العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا يخفي حديث إدارة بايدن عن حل الدولتين؟

بقلم: عوض عبد الفتاح

الخميس ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

ماذا‭ ‬تعني‭ ‬عودة‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬حقا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الإهمال،‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬ومعاناة‭ ‬لشعب‭ ‬يعيش‭ ‬تحت‭ ‬نير‭ ‬الاستعمار؟‭ ‬هل‭ ‬سيترجم‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية؟

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬آخر‭ ‬للصراع‭ ‬الاستعماري‭ ‬المستمر،‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬ترف‭ ‬الكلام‭ ‬نظرا‭ ‬للضرورة‭ ‬الملحة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الهمجي‭ ‬المدمر‭.‬

إن‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬يمثل‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولجميع‭ ‬أصحاب‭ ‬الضمائر‭ ‬الحية‭. ‬وهكذا‭ ‬فقد‭ ‬تلقوا‭ ‬حديثاً‭ ‬جديداً‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬حول‭ ‬وهم‭ ‬الدولتين‭ ‬باعتباره‭ ‬مجرد‭ ‬إلهاء‭ ‬عن‭ ‬الفظائع‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭.‬

إن‭ ‬الخطاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتجدد‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬تأطيره‭ ‬كرؤية‭ ‬يجب‭ ‬متابعتها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لانتهاء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬مشروط‭ ‬بتحقيق‭ ‬خطة‭ ‬إسرائيل‭ ‬العسكرية‭ ‬لاجتثاث‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬أو‭ ‬شردوا‭ ‬قسراً‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬مقدار‭ ‬الدمار‭ ‬العارم‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

إننا‭ ‬ننتقل‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬استخدام‭ ‬شعار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬كغطاء‭ ‬لاستعمار‭ ‬إسرائيل‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬إبادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬أكبر‭ ‬سجن‭ ‬مفتوح‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬تبرير‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إزالة‭ ‬العائق‭ ‬الأكبر‭ ‬المزعوم‭ ‬أمام‭ ‬السلام‭.‬

ومن‭ ‬باب‭ ‬العبث‭ ‬أن‭ ‬نجمع‭ ‬بين‭ ‬مسارين‭ ‬متناقضين‭ ‬‭ ‬أحدهما‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬السلام،‭ ‬والآخر‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬المستمرة‭ ‬لإبادة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يستفيدوا‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭.‬

لكن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬ليس‭ ‬غريباً‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بإبادة‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬وامتد‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬بحلول‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

لقد‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬قصد،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬افتراض‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬للمضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬هدفها‭ ‬الرئيسي‭ ‬هو‭ ‬ضمان‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬واشنطن‭ ‬الإقليمية‭.‬

هل‭ ‬هو‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية؟

إن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬أذهلتها‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬الصدمة‭ ‬والرعب‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬حماس،‭ ‬تريد‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬المتزايد‭ ‬لدى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬نظراً‭ ‬لفشله‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مواطنيه‭ ‬وفي‭ ‬تفكيك‭ ‬حماس،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جلب‭ ‬إسرائيل‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭.‬

ماذا‭ ‬تعني‭ ‬عودة‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬حقاً‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الإهمال،‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬ومعاناة‭ ‬لشعب‭ ‬مستعمر؟‭ ‬هل‭ ‬سيترجم‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية؟

وهل‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬خيارا‭ ‬جديا‭ ‬أو‭ ‬قابلا‭ ‬للتطبيق،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المشروع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الراسخ‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وتفاقم‭ ‬التعصب‭ ‬والاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬الفاشية‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية؟

هل‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬النسخة‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تطمح‭ ‬إليها‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مستعدة‭ ‬لممارسة‭ ‬ضغوط‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل؟

إن‭ ‬الأجواء‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬وتصاعد‭ ‬الكراهية‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين،‭ ‬هي‭ ‬أمور‭ ‬محبطة‭ ‬للغاية‭. ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬تقدير‭ ‬مدى‭ ‬عمق‭ ‬الانقسام،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬أي‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬يوفر‭ ‬حتى‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭.‬

وحتى‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية،‭ ‬سيستمر‭ ‬الصراع‭ ‬الأوسع‭ ‬طالما‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬استعداد‭ ‬أقل‭ ‬لقبول‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬النظام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬صور‭ ‬هجوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬منفصل‭ ‬عن‭ ‬المظالم‭ ‬التاريخية‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬ألحقها‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬تعبئة‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تضليله‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬عقلية‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الصارخة‭ ‬المتجذرة‭ ‬في‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الصهيونية‭. ‬إن‭ ‬السياسات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الاستيطانية‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬إسرائيل‭ ‬تجرد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬إنسانيته،‭ ‬حيث‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬الثقافة‭ ‬والتاريخ‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تحقيق‭ ‬لوعد‭ ‬إلهي،‭ ‬أو‭ ‬ضرورة‭ ‬وطنية‭.‬

في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أصبحت‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬عنصرية‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬وغير‭ ‬حساسة‭ ‬أو‭ ‬آبهة‭ ‬بمعاناة‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب،‭ ‬صعّد‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬نضالهم‭ ‬ومقاومتهم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اضطرارهم‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬تضحيات‭ ‬جسيمة‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬والتحرير‭ ‬لن‭ ‬ينتهي‭ ‬أبدًا؛‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬يرفض‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬وطنهم،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬16‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬القاسي‭.‬

وحتى‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية،‭ ‬سيستمر‭ ‬الصراع‭ ‬الأوسع‭ ‬طالما‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حل‭ ‬عادل‭. ‬عندما‭ ‬تهدأ‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬من‭ ‬القتال،‭ ‬ستبدأ‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬ستكون‭ ‬صعبة‭ ‬وطويلة،‭ ‬وتشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬لأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدًا‭ ‬وسيطًا‭ ‬غير‭ ‬متحيز‭.‬

إذا‭ ‬نجحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬حماس‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فسوف‭ ‬تحتاج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬استبدال‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬بإدارة‭ ‬مستعدة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

لكن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬توقع‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشأن‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وسط‭ ‬صراع‭ ‬داخلي‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬حول‭ ‬الإصلاح‭ ‬القضائي‭ ‬المخطط‭ ‬له،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتفاقم‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬نتنياهو‭ ‬الذريع‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭. ‬ولن‭ ‬يأتي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬ضغوط‭ ‬داخلية‭ ‬متواصلة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والتقدمية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وضغوط‭ ‬دولية‭ ‬حقيقية‭.‬

سيخرج‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عانوا‭ ‬من‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬مروعة‭ ‬أخرى،‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬منذ‭ ‬نكبة‭ ‬عام‭ ‬1948‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فبفضل‭ ‬مقاومتهم‭ ‬وصمودهم‭ ‬سيكونون‭ ‬قد‭ ‬حققوا‭ ‬أيضاً‭ ‬مكاسب‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الدعم‭ ‬والتعاطف‭ ‬مع‭ ‬قضيتهم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬حكوماتها‭ ‬بشكل‭ ‬مخزي‭ ‬الدعم‭ ‬الكامل‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭. ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬تقويض‭ ‬مكانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر،‭ ‬وتم‭ ‬تدمير‭ ‬أكاذيبها‭ ‬وأساطيرها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

لقد‭ ‬نشأ‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬مسلح‭ ‬بوعي‭ ‬جديد‭ ‬ومعرفة‭ ‬بعدالة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وسوف‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬الشاب‭ ‬في‭ ‬استجواب‭ ‬حكوماته‭ ‬بشأن‭ ‬إخفاقاتها،‭ ‬وإمبرياليتها،‭ ‬وتواطؤها‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭.‬

ويشهد‭ ‬العالم‭ ‬موجة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬الشعبية‭ ‬البديلة،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العدالة‭ ‬والتحرير‭ ‬والمساواة‭. ‬وينظر‭ ‬القادة‭ ‬والناشطون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬العالمية‭ ‬الآخذة‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬إلى‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬باعتباره‭ ‬امتدادًا‭ ‬لمعاركهم‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬الداخل‭.‬

وسوف‭ ‬يجد‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬توحيد‭ ‬صفوفهم‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬معظم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يؤمنون‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬حيث‭ ‬أثبت‭ ‬النظام‭ ‬الصهيوني‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬نواياه‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والاستعمار‭ ‬الاستيطاني،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬فلسطين‭ ‬ستتحرر‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬البحر‮»‬‭ ‬سيصبح‭ ‬جزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الخطاب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وستفشل‭ ‬محاولات‭ ‬تجريمه‭.‬

وهذا‭ ‬ليس‭ ‬شعار‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬بل‭ ‬هدف‭ ‬نبيل‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬تحرير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬الغاشم،‭ ‬وتحرير‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬الصهيونية‭ ‬‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬واليهود‭ ‬بالعيش‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬كيان‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬المساواة‭.‬

وسوف‭ ‬يجد‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬توحيد‭ ‬صفوفهم‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬معظم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يؤمنون‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬حيث‭ ‬أثبت‭ ‬النظام‭ ‬الصهيوني‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬نواياه‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والاستعمار‭ ‬الاستيطاني‭.‬

{‭ ‬عوض‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬كاتب‭ ‬سياسي‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬لحزب‭ ‬التجمع‭. ‬وهو‭ ‬منسق‭ ‬حملة‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الواحدة‭ ‬ومقرها‭ ‬حيفا،‭ ‬والتي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2017‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا