العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف يمكن لجمعية الأمم المتحدة للبيئة أن تقود العالم نحو مستقبل مستدام؟

بقلم: إنغر أندرسن {

الأحد ١٨ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬يمتلك‭ ‬العالم‭ ‬قائمة‭ ‬مهام‭ ‬بيئية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يمتلك‭ ‬قائمة‭ ‬حتمية‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬ولعقود‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬فيجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبطئ‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬ونتكيف‭ ‬معه،‭ ‬ونحمي‭ ‬الطبيعة‭ ‬والتنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬ونعمل‭ ‬على‭ ‬إصلاحهما،‭ ‬ونوقف‭ ‬تدهور‭ ‬الأراضي‭ ‬والتصحر،‭ ‬ونقضي‭ ‬على‭ ‬التلوث‭ ‬والنفايات‭. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬اضطلعنا‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الصحيح‭ ‬فسنتمكن‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬يفيد‭ ‬غالبية‭ ‬الناس‭ ‬وليس‭ ‬القلة‭ ‬فحسب،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أهداف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

لقد‭ ‬التزمت‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬التنمية‭ ‬بالعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل‭ ‬المستدام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬البيئية‭ ‬المتعددة‭ ‬الأطراف‭. ‬ويعدّ‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬خلال‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والمشهد‭ ‬السياسي‭ ‬المتغير،‭ ‬بمثابة‭ ‬أمر‭ ‬يصعب‭ ‬تحقيقه‭.. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البيئة‭ ‬هو‭ ‬قوة‭ ‬موحدة‭ ‬هائلة‭.‬

وثمة‭ ‬اتفاقيات‭ ‬عالمية‭ ‬تحدد‭ ‬أهدافا‭ ‬وغايات‭ ‬متفقاً‭ ‬عليها،‭ ‬مثل‭ ‬اتفاق‭ ‬باريس،‭ ‬وإطار‭ ‬كونمينغ‭-‬مونتريال‭ ‬العالمي‭ ‬للتنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬والإطار‭ ‬العالمي‭ ‬للمواد‭ ‬الكيميائية‭. ‬ويتعهد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬والمستثمرين‭ ‬بمواءمة‭ ‬نماذجهم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ورؤوس‭ ‬أموالهم‭ ‬مع‭ ‬التطلعات‭ ‬المنخفضة‭ ‬الكربون‭ ‬والمراعية‭ ‬للطبيعة‭. ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬مماثل،‭ ‬تعمل‭ ‬البنوك‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬الأطياف‭ ‬والقطاعات‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬العمل‭ ‬البيئي‭ ‬كجزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬أهدافها‭. ‬ويتحرك‭ ‬المجتمع‭ ‬العلمي‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬قرع‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬إلى‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الحلول‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬تسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬التقدم‭ ‬لتحويل‭ ‬الالتزامات‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬تحوُّلية‭ ‬ملموسة‭. ‬وكان‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬هو‭ ‬العام‭ ‬الأكثر‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬موجات‭ ‬حارة‭ ‬وعواصف‭ ‬وموجات‭ ‬جفاف‭ ‬دمرت‭ ‬الكوكب‭. ‬وأودى‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬والأرض‭ ‬والمياه‭ ‬بحياة‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬الغابات‭ ‬المطيرة‭ ‬تتعرض‭ ‬للتدمير،‭ ‬ويستمر‭ ‬انخفاض‭ ‬أعداد‭ ‬الأنواع‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬البالغة‭ ‬لصحة‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وكل‭ ‬أسبوع،‭ ‬وكل‭ ‬شهر‭ ‬يستمر‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬تغرق‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬سيستغرق‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬وقتا‭ ‬أطول‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بجدية‭ ‬أكبر‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬ذكاءً‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬على‭ ‬المحك،‭ ‬هناك‭ ‬خطر‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬التشرذم‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬التصدي‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضمان‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬التزام‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬عمل‭ ‬الآخرين‭ ‬ويبني‭ ‬عليه‭. ‬ففي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬نحن‭ ‬نواجه‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬تحدياً‭ ‬عالمياً‭ ‬واحداً‭: ‬ما‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬الأزمة‭ ‬الكوكبية‭ ‬الثلاثية‭: ‬وهي‭ ‬أزمة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وأزمة‭ ‬فقدان‭ ‬الطبيعة‭ ‬والتنوع‭ ‬البيولوجي،‭ ‬وأزمة‭ ‬التلوث‭ ‬والنفايات‭. ‬إن‭ ‬الدوافع‭ ‬الرئيسية‭ ‬لجميع‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭: ‬أنماط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والإنتاج‭ ‬غير‭ ‬المستدامة‭ ‬هي‭ ‬أهمها‭. ‬وأفضل‭ ‬الحلول‭ ‬للنشر‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬تحديات‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭.‬

وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬جمعية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة،‭ ‬والمختصرة‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬باسم‭ ‬UNEA‭. ‬والجمعية،‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬هيئة‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬البيئي‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬تجمع‭ ‬الدول‭ ‬كل‭ ‬عامين‭ ‬ليس‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬معزولة،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وفي‭ ‬حزمة‭ ‬واحدة‭.‬

وتنعقد‭ ‬الدورة‭ ‬السادسة‭ ‬للجمعية‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬في‭ ‬نيروبي‭ ‬عاصمة‭ ‬كينيا،‭ ‬في‭ ‬المقر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬أمانات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬اتفاقية‭ ‬وهيئة‭ ‬حكومية‭ ‬علمية‭ ‬دولية‭ ‬ومعاهدة‭ ‬إقليمية‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬نوجه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاقات‭ ‬البيئية‭ ‬المتعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬وإلى‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬وإلى‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصلحة،‭ ‬للعمل‭ ‬معا‭ ‬وإيجاد‭ ‬طرق‭ ‬جديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المشتركة‭.‬

أنا‭ ‬لا‭ ‬أعني‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سيكون‭ ‬أمرا‭ ‬هينا،‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الوكالات‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬مئات‭ ‬الأهداف‭ ‬والغايات‭. ‬ويهدف‭ ‬اتفاق‭ ‬باريس‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬درجتين‭ ‬مئويتين‭ ‬أو‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭. ‬ويوفر‭ ‬إطار‭ ‬كونمينغ‭-‬مونتريال‭ ‬العالمي‭ ‬للتنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬حماية‭ ‬الأراضي‭ ‬والمحيطات‭ ‬والمناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬والمياه‭ ‬الداخلية‭ ‬لكوكبنا‭ ‬وإصلاحها‭ ‬وإدارتها‭ ‬المستدامة‭. ‬وتهدف‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬تحييد‭ ‬تدهور‭ ‬الأراضي‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬التصحر‭. ‬ويواصل‭ ‬بروتوكول‭ ‬مونتريال‭ ‬حماية‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬كما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المناخي‭. ‬ولدينا‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أخرى‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بأمور‭ ‬كثيرة،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬الأنواع‭ ‬وحتى‭ ‬حماية‭ ‬الناس‭ ‬والكوكب‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬والنفايات‭ ‬الضارة‭. ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬مماثل،‭ ‬يجري‭ ‬الآن‭ ‬وضع‭ ‬اللمسات‭ ‬النهائية‭ ‬على‭ ‬صكّ‭ ‬جديد‭ ‬لإنهاء‭ ‬التلوث‭ ‬بالمواد‭ ‬البلاستيكية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬ستكثف‭ ‬الدول‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬السادسة‭ ‬لجمعية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬بإصدار‭ ‬قرارات‭ ‬جديدة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬الكوكبية‭ ‬الثلاثية‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬يبدو‭ ‬أحيانا‭ ‬وكأننا‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬قارب‭ ‬واحد‭ ‬متجهون‭ ‬نحو‭ ‬الميناء‭ ‬نفسه،‭ ‬لكننا‭ ‬نقوم‭ ‬بتشغيل‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬غرف‭ ‬القيادة‭ ‬المتفرقة‭ ‬المربوطة‭ ‬بدفات‭ ‬توجيه‭ ‬مختلفة‭. ‬لذلك‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نسلك‭ ‬الطريق‭ ‬الأسرع‭ ‬والأقصر‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الوجهة‭. ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬جميعا،‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬السادسة‭ ‬لجمعية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة،‭ ‬أن‭ ‬نسعى‭ ‬جاهدين‭ ‬لإيجاد‭ ‬استراتيجيات‭ ‬جديدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬غرف‭ ‬القيادة‭. ‬دعونا‭ ‬نتعلم‭ ‬من‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬ونطبق‭ ‬دروس‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭. ‬ولنبدأ‭ ‬بالوفاء‭ ‬بالالتزامات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬كوكبنا‭ ‬وتجعل‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬أتمّ‭ ‬صحة‭ ‬وعافية‭.‬

{ إنغر‭ ‬أندرسن‭: ‬وكيلة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمديرة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا