العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

الابتزاز الإلكتروني

بقلم: دلال العطاوي

الجمعة ١٥ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬ظل‭ ‬التغييرات‭ ‬والثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الهائلة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التقني،‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬قرية‭ ‬واحدة‭ ‬يسهل‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬أفراده‭ ‬بسبب‭ ‬العولمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الحديثة،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬الكبار‭ ‬والأطفال‭ ‬ترتبط‭ ‬ارتباطاً‭ ‬وثيقاً‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬فهو‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬للتواصل‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والأمن‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬بحياتنا‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬سلاح‭ ‬ذي‭ ‬حدين‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تفعيلها‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سبباً‭ ‬لظهور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭.‬

ومن‭ ‬الأرجح‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعرض‭ ‬الراشدين‭ ‬لمشكلات‭ ‬أثناء‭ ‬استخدامهم‭ ‬للأجهزة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬يتمكن‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأمور‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يمرون‭ ‬بها‭ ‬بحكم‭ ‬المرحلة‭ ‬العمرية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬ومشورة‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬حولهم،‭ ‬ولكن‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬عندما‭ ‬يواجه‭ ‬الطفل‭ ‬الظواهر‭ ‬والمشكلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬عبر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لنقص‭ ‬المعرفة‭ ‬والخبرة‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التصرف‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المواقف‭.‬

فاليوم‭ ‬أصبح‭ ‬توجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المستغلين‭ ‬والمجرمين‭ ‬ألا‭ ‬يتعرض‭ ‬للطفل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬بل‭ ‬يبدأ‭ ‬بتفعيل‭ ‬وتسخير‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لاقتناص‭ ‬وتصيد‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أغراضه‭ ‬الشخصية‭ ‬السلبية‭ ‬واستغلال‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬حسابات‭ ‬وهمية‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتوثيق‭ ‬العلاقة‭ ‬بالطفل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التقرب‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أو‭ ‬حسابات‭ ‬الطفل‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ابتزازه‭ ‬وتهديده‭ ‬لاستدراجه‭ ‬لأمور‭ ‬تنافي‭ ‬الأخلاق‭ ‬والآداب‭ ‬العامة،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬للطفل‭ ‬ومستواه‭ ‬التعليمي‭ ‬وتفاعله‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وميوله‭ ‬للعزلة‭ ‬عن‭ ‬الآخرين‭ ‬ومعاناته‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والتوتر‭.‬

ويعد‭ ‬أبرز‭ ‬أسباب‭ ‬تعرض‭ ‬الأطفال‭ ‬للابتزاز‭ ‬الإلكتروني‭ ‬هو‭ ‬قلة‭ ‬الرقابة‭ ‬الأسرية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬على‭ ‬أطفالهم‭ ‬وعلى‭ ‬أجهزتهم‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬والسماح‭ ‬للأطفال‭ ‬بقضاء‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬العوالم‭ ‬الافتراضية،‭ ‬وعدم‭ ‬توعيتهم‭ ‬حول‭ ‬الاستغلال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وأساليب‭ ‬استدراج‭ ‬المبتزين‭ ‬للأطفال،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬الطفل‭ ‬بمهارات‭ ‬تأهله‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬المشكلات‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإلكتروني‭.‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الآباء‭ ‬بتطوير‭ ‬ثقافتهم‭ ‬التربوية‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬توفير‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬للأطفال‭ ‬وبضرورة‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬بعدم‭ ‬مشاركة‭ ‬صوره‭ ‬الخاصة‭ ‬وحياته‭ ‬الشخصية‭ ‬للآخرين،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬قبول‭ ‬إضافة‭ ‬أشخاص‭ ‬لا‭ ‬يعرفهم‭ ‬في‭ ‬حساباته‭ ‬الشخصية،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬الربط‭ ‬التقني‭ ‬بين‭ ‬هاتف‭ ‬الطفل‭ ‬وولي‭ ‬أمره‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحديثة‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬أولت‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬لحماية‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للاستغلال‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬اتساقاً‭ ‬مع‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية،‭ ‬فقد‭ ‬أرست‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬منهجية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاكل‭ ‬الأطفال‭ ‬وفق‭ ‬مرحلتهم‭ ‬العمرية‭ ‬وحالتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬والنفسية‭ ‬وبما‭ ‬يضمن‭ ‬مراعاة‭ ‬حقوقهم‭ ‬في‭ ‬الخصوصية‭ ‬وفي‭ ‬التمثيل‭ ‬القانوني‭ ‬وحصولهم‭ ‬على‭ ‬المساعدة‭ ‬القانونية،‭ ‬وفي‭ ‬الاستماع‭ ‬إليهم‭ ‬وتفهم‭ ‬متطلباتهم،‭ ‬كما‭ ‬ويضمن‭ ‬القانون‭ ‬بتلك‭ ‬القواعد‭ ‬والمبادئ‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬والمساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والنفسية‭ ‬للطفل‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات

النيابة‭ ‬العامة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا