زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
زوج في نتانة نتنياهو
يحزنني كثيرا أن زيجات الشباب المعاصر لا تصمد حتى أمام النسمات، دعك من هوج الرياح، فمعدلات الطلاق في الزيجات «الحديثة» فوق الـ30% في كل الدول العربية، أما في الدول الغربية فقد تم شطب كلمتي زوج وزوجة من الأوراق الرسمية ووضعت كلمة «شريك» محلهما، ولكنني لم أحزن للجوء السيدة عواطف إلى المحكمة مطالبة بالطلاق من زوجها عليش، (هذه حكاية وقائعها حقيقة شهدتها مدينة عربية، ونشرتها الصحف الصادرة فيها)، وتعاطف معها أقاربها ونصحوها بالاستعانة بأحد المحامين كي تكسب القضية، ولكنها رفضت ذلك، وفي اليوم المحدد للنظر في القضية وقفت أمام القاضي الذي نبهها إلى أنه لاحظ أنها لا تحمل أي مستندات، أو تقدم أسماء أي شهود تستعين بهم لعرض وجهة نظرها كي تكسب دعوى الطلاق، ولكن عواطف قالت للقاضي ما معناه «مفيش لزوم» لكل هذا.
ابتسم القاضي في إشفاق، وأبلغها أن من حقها طلب تأجيل الجلسة كي يتسنى لها إحضار الشهود أو المستندات، ولكنها قالت مرة أخرى: مفيش لزوم، ولم يكن الزوج وقتها قد حضر أمام القاضي، وحسبما هو معمول به في المحاكم فإن النظر في القضية يستمر طالما تم إبلاغ الطرفين بموعد المثول أمام القاضي، وطالما لم يتقدم أي منهما بطلب تأجيل الجلسة، وطلب القاضي من عواطف طرح أسباب مطالبتها بالطلاق، فقالت: زوجي لا يستحم! صاح القاضي وهو يكتم ضحكته: نعم قلتِ إيه؟ ردت: قلت إن زوجي عليش لا يستحم، أي لا يتعامل مع الماء والصابون! وله في هذا نظرية، وهي أنه لو كان الماء يزيل الأوساخ والروائح الكريهة، لما كان السمك أسوأ الكائنات «زفارة» ورائحة!
وقع القاضي في حيص بيص، فكون أحد الزوجين وسخ البدن وكريه الرائحة، سبب كاف للتفريق بينهما إذا طلب الطرف «النظيف» ذلك، ولكن كيف له كقاض أن يتأكد من أن عليش هذا يستحم أو لا يستحم. وبعد صمت طويل سألها القاضي: ماذا تقصدين بالضبط بالقول بأنه لا يستحم؟ ردت عليه: أقصد أن أقول إنه معفن ونتن الرائحة، والجلوس على بعد أمتار منه كالجلوس داخل برميل قمامة به طن من الفسيخ بقي تحت الشمس نحو شهرين بسبب إضراب عمال جمع النفايات. ثم أضافت: باختصار يا حضرة القاضي زوجي لم يستحم سوى مرتين خلال العامين الماضيين بواقع مرة كل سنة!
أحس القاضي أنه أمام قضية حساسة، وأن السيدة الواقفة أمامه لا يمكن أن تكون بلهاء بفبركة أكذوبة حول زوجها أمام القضاء، ولم يكن هناك ما يشير إلى أنها تعاني من خلل في قواها العقلية، مما جعل القاضي يميل إلى تصديق روايتها، لأنه أدرك أنه لو كانت المرأة الواقفة أمامه «مستهبلة» لقدمت سبباً آخر قوياً يبرر طلبها الطلاق! وبينما هو يملي على كاتب المحكمة أنه تقرر تأجيل الجلسة لتاريخ لاحق للنطق بالحكم، أعلن الحاجب وصول الزوج عليش، فأمر القاضي بإدخاله إلى القاعة.
ودخل عليش القاعة فانتفض القاضي واقفاً وقال: رفعت الجلسة، ذلك أنه بمجرد دخول الرجل القاعة أحس القاضي بتسونامي يفقده توازنه وبعض قواه العقلية، فقد نفذت إلى خياشيمه روائح عجيبة صفعت رئتيه وأصابته بصداع نصفي، ولكن وقبل أن يغادر القاعة غير رأيه، وطلب إبعاد عليش عن المنصة: روح هناك في آخر القاعة، وبعد أن اطمأن إلى أنه صار على مسافة آمنة نسبياً، سأله: هل صحيح أنك لم تستحم سوى مرتين خلال العامين الماضيين؟ قال عليش: نعم.. سأله القاضي: ولماذا «غلَّبت حالك» واستحممت مرتين في 24 شهراً؟ فجاءه رد عليش بأنه كان عليه أن يغتسل للتطهر وأداء الصلاة، هنا صاح القاضي بأعلى صوته: روح وأنت طالق بالتلاتة، وعلي الطلاق يا عليش لو سمعت أنك تزوجت ولو في أستراليا سأرفع عليك دعوى في محكمة العدل الدولية أو ألفق لك تهمة توديك غوانتنامو، ثم أمر عليش بمغادرة المكان فوراً: اطلع إلهي تطلع روحك! يعني أدرك القاضي أن الزوج لم يكتف فقط بالنتانة بل إنه لم يقرب زوجته سوى مرتين في سنتين ولولا ذلك لما استحم تلكما المرتين!.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك