عالم يتغير
فوزية رشيد
الأسرة والغضب ولعبة الطلاق!
{ لأسباب مختلفة وفي حالة غضب أو عناد أو تحد أو أنوات – من الأنا – متضخمة يقع الطلاق وتزداد حالاته وتتصاعد بوتيرة متسارعة في المجتمعات الخليجية والعربية! ليبدأ بعدها شتات الأطفال الذين لا يفهمون ما الذي حدث ولماذا حدث ولماذا فجأة يكون الحرمان من أحد الأبوين أو كلاهما أحيانا، لتنتقل الرعاية إلى جد أو جدة أو عم أو خال! إلى جانب الأزمات النفسية لدى الزوجين.
{ أما لماذا تتصاعد وترتفع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة؟! فمنها ما هو مرتبط بفقدان النضج العاطفي والفكري لدى أحد الزوجين أو كلاهما وعدم القدرة على تحمل المسؤولية الزوجية ومنها ما هو مرتبط باختلاف المفاهيم بين بيئة وبيئة أخرى إذا كان أحد الزوجين من بلد آخر أو من بلد أجنبي، ومنها ما يتعلق بالحالة العصبية والاضطرابات النفسية والمفاهيمية، لدى طرفي العلاقة الزوجية أو أحدهما! ومنها ما يتعلق بسيادة الغضب والعصبية كأحد أهم أسباب الخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق والانفصال!
{ حين سأل مرة أحدهم الرسول عليه الصلاة والسلام وبما يوصيه قال: «لا تغضب»! فأعاد السائل السؤال فكرر النبي الجواب «لا تغضب»! وفي المرة الثالثة عند سؤاله السؤال نفسه قال: «لا تغضب»! الغضب هو مدخل الشيطان للإنسان كما نعرفه من ديننا ورسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وهو أيضا المدخل لتهتك العلاقات الزوجية والأسرية والاجتماعية! ولذلك فإن تأثيره كبير وخطير لأنه بطيشان العقل يزول التفكير السليم والمنطقي وتصبح الأحكام هائجة وفالتة وقادرة على تدمير كل ما حولها!
{ ولكن في السنوات الأخيرة أو العقود الأخيرة هناك أسباب أخرى منها مثلا ما بعد كورونا 2020، أصبحت الاضطرابات العصبية متزايدة إلى جانب الآثار المرضية والصحية الأخرى! وفق دراسة نشرت قبل أيام في مجلة (لاينيت نيورولوجي) فإن (الأمراض ذات الطبيعة العصبية) بالمعنى الواسع هي الأكثر انتشارا على المستوى العالمي من الأمراض المزمنة الأخرى! تقول نتائج الدراسة في عام 2021 أصيب 43% من سكان العالم بما يعادل 3,4 مليارات شخص باضطراب عصبي! والدراسة أجراها مئات الباحثين تحت رعاية معهد القياسات الصحية والتقييم وهي منظمة مرجعية للإحصاءات الصحية!
فلا عجب في ظل الاضطرابات العصبية التي قفزت إلى معدلات كبيرة قياسا لما كانت عليه قبل عقود، فإن تأثيرات تلك الاضطرابات شملت العلاقات الزوجية والأسرية وأدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق على المستوى العالمي ومنه في المجتمعات العربية!
{ مسألة أخرى لابد من الالتفات إليها حول انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمعات العربية إن هناك أياد خفية ومنظمات تظهر غير ما تبطن تشجع النساء والعربيات منهن على الانفصال بحجة الاستقلالية والحرية والمساواة! بل نشأت ظاهرة المطلقات وتجمعهن في بيوت خاصة بهن، تحت مفاهيم السفر الحر والاستقلالية والتجمعات الدورية والترفيه! وهؤلاء النسوة يتركن أولادهن وأسرهن، حتى إذا ذهبت السكرة وجاءت الفكرة يكتشف بعضهن حجم التدمير الذاتي والأسري وفقدان كل ما هو جوهري تحت زيف تلك الحرية والاستقلالية! بل إن هناك ما يشبه (المافيات النسوية) تتزايد أعدادها لتشجيع المتزوجات على الطلاق! ولترغيب غير المتزوجات بعدم الزواج والدخول في العلاقات الشاذة!
{ هذه الظواهر تحتاج إلى وقفات بحثية ودراسات رصينة لكشف خبايا ما يدور في المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة! والتي أدت بين ما أدت إليه زيادة معدلات الطلاق وزيادة معدلات العوانس أو غير المتزوجات! فيما القوانين الدولية وعلى رأسها اتفاقية (السيداو) تحمي كل المظاهر الفردية والجماعية التي تتحول إلى ظواهر اجتماعية سلبية نقول تحميها (قانونيا) على المستوى العالمي وبذات الشعارات حول الحرية وعدم التمييز والمساواة وغيرها! وخلف ذلك تقف النخبة الشيطانية.
{ النتيجة هي التفكك الأسري وتفكك الشخصية الإنسانية والآلام النفسية والأعباء العاطفية والاجتماعية وزيادة نسبة التوترات والضغوط والمشاكل النفسية التي يعاني منها الأطفال في الأسر المفككة!
ولأن الدين الإسلامي الحنيف حمل إلى المؤمنين به أعظم الوصايا حول العلاقات الزوجية والأسرية وحماية الأطفال، وجعل الأساس في حماية كل ذلك المودة والرحمة فإن كل ما يتم اليوم من انتشار الاضطرابات الفردية أو الأسرية أو الاجتماعية تعود إلى الابتعاد عن سنن الله في خلقه! وإلى الاختلالات في المفاهيم الفكرية (النيوليبرالية) خاصة الاختلال في مفهوم الحرية والمساواة التي أنتجت أزمات عاطفية وفكرية في العلاقات الزوجية خاصة وحيث الحكم فيها تابع للأنا المتضخمة والعناد والغرور والكبر، بل المكابرة على الطبيعة البشرية نفسها! وحتى على وظائف الأمومة والأبوة! ومسؤولية الزوجين في بناء أسرة متوافقة ومنسجمة ومستقرة كعلاقة أساسية لاستقرار المجتمعات العربية نفسها! تزايد ظاهرة الطلاق بحاجة فعلية إلى الدراسات والتوعية المجتمعية والدينية والمفاهيمية!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك