العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

عار على قنوات إم بي سي

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬وفي‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬كنت‭ ‬جالسا‭ ‬أشاهد‭ ‬التلفزيون‭. ‬بدأ‭ ‬عرض‭ ‬فيلم‭ ‬أمريكي‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬إم‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬ماكس‮»‬‭ ‬للأفلام‭ ‬اسمه‭ ‬the‭ ‬counselor‭ - ‬المستشار‭.‬

ما‭ ‬إن‭ ‬بدأ‭ ‬عرض‭ ‬الفيلم،‭ ‬حتى‭ ‬أصبت‭ ‬بالذهول‭ ‬التام‭ ‬وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭.‬

المشهد‭ ‬يضم‭ ‬بطل‭ ‬الفيلم،‭ ‬وهو‭ ‬محام‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬المستشار‮»‬‭ ‬وتاجر‭ ‬مجوهرات‭ ‬يهودي‭.‬

التاجر‭ ‬اليهودي‭ ‬يلقي‭ ‬على‭ ‬المحامي‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬محاضرة‭ ‬عن‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يمتد‭ ‬لوقت‭ ‬طويل‭. ‬يقول‭ ‬بلا‭ ‬مقدمات‭ ‬ولا‭ ‬مناسبة،‭ ‬وبالنص‭ ‬تقريبا‭: ‬‮«‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬ثقافة‭ ‬ولا‭ ‬حضارة‭ ‬إلا‭ ‬الثقافة‭ ‬والحضارة‭ ‬اليهودية‭. ‬آخر‭ ‬ثقافة‭ ‬وحضارة‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬الحضارة‭ ‬والثقافة‭ ‬اليونانية‭. ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬ثقافة‭ ‬ولا‭ ‬حضارة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬ويقول‭: ‬من‭ ‬موسى‭ ‬إلى‭ ‬المسيح،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إله‭ ‬اليوم‭ ‬إلا‭ ‬إله‭ ‬الشعب‭ ‬اليهودي‮»‬‭. ‬

ويقول‭ ‬هذا‭ ‬اليهودي‭ ‬للمحامي‭ ‬بطل‭ ‬الفيلم‭: ‬أنت‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬تعادي‭ ‬أو‭ ‬تطرد‭ ‬اليهود‭. ‬وحين‭ ‬يسأله‭: ‬وماذا‭ ‬يحدث‭ ‬لها؟‭ ‬يرد‭: ‬سوف‭ ‬تذهل‭ ‬إذا‭ ‬علمت‭.‬

هذا‭ ‬ملخص‭ ‬مشهد‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬كما‭ ‬سجلته‭ ‬كتابةً‭ ‬بمجرد‭ ‬مشاهدته‭. ‬ولست‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬هذا‭ ‬اليهودي‭.‬

حين‭ ‬أقول‭ ‬إنني‭ ‬أصبت‭ ‬بالذهول‭ ‬وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬المشهد‭ ‬وهذا‭ ‬الحوار‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬مشهد‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬أمريكي،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬نعرفه‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬هوليوود‭ ‬وأفلامها‭ ‬كما‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭. ‬الذهول‭ ‬سببه‭ ‬أن‭ ‬تبث‭ ‬قناة‭ ‬عربية‭ ‬فيلما‭ ‬يضم‭ ‬مشهدا‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭. ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أنني‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تابعت‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬أغلقت‭ ‬المحطة‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬ماذا‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

أشك‭ ‬بشدة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عرض‭ ‬فيلم‭ ‬كهذا‭ ‬وما‭ ‬يتضمنه‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬كهذه‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬السهو‭ ‬أو‭ ‬الخطأ‭. ‬هو‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أمر‭ ‬مقصود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬بالذات‭. ‬لهذا‭ ‬الذي‭ ‬قلته‭ ‬فورا‭ ‬بمجرد‭ ‬متابعة‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭: ‬عار‭ ‬عليكم‭.. ‬عار‭ ‬عليكم‭.‬

عار‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬عربية‭ ‬أن‭ ‬تبث‭ ‬رسائل‭ ‬صهيونية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يتعرض‭ ‬فيه‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية،‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬كشف‭ ‬فيه‭ ‬الصهاينة‭ ‬عن‭ ‬نواياهم‭ ‬الإرهابية‭ ‬التوسعية‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬كله‭ ‬وتجاه‭ ‬كل‭ ‬العرب‭. ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬تخدم‭ ‬العرب‭ ‬أم‭ ‬تخدم‭ ‬الأمريكان‭ ‬والصهاينة؟‭!‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬خذلت‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الرسمي‭ ‬ولم‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬عمليا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الهمجية‭. ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬يتحمل‭ ‬مسئولية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬غزة‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وفي‭ ‬تقديم‭ ‬الحقائق‭ ‬للعالم‭ ‬وفضح‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وكشف‭ ‬أكاذيبه‭ ‬وجرائمه‭. ‬هذا‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نفعله‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرب‭ ‬إعلامية‭ ‬شرسة‭ ‬يشنونها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬العرب‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نفعله‭ ‬في‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬مثلا‭.‬

أما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أي‭ ‬أداة‭ ‬إعلامية‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع،‭ ‬كقنوات‭ ‬الأفلام‭ ‬هذه،‭ ‬أداة‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الأمريكان‭ ‬والصهاينة‭ ‬تردد‭ ‬أكاذيبهم‭ ‬وتنقل‭ ‬رسائلهم،‭ ‬فهذه‭ ‬جريمة‭ ‬كبرى‭. ‬هي‭ ‬جريمة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭.‬

لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬أتابع‭ ‬باستمرار‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬والاحترام‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬قنوات‭ ‬تلفزيونية‭ ‬مصرية‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬إذ‭ ‬تبث‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬أفلاما‭ ‬وبرامج‭ ‬وثائقية‭ ‬متميزة‭ ‬جدا‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وكفاح‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعن‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وجرائمه‭ ‬الممتدة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭. ‬هذا‭ ‬عمل‭ ‬وطني‭ ‬عربي‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬كبرى‭ ‬وخصوصا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬الشابة‭ ‬التي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬والحقائق‭ ‬عن‭ ‬العدو‭ ‬وعن‭ ‬كفاحنا‭ ‬ضده‭. ‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬يجب‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬مقاطعة‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬المشبوهة‭ ‬كما‭ ‬تقاطع‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بحسها‭ ‬الوطني‭ ‬العروبي‭ ‬الفطري‭ ‬السلع‭ ‬والمنتجات‭ ‬والمحلات‭ ‬الصهيونية‭ ‬والغربية‭.‬

لا‭ ‬أعرف‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬عربية‭ ‬لديها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬المختلفة‭ ‬وما‭ ‬تبثه‭ ‬ومحاسبتها‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬لكن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المشاهد‭ ‬والقارئ‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬بالأدوار‭ ‬المشبوهة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلعبها‭ ‬بعض‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭.‬

في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬صمتنا‭ ‬عن‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الذين‭ ‬روجوا‭ ‬للعدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وحاولوا‭ ‬تبييض‭ ‬وجهه‭ ‬الإرهابي‭ ‬القبيح‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬التطبيع‭ ‬أو‭ ‬ضرورات‭ ‬السلام‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شعار‭ ‬آخر‭. ‬اليوم،‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬لأهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولنا‭ ‬جميعا،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقبولا‭ ‬الصمت‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا