العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه من العدوان

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ١٧ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

أعلن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬عدوانه‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬عن‭ ‬أهدافه‭ ‬التي‭ ‬ينوي‭ ‬تحقيقها‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬سيناء‭ ‬واستعادة‭ ‬المحتجزين‭ ‬والأسرى‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الفرعية‭ ‬المعلنة‭ ‬وغير‭ ‬المعلنة،‭ ‬حيث‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬فإنه‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬اجتياح‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة‭ ‬وتدميرها‭ ‬لأوجه‭ ‬الحياة‭ ‬المختلفة‭ ‬فيها‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬إلى‭ ‬تاريخه‭ ‬لا‭ ‬استعادة‭ ‬المحتجزين‭ ‬ولا‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬ولا‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬إحباط‭ ‬الحلف‭ ‬السياسي‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬بالوسائل‭ ‬العسكرية‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬مستحيلا‭.‬

فعلى‭ ‬صعيد‭ ‬استعادة‭ ‬المحتجزين‭ ‬بات‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬استعادتهم‭ ‬غير‭ ‬ممكنة‭ ‬بالوسائل‭ ‬العسكرية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬وأن‭ ‬الطريق‭ ‬الوحيد‭ ‬لذلك‭ ‬هو‭ ‬بالوسائل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والمفاوضات‭ ‬بين‭ ‬المقاومة‭ ‬ودولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬ويؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إطلاقه‭ ‬من‭ ‬المحتجزين‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬فقط‭ ‬بالوسائل‭ ‬السلمية‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬الوسطاء‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجبارة‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭ ‬وقتل‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬وإصابة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬أبدا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬استعادة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المحتجزين‭ ‬الذين‭ ‬يزيد‭ ‬عددهم‭ ‬على‭ ‬100‭ ‬شخص‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وفرض‭ ‬سيطرته‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

على‭ ‬صعيد‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬شمال‭ ‬ووسط‭ ‬وجنوب‭ ‬وخاصة‭ ‬مدينة‭ ‬خان‭ ‬يونس‭ ‬ورفح‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬السيطرة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬تدمير‭ ‬المباني‭ ‬والطرقات‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬إلا‭ ‬إنها‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬وجودها‭ ‬الدائم‭ ‬بين‭ ‬أنقاض‭ ‬هذه‭ ‬المدن‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬بالمعنى‭ ‬الأمني‭ ‬أو‭ ‬العسكري‭ ‬أو‭ ‬السياسي‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتعرض‭ ‬إلى‭ ‬الضربات‭ ‬تلو‭ ‬الضربات‭ ‬وبالتالي‭ ‬يعطينا‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬استحالة‭ ‬عودة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬للسيطرة‭ ‬المباشرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬غزاوي‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬مقاوم‭.‬

أما‭ ‬بخصوص‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬فقد‭ ‬تبين‭ ‬خلال‭ ‬المواجهة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭ ‬تماما‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬التي‭ ‬ألحقها‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بالقوى‭ ‬المقاومة‭ ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والسياسية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬المقاومة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬موجودة‭ ‬ومتحركة‭ ‬وفاعلة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بالجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بل‭ ‬قادرة‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬ضرب‭ ‬المدن‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالصواريخ‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العاصمة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬وهذا‭ ‬معناه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬المقاومة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المنظور‭ ‬مما‭ ‬أصاب‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬المتطرفة‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الجنون‭ ‬جعله‭ ‬يرفض‭ ‬جميع‭ ‬المبادرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية‭ ‬والعربية‭ ‬لأن‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬محبطون‭ ‬تماما‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬استخدموها‭ ‬فإن‭ ‬قواتهم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تضرب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬حساباتهم‭ ‬ومعلومات‭ ‬استخباراتهم‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬دقيقة‭ ‬وإن‭ ‬تقديراتهم‭ ‬بأن‭ ‬الأنفاق‭ ‬تمتد‭ ‬إلى160‭ ‬كيلومترا‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬تماما‭ ‬ولذلك‭ ‬فمن‭ ‬المستحيل‭ ‬القضاء‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬فيها‭ ‬إسرائيل‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬لها‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسباب‭:‬

الأول‭: ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكانها‭ ‬استخدام‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬السابقة‭ ‬وإن‭ ‬استمرار‭ ‬وجودها‭ ‬لن‭ ‬يحقق‭ ‬الاستقرار‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬وإن‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬والقبول‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وبدولته‭ ‬المستقلة‭ ‬ذات‭ ‬السيادة‭.‬

الثاني‭: ‬إن‭ ‬المجتمع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬بالتهجير‭ ‬وإنه‭ ‬سوف‭ ‬يظل‭ ‬يقاوم‭ ‬بكل‭ ‬شراسة‭ ‬وإن‭ ‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬النسيان‭ ‬أصداؤها‭ ‬فاشلة‭.‬

الثالث‭: ‬إن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭ ‬بدأ‭ ‬يتغير‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وجلي‭ ‬لأن‭ ‬أجيالا‭ ‬جديدة‭ ‬متحررة‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدي‭ ‬الذي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬الأوساط‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بدأ‭ ‬يرفض‭ ‬بوضوح‭ ‬وبشكل‭ ‬علني‭ ‬الخرافات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬حول‭ ‬أرض‭ ‬الميعاد‭ ‬وبدأ‭ ‬يتعاطف‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬مع‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬عواصم‭ ‬العالم‭ ‬ولذلك‭ ‬ليس‭ ‬أمام‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلا‭ ‬القبول‭ ‬بالسلام‭ ‬وبالشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا