العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

فضيحة في أمريكا.. فضيحة في ألمانيا

‭  ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬دخلت‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬أقذر‭ ‬أبوابه‭.. ‬باب‭ ‬الهمجية‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬أبشع‭ ‬صور‭ ‬الإبادة‭ ‬لشعب‭ ‬فلسطين‭.. ‬باب‭ ‬انعدام‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬السياسية‭ ‬والإنسانية‭.‬

كلما‭ ‬تصورنا‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وصلت‭ ‬الى‭ ‬الذروة‭ ‬في‭ ‬دعمها‭ ‬ومشاركتها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬نفاجأ‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬جديدا‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬لديهم‭.. ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬الانحطاط‭ ‬والهمجية‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬لأحد‭ ‬على‭ ‬بال‭.‬

لنتأمل‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬بلدين‭ ‬غربيين‭ ‬هما‭ ‬أمريكا‭ ‬وألمانيا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭.‬

أمريكا‭ ‬وألمانيا‭ ‬يقفان‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬يجللها‭ ‬العار‭ ‬اذ‭ ‬ذهبتا‭ ‬في‭ ‬دعمهما‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬حدودا‭ ‬بعيدة‭ ‬جدا‭. ‬أمريكا‭ ‬تشارك‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭  ‬ببوارجها‭ ‬الحربية‭ ‬وبتجنيد‭ ‬كل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬السياسية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬العدو‭. ‬والمستشار‭ ‬الألماني‭ ‬شولتس‭ ‬نصب‭ ‬نفسه‭ ‬متحدثا‭ ‬باسم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والصهيونية‭ ‬العالمية‭.‬

‭  ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬بمناسبة‭ ‬تطورين‭ ‬غريبين‭ ‬وخطيرين‭ ‬حدثا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وفي‭ ‬المانيا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭.‬

في‭ ‬أمريكا،‭ ‬صادق‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬معاداة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ومعاداة‭ ‬السامية‭.  ‬أي‭ ‬يعتبر‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعادي‭ ‬الصهيونية‭ ‬هو‭ ‬معاد‭ ‬للسامية‭. ‬وصوت‭ ‬311‭ ‬نائباً‭ ‬لصالح‭ ‬مشروع‭ ‬القرار‭ ‬مقابل‭ ‬14‭ ‬صوتوا‭ ‬ضده‭.‬

هذه‭ ‬فضيحة‭ ‬سياسية‭ ‬وقانونية‭ ‬وأخلاقية‭.‬

الصهيونية‭ ‬أيديولوجية‭ ‬وحركة‭ ‬استعمارية‭ ‬عنصرية‭. ‬وقرار‭ ‬الكونجرس‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ينتقد‭ ‬او‭ ‬يعارض‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬وحتى‭ ‬جرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يعتبر‭ ‬معاديا‭ ‬للسامية،‭ ‬أي‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬كبرى‭ ‬بحكم‭ ‬القوانين‭ ‬والسياسات‭ ‬الأمريكية‭.‬

نواب‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬أفزعهم‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬ووجهوا‭ ‬انتقادات‭ ‬حادة‭ ‬للقرار‭. ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬النائب‭ ‬جيرولد‭ ‬نادلر،‭ ‬الديمقراطي‭ ‬عن‭ ‬نيويورك‭ ‬والعضو‭ ‬اليهودي‭ ‬الأطول‭ ‬خدمة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭. ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬أمام‭ ‬المجلس‭ ‬قال‭ ‬انه‭: ‬‮«‬بموجب‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬فإن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحبون‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشدة‭ ‬ولكنهم‭ ‬ينتقدون‭ ‬بعض‭ ‬سياساتها‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارهم‭ ‬مناهضين‭ ‬للصهيونية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬معادون‭ ‬للسامية‭ . ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬كل‭  ‬عضو‭ ‬يهودي‭ ‬ديمقراطي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهيئة،‭ ‬لأنهم‭ ‬جميعا‭ ‬انتقدوا‭ ‬مثلا‭  ‬حزمة‭ ‬الإصلاح‭ ‬القضائي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأخيرة‭. ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬يعتبر‭ ‬هؤلاء‭  ‬معادين‭ ‬للسامية‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‮»‬‭. ‬

وقال‭ ‬أيضا‭  ‬أن‭ ‬‮«‬القرار‭ ‬يتجاهل‭ ‬حقيقة‭ ‬ان‭  ‬هناك‭ ‬منظمات‭ ‬يهودية‭ ‬تعارض‭ ‬الصهيونية‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬فهل‭ ‬هؤلاء‭ ‬أيضا‭ ‬معادون‭ ‬للسامية؟‮»‬‭.‬

اما‭ ‬في‭ ‬المانيا‭ ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬فضيحة‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية‭ ‬والأخلاقية‭.‬

مؤخرا‭ ‬ناقش‭ ‬البرلمان‭ ‬الألماني‭ ‬اقتراحا‭ ‬يشترط‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الألمانية‭ ‬ان‭ ‬يتعهد‭ ‬كتابيا‭ ‬بدعم‭ ‬‮«‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‮»‬‭.‬

ولاية‭ ‬ساكسونيا‭ ‬الألمانية‭ ‬شرعت‭ ‬فورا‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬اذ‭ ‬أصدرت‭ ‬تشريعا‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الألمانية‭ ‬يتطلب‭ ‬الالتزام‭ ‬بحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المتقدمين‭ ‬أن‭ ‬يؤكدوا‭ ‬كتابيًا‭ ‬‮«‬أنهم‭ ‬يعترفون‭ ‬بحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬ويدينون‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬موجهة‭ ‬ضد‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

بموجب‭ ‬هذا‭ ‬التشريع‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬ينتقد‭ ‬سياسات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬او‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تعاطف‭ ‬او‭ ‬تأييد‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وحقوقه‭ ‬يعتبر‭ ‬رافضا‭ ‬لحق‭ ‬اسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتم‭ ‬حرمانه‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭.‬

الذي‭ ‬ناقشه‭ ‬البرلمان‭ ‬الألماني‭ ‬ونفذته‭ ‬ولاية‭ ‬ساكسونيا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬شاذ‭ ‬ومستفز‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬القيادة‭ ‬الأمامية‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التفريق‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬مواقف‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وخصوصا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭. ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتس‭ ‬قال‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭: ‬‮«‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬سوى‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬لألمانيا‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نعنيه‭ ‬عندما‭ ‬نقول‭ ‬أن‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬ألمانيا‮»‬‭.‬

حين‭ ‬يصل‭ ‬الأمر‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وفي‭ ‬المانيا،‭ ‬فإن‭ ‬المرء‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬يتساءل‭ : ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يحكمها‭ ‬بالضبط‭ ‬ويرسم‭ ‬سياستها‭ ‬ومواقفها؟‭.. ‬هل‭ ‬يحكمها‭ ‬قادتها‭ ‬ويرسمون‭ ‬سياساتهم‭ ‬وفقا‭ ‬لمصلحة‭ ‬بلادهم‭ ‬الوطنية‭ ‬ام‭ ‬يحكمها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يحدد‭ ‬سياساتها‭ ‬ومواقفها؟‭.‬

بقي‭ ‬ان‭ ‬نشير‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المانيا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الا‭ ‬تجسيد‭ ‬لمكارثية‭ ‬جديدة‭ ‬يشهدها‭ ‬الغرب‭ ‬بالفعل‭ ‬اليوم‭.‬

وهذا‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا