العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

ليالي المحرّق 2023

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

في‭ ‬ديسمبر‭ ‬يحضر‭ ‬ويتجسّد‭ ‬الفرح‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة،‭ ‬ويبقى‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬للبحرينيين‭ ‬رمزاً‭ ‬لفرحة‭ ‬الوطن‭ ‬وأعياده،‭ ‬والفرح‭ ‬يُحاط‭ ‬دائماً‭ ‬بمظاهر‭ ‬معينة‭ ‬للاحتفال‭ ‬به‭ ‬كأضواء‭ ‬الزينة‭ ‬والألعاب‭ ‬النارية‭ ‬والفعاليات‭ ‬المختلفة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬والتي‭ ‬تقيمها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭ ‬وأحياناً‭ ‬الأسر‭ ‬نفسها،‭ ‬فالكل‭ ‬يظهر‭ ‬فرحته‭ ‬بأسلوبه‭ ‬وطريقته‭.‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الفعاليات‭ ‬الرسمية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بأعياد‭ ‬الوطن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬للعام‭ ‬الثاني‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مركز‭ ‬الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬للثقافة‭ ‬والبحوث‭ ‬وجهات‭ ‬أخرى،‭ ‬وهي‭ ‬فعالية‭ (‬ليالي‭ ‬المحرق‭)‬،‭ ‬تلك‭ ‬الفعالية‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ابراز‭ ‬العمق‭ ‬التاريخي‭ ‬للمحرق‭ ‬كنموذج‭ ‬مُصغّر‭ ‬للبحرين‭ ‬الأم،‭ ‬وعلى‭ ‬البُعد‭ ‬الإنساني‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬أسمى‭ ‬مبادئ‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬لمدينة‭ ‬المحرق،‭ ‬عراقة‭ ‬ثقافتها‭ ‬بتنوعها‭ (‬المأكولات‭ ‬الشعبية،‭ ‬ثقافة‭ ‬المباني‭ ‬وارتباطها‭ ‬بالهوية،‭ ‬الفنون‭ ‬الشعبية،‭ ‬والرقصات‭ ‬الشعبية‭ ‬الحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬المختلفة‭ ‬النسائية‭ ‬والرجالية،‭ ‬الفنون‭ ‬المعاصرة،‭ ‬تاريخ‭ ‬المدينة‭ ‬كعاصمة‭ ‬قديمة‭ ‬للحكم،‭ ‬ولمهنة‭ ‬الغوص‭ ‬وكمدينة‭ ‬الأوائل‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والتمريض‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول‭ ‬ولا‭ ‬تنتهي‭)‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فقد‭ ‬حققت‭ ‬أهدافا‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬حيث‭ ‬عرّفت‭ ‬الجمهور‭ ‬بتاريخ‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق،‭ ‬كما‭ ‬بثّت‭ ‬السعادة‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأجواء‭ ‬الاحتفالية،‭ ‬حرّكت‭ ‬اقتصاد‭ ‬المنطقة‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الأسر‭ ‬المنتجة‭ ‬وتركت‭ ‬بصمة‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الزائرين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬كبيرهم‭ ‬وصغيرهم،‭ ‬فأيقظت‭ ‬في‭ ‬الكبار‭ ‬ذكريات‭ ‬الأمس‭ ‬وأضافت‭ ‬للذاكرة‭ ‬ومن‭ ‬خارج‭ ‬الوطن‭. ‬

وقد‭ ‬حظيت‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬بفرصة‭ ‬لزيارة‭ ‬ليالي‭ ‬المحرق‭ ‬ضمن‭ ‬جولة‭ ‬جميلة‭ ‬نظّمها‭ ‬الشيخ‭ ‬صلاح‭ ‬الجودر‭ ‬عضو‭ ‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬العالمي‭ ‬للتعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ضمت‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬وأجنبية،‭ ‬ووجدت‭ ‬أن‭ ‬فعالية‭ ‬ليالي‭ ‬المحرق،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬حفلا‭ ‬غنائيا‭ ‬لفنان‭ ‬كبير‭ ‬أو‭ ‬حدث‭ ‬رياضي‭ ‬مهم‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تجتذب‭ ‬المهتمين‭ ‬والمعجبين‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬البحرين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬استطاعت‭ ‬ببساطتها‭ ‬واقترابها‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬البحريني‭ ‬الأصيل‭ ‬والعريق‭ ‬أن‭ ‬تجتذب‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬لحرصهم‭ ‬على‭ ‬التجوّل‭ ‬في‭ ‬الفعاليات‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬تضمنها‭ ‬برنامج‭ ‬ليالي‭ ‬المحرق،‭ ‬والتي‭ ‬تنوعت‭ ‬بين‭ ‬تقديم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الفرق‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬نوعاً‭ ‬معيناً‭ ‬من‭ ‬الفنون‭ ‬المتعددة،‭ ‬المأكولات‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تُطهى‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأسر‭ ‬المنتجة،‭ ‬بجانب‭ ‬المنتجات‭ ‬المختلفة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬بإنتاجها‭ ‬الأسر‭ ‬المنتجة‭ ‬البحرينية،‭ ‬العروض‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬تشكيلية‭ ‬وصناعات‭ ‬يدوية‭ ‬بأياد‭ ‬بحرينية‭ ‬موهوبة‭ ‬جداً،‭ ‬البعض‭ ‬منها‭ ‬يستحق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬العالمية‭.‬

ولربما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭ ‬الجميلة‭ ‬في‭ ‬ليالي‭ ‬المحرق،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬يميزها‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬تأخذ‭ ‬ضيوفها‭ ‬على‭ (‬مسار‭ ‬اللؤلؤ‭) ‬ذلك‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬سيبقى‭ ‬شاهداً‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬إدراجه‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬التراث‭ ‬الإنساني‭ ‬العالمي،‭ ‬بفضل‭ ‬جهود‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزيرة‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬السابقة‭ ‬والتي‭ ‬حفظت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المباني‭ ‬التراثية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الزوال‭ ‬لمواكبة‭ ‬البناء‭ ‬الحديث‭.‬

فشكراً‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬لهيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة،‭ ‬والشكر‭ ‬موصول‭ ‬لوزارة‭ ‬البلديات‭ ‬وللبلديات‭ ‬ولكل‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬أو‭ ‬أهلية‭ ‬اجتهدت‭ ‬لرسم‭ ‬ابتسامة‭ ‬على‭ ‬وجوه‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬ولجعل‭ ‬أعياد‭ ‬البحرين‭ ‬فرحة‭ ‬تستقر‭ ‬في‭ ‬القلوب‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬احيائها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬قادم‭.‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬البحرين‭ ‬وقيادتها‭ ‬وشعبها‭ ‬ودامت‭ ‬أعيادك‭ ‬يا‭ ‬وطن،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬إلا‭ ‬برفع‭ ‬أسمى‭ ‬آيات‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات‭ ‬إلى‭ ‬مقام‭ ‬والدنا‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم،‭ ‬وإلى‭ ‬مقام‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬قرينة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ورئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة،‭ ‬وإلى‭ ‬مقام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين،‭ ‬وإلى‭ ‬كل‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬النبيل‭.‬

وبقي‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬يتغنّى‭ ‬الشعر‭ ‬بالمحرق‭ ‬الجميلة‭: ‬

حلا‭ ‬محرّق،‭ ‬سعادة‭ ‬وفرحةٍ‭ ‬للعين‭ ‬

في‭ ‬كل‭ ‬قِرنه‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬حارة‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬وبين‭ ‬

حلاها‭ ‬راحةٍ‭ ‬للعين‭ ‬

مدينة‭ ‬بالشعر‭ ‬ترقى‭ ‬وملاذٍ‭ ‬للفكر‭ ‬تبقى‭ ‬

وبها‭ ‬ورّق‭ ‬عشق‭ ‬أخضر‭ ‬وظلّت‭ ‬رمز‭ ‬المحبين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا