العدد : ١٦٨٥٨ - الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٨ - الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

اقتصادات الثروة السمكية في ضوء مرئيات جلالة الملك المعظم

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الجمعة ٠٢ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

يُعد‭ ‬موقع‭ ‬البحرين‭ ‬كجزيرة‭ ‬وسط‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬حافزا‭ ‬وداعما‭ ‬لنشاطات‭ ‬تنموية‭ ‬عديدة،‭ ‬فالبحر‭ ‬نعمة‭ ‬وهبها‭ ‬الله‭ ‬لنا،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬يقول‭ ‬جل‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأعراف‭: ‬‮«‬واسْأَلْهُمْ‭ ‬عَنِ‭ ‬الْقَرْيَةِ‭ ‬الَّتِي‭ ‬كَانَتْ‭ ‬حَاضِرَةَ‭ ‬الْبَحْرِ‮»‬‭. ‬وقوله‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭: ‬‮«‬وَالْفُلْكِ‭ ‬الَّتِي‭ ‬تَجْرِي‭ ‬فِي‭ ‬الْبَحْر‭ ‬بِمَا‭ ‬يَنفَعُ‭ ‬النَّاسَ‮»‬‭. ‬وقوله‭ ‬جل‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬إبراهيم‭: ‬‮«‬وَسَخَّرَ‭ ‬لَكُمُ‭ ‬الْفُلْكَ‭ ‬لِتَجْرِيَ‭ ‬فِي‭ ‬الْبَحْرِ‭ ‬بِأَمْرِهِ‮»‬‭. ‬وقوله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الإسراء‭: ‬‮«‬رَّبكُمُ‭ ‬الَّذِي‭ ‬يُزْجِي‭ ‬لَكُمُ‭ ‬الْفُلْكَ‭ ‬فِي‭ ‬الْبَحْرِ‭ ‬لِتَبْتَغُواْ‭ ‬مِن‭ ‬فَضْلِهِ‮»‬‭. ‬إذ‭ ‬تتجلى‭ ‬رؤية‭ ‬الباري‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬لمكانة‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬وضرورة‭ ‬استثماره‭ ‬بما‭ ‬ينفعنا‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬واستجابة‭ ‬لما‭ ‬تفرضه‭ ‬علينا‭ ‬متطلبات‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬تحديات‭. ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬تنمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحري‭ ‬المهمة‭ ‬تنمية‭ ‬قطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬البلدان‭ ‬الساحلية‭ ‬قطاعا‭ ‬مؤثرا‭ ‬من‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إسهامه‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصنيع‭ ‬وتسويق‭ ‬الأسماك‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الحيوية‭ ‬ضمـن‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬إذ‭ ‬يشـغل‭ ‬حولـي‭ (‬60‭) ‬ألـف‭ ‬بحـار‭ ‬بشكل‭ ‬مباشـر‭ ‬وأكثـر‭ ‬مـن‭ (‬100‭) ‬ألـف‭ ‬مواطن‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إسهامه‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬سلة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية‭. ‬كما‭ ‬سعت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬منذ‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬الى‭ ‬النهوض‭ ‬بقطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬وتنمية‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستزراع‭ ‬السمكي،‭ ‬وانشأت‭ ‬مركزا‭ ‬متخصصا‭ ‬في‭ ‬أبحاث‭ ‬الاستزراع‭ ‬السمكي‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ ‬الدولية،‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬التقنية‭ ‬والتدريب‭ ‬الخاص‭ ‬بالاستزراع‭ ‬ودراسة‭ ‬أنواع‭ ‬الأسماك‭ ‬المحلية‭ ‬وتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬للقطاع،‭ ‬واحتل‭ ‬قطاع‭ ‬استزراع‭ ‬الروبيان‭ ‬موقعا‭ ‬مهما فيها‭ ‬لتصبح‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬للروبيان‭ ‬المستزرع‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

أما‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬لقطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قطاعا‭ ‬مهما‭ ‬وواعدا‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الوطني،‭ ‬لاسيما‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬إرثا‭ ‬حافزا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬أحد‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬القيادية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬قبيل‭ ‬منتصف‭ ‬عقد‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتفعيله‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وحل‭ ‬تعقيداته‭ ‬ومواجهة‭ ‬مشكلاته‭ ‬وبناء‭ ‬قاعدة‭ ‬متينة‭ ‬لانطلاقته،‭ ‬ويتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬بتوجيهات‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬الخليفة‭ ‬المعظم‭ ‬إلى‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الممثل‭ ‬الشخصي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ضرورة‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬ضوابط‭ ‬لتنمية‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬وحمايتها‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الاستزراع‭ ‬السمكي‭ ‬بما‭ ‬يفي‭ ‬متطلبات‭ ‬واحتياجات‭ ‬السوق‭ ‬المحلي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المهمة‭ ‬للمواطنين‮»‬‭. ‬

كما‭ ‬أكد‭ ‬جلالته‭ ‬‮«‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬تولي‭ ‬اهتمامًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بتنمية‭ ‬الثروة‭ ‬البحرية‭ ‬وضمان‭ ‬استدامتها‭ ‬وحماية‭ ‬مواردها‭ ‬باعتبارها‭ ‬ثروة‭ ‬وطنية‭ ‬وإحدى‭ ‬ركائز‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬البلاد‮»‬‭. ‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬التوجيهات‭ ‬السامية‭ ‬السديدة‭ ‬تمثل‭ ‬دفعا‭ ‬جديدا‭ ‬لتنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬البحري،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬اسبق‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬التي‭ ‬أدركت‭ ‬أهمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحري‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الإسهام‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬دخلها‭ ‬وتشغيل‭ ‬مواطنيها‭. ‬

وهي‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬أسبق‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬توطين‭ ‬الصناعة‭ ‬البحرية،‭ ‬حيث‭ ‬أنشأت‭ ‬عدة‭ ‬ورش‭ ‬ومعامل‭ ‬لتصنيع‭ ‬وصيانة‭ ‬سفن‭ ‬الصيد‭ ‬منذ‭ ‬عقد‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬وبمرور‭ ‬الزمن‭ ‬توافرت‭ ‬فيها‭ ‬اغلب‭ ‬متطلبات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للصناعة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬كالمراسي‭ ‬والموانئ‭ ‬الحديثة‭ ‬المزودة‭ ‬بخدمات‭ ‬متكاملة‭ ‬وغيرها‭.‬

ويأتي‭ ‬الاقتراح‭ ‬بقانون‭ ‬بتعديل‭ ‬بعض‭ ‬أحكام‭ ‬المرسوم‭ ‬رقم‭ (‬20‭) ‬لسنة‭ ‬2002م‭ ‬بشأن‭ ‬تنظيم‭ ‬صيد‭ ‬واستغلال‭ ‬وحماية‭ ‬الثروة‭ ‬البحرية،‭ ‬ليصب‭ ‬باتجاه‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬المتواصلة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬وتنميتها‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬وتصدير‭ ‬الفائض،‭ ‬وذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬وتشجيع‭ ‬إنشاء‭ ‬مزارع‭ ‬الأسماك‭ ‬والأحياء‭ ‬البحرية‭ ‬والإشراف‭ ‬عليها،‭ ‬وتقديم‭ ‬الخبرة‭ ‬والإرشادات‭ ‬الفنية‭ ‬والمنح‭ ‬والتمويل‭ ‬المناسب‭ ‬للصيادين‭.‬

فضلا‭ ‬عن‭ ‬جهود‭ ‬وزارة‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وتطوير‭ ‬الاستزراع‭ ‬السمكي‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬وتوفير‭ ‬الاصبعيات‭ ‬السمكية‭ ‬لمزارع‭ ‬الأسماك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مركز‭ ‬الاستزراع‭ ‬السمكي‭ ‬بمنطقة‭ ‬رأس‭ ‬حيان،‭ ‬ونشاطاتها‭ ‬الاخرى‭ ‬المتعددة‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا