكالات الأنباء تعتمد ما يعتبره الروس رواية مدلسة وخاصة بعدما تكشف بعد القبض على الإرهابيين الأربعة أنهم اعتزموا بعد هجومهم الدموي عبور الحدود بين روسيا وأوكرانيا! وقد اعترف الإرهابي رجب علي زادة أثناء الاستجواب أنه ألقى السلاح مع شركائه في طريقه إلى مقاطعة روسية قرب الحدود الأوكرانية!
{ خبير الأمم المتحدة في مجال الإرهاب «هانز جيكوب» قال إن فرع التنظيم في أفغانستان تأسس على يد عناصر من تنظيم «داعش» جاءوا من سوريا والعراق! فإذا عدنا إلى السرديات السابقة سواء حول هيلاري كيلنتون أو نظام أوباما أو اتهامات ترامب لهم أو مسؤولين أمريكيين معارضين فإن تنظيم داعش هو صناعة استخباراتية أمريكية غربية، وبالتالي فإن تأسيس فروعه المنبثقة من العراق أو سوريا، حيث تم تشكيل التنظيم في البدء، لن تخرج في النهاية عن الأصابع الغربية والأمريكية! وخاصة أن الحرب المحتدمة بين روسيا وأوكرانيا لا تزال منفتحة على تطورات أخرى خطيرة، بينها إعلان بوتين الانتقال من العملية العسكرية إلى الحرب في أوكرانيا، ومن جانب آخر إعلان «الناتو» احتمالية دخوله الحرب مباشرة ضد روسيا! حين لم يحقق النظام الأوكراني النجاح المطلوب ضد روسيا، بل العكس أصبح هو وأوروبا في مأزق أخطر مع طي صفحات العمليات العسكرية خلال السنوات الثلاث المنصرمة منذ بدء الأزمة!
{ من جانبه «بوتين» يؤكد حتمية محاسبة المسؤولين عن الهجوم الإرهابي وأن روسيا لا تواجه فقط عملية إرهابية بغيضة ومخطط لها بدقة، بل تواجه عملية قتل جماعي للمدنيين العزل مجهزة ومنظمة، كما أكد أن (المجرمين جاءوا بهدف القتل للمدنيين والأطفال وبدم بارد كما فعل النازيون يوما في الأراضي المحتلة، رغبوا أن يقيموا إعداما استعراضيا وفعالية دموية للترهيب)، وقال بوتين في خطابه بعد الهجوم إن (كل منفذي ومنظمي وممولي هذه الجريمة سيتحملون عقابا عادلا وحتميا مهما كانوا ومهما كان من وجههم ومن جهز لهم العمل الشرير على روسيا).
{ اللافت أن الصراع بين الغرب وروسيا يبدو أنه انتقل في أحد وسائله إلى استخدام الإرهاب وحرب العصابات، وهذا تحول خطير في الصراع بين القوى الكبرى! وخاصة أن الغرب وأمريكا أو «الناتو» لم يصل إلى أهدافه المطلوبة ضد روسيا من خلال زيلينسكي ونظامه العميل للغرب! وهي الأهداف المعلنة والمعروفة باستنزاف روسيا عسكريا واقتصاديا وتنمويا، فكانت النتيجة أن خسر الغرب ما أراده وانعكس الاستنزاف عليه أكثر مما على روسيا!
{ هذا العالم الموبوء بكل أشكال الإرهاب والتسلط والفساد من الغرب الاستعماري لن يتوانى حتى عن إدخال الإرهاب وحرب العصابات بين أولويات وسائله! وكما فعل في المنطقة العربية وفي العديد من دول العالم في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، فإن بصمته الإرهابية تبدو واضحة للعيان وخاصة حين يعلن (داعش) مسؤوليته أو أحد التنظيمات الإرهابية الأخرى التي يرعاها هذا الغرب لتحقيق غاياته الاستعمارية وأهدافه في التسلط والهيمنة والإخضاع عن طريق الإرهاب الاستخباراتي! ولعل ما يدور في غزة من عدوان وحشي في قتل الأبرياء والمدنيين من الأطفال والنساء والمرضى يجعل أوراق ذات اللعبة الإرهابية تطير إلى بقاع أخرى في العالم وتحط رحالها هذه المرة في موسكو! ومن يحرك الإرهاب العالمي هو نفسه!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك