العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

القرآن وسحر الكلمة!

{‭ ‬وهو‭ ‬شهر‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬القرآن‭ ‬معجزة‭ ‬حتى‭ ‬يوم‭ ‬الدين،‭ ‬والإعجاز‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬هو‭ ‬الكلمة‭! ‬وهو‭ ‬المحفوظ‭ ‬بوعد‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬مهما‭ ‬أراد‭ ‬الظلاميون‭ ‬إطفاء‭ ‬نوره‭! ‬هي‭ ‬معجزة‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬تجريد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬اتصال‭ ‬بالروح‭ ‬والعقل‭ ‬بيانًا‭ ‬للمعجزات‭ ‬المحسوسة،‭ ‬ولكنها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬هي‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الكونية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والقيمية‭ ‬والأخلاقية‭!‬،‭ ‬التي‭ ‬تتكشف‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية،‭ ‬لتكون‭ (‬الكلمة‭ ‬القرآنية‭) ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬يقينية‭ ‬من‭ ‬النظريات،‭ ‬لأنها‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬ثناياها‭ ‬الإعجاز‭ ‬العلمي‭ ‬واللغوي‭ ‬ودقة‭ ‬البيان‭ ‬والمقاصد‭ ‬الإلهية‭ ‬الذي‭ ‬أبدع‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان‭ ‬والكون‭ ‬وكل‭ ‬الخليقة‭ ‬ويتضح‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬الومضات‭ ‬القرآنية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمسار‭ ‬الكون‭ ‬والإنسان‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬للكلمة‭ ‬القرآنية‭ ‬رهافة‭ ‬الماء‭ ‬وشفافيته،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬كثافة‭ ‬الحديد‭ ‬وصلابته؟‭! ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬البشير‭ ‬والنذير؟‭! ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬البشير‭ ‬والنذير؟‭!‬،‭ ‬فيصاب‭ ‬القلب‭ ‬مرة‭ ‬برقّة‭ ‬الزهد‭ ‬إن‭ ‬خضع‭ ‬وأسلم‭ ‬لخالقه،‭ ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬بالخشية‭ ‬والخوف‭ ‬إن‭ ‬عصى؟‭!‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬للمعنى‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكلمة‭ ‬القرآنية‮»‬‭ ‬غموض‭ ‬البنفسج‭ ‬وهو‭ ‬يحاكي‭ ‬عذقه‭ ‬الأخضر،‭ ‬وانسياب‭ ‬النهر‭ ‬وهدير‭ ‬البحر‭ ‬وكثافة‭ ‬السحب‭ ‬المحملة‭ ‬بالودق،‭ ‬حين‭ ‬يتأمل‭ ‬المتأمل‭ ‬في‭ ‬المعجزات‭ ‬اللانهائية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬أو‭ ‬الكائنات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وخلق‭ ‬السموات‭ ‬والأرض‭ ‬أعظم‭ ‬وأكبر؟‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬للقرآن‭ ‬طاقة‭ ‬جبارة‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬والمبارك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الشهور‭ ‬ولكأن‭ ‬الكون‭ ‬كله‭ ‬يتداعي‭ ‬لنداء‭ ‬خفيّ‭ ‬للروح‭ ‬وللطبيعة‭ ‬ولأسرار‭ ‬الوجود،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬الله؟‭!‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يفجر‭ ‬في‭ ‬الكلمات‭ ‬القدسية‭ ‬نشيج‭ ‬الكون‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬لتتجلى‭ ‬في‭ ‬التعاضد‭ ‬الإنساني‭ ‬مع‭ ‬الثكالى‭ ‬والجوعى‭ ‬والمظلومين‭ ‬والمساكين،‭ ‬فتسقيهم‭ ‬دموع‭ ‬الكلمات،‭ ‬حين‭ ‬يوضح‭ ‬الخالق‭ ‬لماذا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬ولماذا‭ ‬هو‭ ‬امتحان‭ ‬لنا،‭ ‬ولماذا‭ ‬الصبر‭ ‬له‭ ‬القيمة‭ ‬القصوى،‭ ‬ولماذا‭ ‬الروح‭ ‬لا‭ ‬تسمو‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬تتلقف‭ ‬دموع‭ ‬الكلمات‭ ‬تلك‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬قلوب‭ ‬البشر،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬أسر‭ ‬الظلم‭ ‬أو‭ ‬جشع‭ ‬الجشعين،‭ ‬أو‭ ‬أنانية‭ ‬المتسلطين‭!‬،‭ ‬فالكلمة‭ ‬القرآنية‭ ‬توضح‭ ‬أن‭ ‬الإيمان‭ ‬مقترن‭ ‬بالأعمال‭ ‬الصالحات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬غيره؟‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تزخر‭ ‬به‭ ‬بلاغة‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬وقراءة‭ ‬البحور‭ ‬العميقة‭ ‬بين‭ ‬سطوره،‭ ‬رغم‭ ‬التيسير‭ ‬الإلهي‭ ‬في‭ ‬بيانه‭ ‬ليدركه‭ ‬الإنسان‭ ‬البسيطـ‭ ‬وليترك‭ ‬فضاء‭ ‬المعنى‭ ‬الأعمق‭ ‬لمن‭ ‬يرتاد‭ ‬العمق،‭ ‬ولكن‭ ‬الجوهر‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬القلب‭ ‬المؤمن‭ ‬معجزاته‭ ‬الروحية‭!‬

ففي‭ ‬الكلمة‭ ‬القرآنية‭ ‬شفاء‭ ‬للمؤمنين،‭ ‬وتعاويذ‭ ‬من‭ ‬الشيطان‭ ‬الرجيم‭! ‬فتزخر‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬القلب‭ ‬وتحتاجه‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬طمأنينة‭ (‬ألا‭ ‬بذكر‭ ‬الله‭ ‬تطمئن‭ ‬القلوب‭) ‬وبكلمات‭ ‬الله‭ ‬ترتحل‭ ‬غايات‭ ‬الخلق‭ ‬والخليقة‭ ‬نحو‭ ‬مستقرها‭ ‬في‭ ‬أوردة‭ ‬الوجود‭ ‬لترى‭ ‬أين‭ ‬يكمن‭ ‬الجوهر‭ ‬فيه،‭ ‬وأين‭ ‬تكمن‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬سخره‭ ‬الله‭ ‬للإنسان‭! ‬فالكلمة‭ ‬القرآنية‭ ‬والإيمان‭ ‬‮«‬عروة‭ ‬وثقى‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تنغصهم‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬وحشة‭ ‬الارتحال‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬غياهب‭ ‬الظلمات‭ ‬والأقفال‭ ‬التي‭ ‬يضعها‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬عقله‭ ‬وقلبه،‭ ‬فينسى‭! ‬

{‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬القرآن،‭ ‬أي‭ (‬شهر‭ ‬الكلمة‭ ‬القدسية‭ ‬الإعجازية‭) ‬وشهر‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬خاطب‭ ‬بها‭ ‬الله‭ ‬الإنسان‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬تيسير‭ ‬رغم‭ ‬أسرارها‭ ‬وأعماقها‭ ‬اللامتناهية،‭ ‬لمن‭ ‬يتدبّر‭ ‬فيها‭ ‬بقلب‭ ‬سليم‭!‬

لأنها‭ ‬لغة‭ ‬القلب‭ ‬والروح‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬غياهب‭ ‬العقل‭ ‬حين‭ ‬يُصاب‭ ‬بالتضليل‭! ‬وبسبب‭ ‬الغرق‭ ‬في‭ ‬الماديات‭ ‬والمحسوسات‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬تجليات‭ ‬المادة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬يتوه‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬وجوده‭ ‬التي‭ ‬يذكره‭ ‬بها‭ ‬القرآن‭ ‬بالكلمة‭!‬،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬جناح‭ ‬بعوضة‭!‬

أين‭ ‬يكمن‭ ‬السرّ‭ ‬إذًا؟‭! ‬أين‭ ‬يتلاشى‭ ‬التوق‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬رائع‭ ‬ومكتمل،‭ ‬إلا‭ ‬بالصلة‭ ‬بالله‭ ‬وبكلماته‭ ‬القدسية‭ ‬في‭ ‬القرآن،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬أدراجه‭ ‬محملاً‭ ‬بنواقص‭ ‬البشر‭ ‬والضلالات‭ ‬الفكرية‭ ‬والروحية‭ ‬والعلوم‭ ‬الباطنية‭ ‬الشيطانية‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬المتاح‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬القرآن‭ ‬تدبره،‭ ‬وحيث‭ ‬طاقة‭ ‬الكلمة‭ ‬الإلهية‭ ‬فيه‭ ‬تطغى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداها‭! ‬ولا‭ ‬يبقى‭ ‬إلا‭ ‬التواصل‭ ‬معها‭ ‬وإدراك‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬نذير‭ ‬وبشير،‭ ‬هي‭ ‬مهمة‭ ‬كل‭ ‬الرسل‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭!‬،‭ ‬علهم‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬وتعاليمه‭ ‬المبثوثة‭ ‬في‭ ‬الكلمات‭ ‬القرآنية،‭ ‬والقيم‭ ‬الصحيحة‭ ‬ويدركون‭ ‬ماهية‭ ‬‮«‬التجريد‭ ‬العقلي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬لسبر‭ ‬أغوار‭ ‬الروح‭ ‬وأبعادها‭!‬

ففي‭ ‬القرآن‭ ‬جذب‭ ‬وخلاصة‭ ‬لسيرورة‭ ‬الكون‭ ‬والإنسان‭!‬

وقصص‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭ ‬القصص‭ ‬للتذكير‭ ‬والتنبيه،‭ ‬وإدراك‭ ‬الطريق‭ ‬المستقيم‭ ‬وسط‭ ‬كثرة‭ ‬من‭ ‬الممرات‭ ‬الشيطانية‭ ‬الدنيوية‭ ‬التي‭ ‬يسير‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬‭ ‬فيخسر‭ ‬روحه‭! ‬ولا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له،‭ ‬له‭ ‬الملك‭ ‬وله‭ ‬الحمد،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬قدير‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا