العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

مقالات

ضمن تعزيز مفهوم مكافحة غسل الأموال
التطور التكنولوجي في مواجهة عمليات النصب والاحتيال

{ بقلم: علي الخاجة.

الأربعاء ١٠ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

التكنولوجيا‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬حدين،‭ ‬ففي‭ ‬خضم‭ ‬سعي‭ ‬العالم‭ ‬لمواكبة‭ ‬آخر‭ ‬التوجهات‭ ‬الحاصلة‭ ‬وتبني‭ ‬أحدث‭ ‬التقنيات‭ ‬للاستمرار‭ ‬بالنمو‭ ‬والتطور،‭ ‬نشهد‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬وجود‭ ‬شرذمة‭ ‬من‭ ‬المحتالين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتوانون‭ ‬عن‭ ‬تطويع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬مآربهم‭ ‬لتحصل‭ ‬الأموال‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭.‬

وتُعد‭ ‬جريمة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬التحقق‭ ‬منها‭ ‬نظرًا‭ ‬لانتشارها‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬وإمكانية‭ ‬ممارستها‭ ‬باستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬متطورة‭ ‬يصعب‭ ‬تتبعها‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان،‭ ‬مما‭ ‬يُشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬للنظام‭ ‬المالي‭ ‬العالمي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تكاتف‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬عبر‭ ‬طرح‭ ‬برامج‭ ‬ومبادرات‭ ‬جادة‭ ‬وفاعلة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬عمدت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬لوائح‭ ‬حازمة‭ ‬وأنظمة‭ ‬صارمة‭ ‬وعقوبات‭ ‬رادعة‭ ‬بغية‭ ‬التصدي‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬عمليات‭ ‬النصب‭ ‬والاحتيال‭ ‬بشتى‭ ‬أنواعها‭. ‬ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬الجهود‭ ‬المحلية‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬صدر‭ ‬مرسوم‭ ‬ملكي‭ ‬بإنشاء‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإلكتروني‭.‬

ومع‭ ‬انطلاق‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬كالبنوك‭ ‬والمصارف‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬الرقمنة،‭ ‬كان‭ ‬حتمًا‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تؤمن‭ ‬منصات‭ ‬وبوابات‭ ‬إلكترونية‭ ‬آمنة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تسهيل‭ ‬وتسريع‭ ‬عملية‭ ‬إجراء‭ ‬المعاملات‭ ‬المصرفية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬وفي‭ ‬أيّ‭ ‬مكان،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الإخلال‭ ‬بسرية‭ ‬وخصوصية‭ ‬المعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬الشخصية‭ ‬للمستخدمين‭.‬

وحرصت‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬وتحذير‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للانتهاكات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬طرح‭ ‬الحملات‭ ‬التوعوية‭ ‬النشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭. ‬وعبر‭ ‬تبني‭ ‬عقلية‭ ‬رقمية‭ ‬سباقة،‭ ‬تمكنت‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬إيجابي‭ ‬وفاعل‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬إجراءات‭ ‬مكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال،‭ ‬والتصدي‭ ‬لمحاولات‭ ‬القرصنة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المشبوهة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الفعلي،‭ ‬واكتشاف‭ ‬الثغرات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬البيانات‭ ‬بكفاءة‭ ‬عبر‭ ‬خوارزميات‭ ‬التعلم‭ ‬الآلي‭. ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬تبني‭ ‬الحلول‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المدعومة‭ ‬بتقنيات‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬برمجيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأنماط‭ ‬الاحتيالية،‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬أساليب‭ ‬قراصنة‭ ‬الإنترنت‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬التطور‭.‬

ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬أثر‭ ‬تبني‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬دقة‭ ‬إجراءات‭ ‬مكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أدى‭ ‬اعتمادها‭ ‬لمساندة‭ ‬الكفاءات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬وتيسير‭ ‬مهامهم،‭ ‬حيث‭ ‬تُعد‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬أتمتة‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬المعلوماتية‭ ‬ورقابة‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬للبيانات‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لدعامة‭ ‬منظومة‭ ‬أمن‭ ‬البيانات‭.‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬بارزًا‭ ‬في‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬أبعاد‭ ‬المخاطر‭ ‬والاختراقات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬منا‭ ‬جميعًا‭ ‬كمهنيين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬إطلاع‭ ‬دائم‭ ‬باستراتيجيات‭ ‬الاحتيال‭ ‬السائدة‭ ‬والأساليب‭ ‬المستجدة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬القرصنة‭.‬

رئيس‭ ‬الالتزام‭ ‬ومكافحة‭ ‬غسل‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬السلام

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا