الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
عودة الوعي العربي
من حسنات الأحداث في غزة أنها حركت مشاعر إنسانية لدى جمهور عريض ممن كان منخدعا بالنهج الغربي في العدالة والمساواة والحقوق، بعد أن تبين للجميع أن ذلك النهج بمقوماته ومعاييره، إنما تم تفصيله على الجميع، ما عدا إسرائيل، لأنها فوق القانون.. لذلك ترى الكثير من المشاهير في العديد من المجالات قد أعلنوا تعاطفهم وتأييدهم ودعمهم مع الشعب الفلسطيني.
ومن حسنات الأحداث في غزة أن قيادات مجتمعية ذات آيديولوجيات فكرية وثقافية غير إسلامية كانت تؤيد التطبيع، وتدافع عنه، من منطلق الموقف الشعبي، قد أعلنت اعتذارها عن موقفها السابق، وأكد وقوفها مع شعب غزة والفلسطينيين.
وبالأمس نشرت «أخبار الخليج» مقالا للسياسي المصري «أسامة الغزالي حرب» يعلن فيه اعتذاره عن موقفه الذي اتخذه، كواحد من مثقفي مصر والعالم العربي، إزاء الصراع العربي الإسرائيلي، قائلا: إنني اليوم وقد تابعت بغضب وسخط وألم، ما حدث ولا يزال يحدث من جرائم وفظائع في غزة، يندى لها جبين الإنسانية.. أعتذر لشهداء غزة، ولكل طفل وامرأة ورجل فلسطيني.. إني أعتذر.
ومنذ أيام نشر الأستاذ عبدالعزيز الشعبان الذي يعد من قادة الفكر الليبرالي الشباب في الخليج العربي، بعد أن اكتشف أكذوبة الحقوق والحريات الغربية، وزيف هذه الأفكار، حيث كتب بعنوان (ماذا تعلمت من غزة؟)، حيث قال:
المجتمع الدولي كذبة، المعاهدات كذبة، قوانين حماية المرأة والطفل كذبة، جميع الشعارات والمبادئ التي أُرغِمنا على حفظها وتجرعها كذبة، فبعد الدمار والإبادة الجماعية التي يتعرض لها إخواننا في غزة، أيقنت أن الإنسان العربي والمسلم بشر من الدرجة الثانية.. فدمهم أرخص من التراب، وأن السلاح والمال هو الفيصل في تحديد المجريات، ولا عزاء للعدالة والسلام.. فحقوق الإنسان للإنسان الأبيض الأشقر الافرنجي فقط، وما سواه هُم حيوانات بشرية كما صرّح وزير دفاع الكيان الصهيوني بوصفه الفلسطينيين.
لقد تعلمت أن جيش الكيان ومخابرات الموساد أسطورة تمت هزيمتها ودحضها.. تعلمت أنه لا عزة ولا اعتزاز إلا بثقافتنا وهويتنا.. فالغرب أصبح ينسلخ من كل قيمة أخلاقية وثقافية، وأصبح يتعبد بسفك الدم، وباتت ثقافته المادية محصورة ما بين نشوة الخمور والمخدرات، ونصرة الشذوذ وتغيير جنس الأطفال.. فقد تخطت أوروبا وأمريكا كل حدود العقلانية، وأصبحت تتراقص حول الملذات والنفعية ولو كانت خارجة عن المنطق والعرف الإنساني.
تعلمت أنك إذا أردت نصرة الانسان الفلسطيني وفق حرية الرأي والتعبير فسيتم اضطهادك ونبذك، وربما طردك من العمل بتهمة معاداة السامية.. وتعلمت أن المقاطعة للمنتجات التي تدعم الكيان الصهيوني شكَّلت لنا وعياً جديداً حول كيفية خلق اكتفاء ذاتي، يعتمد على صناعتنا المحلية، التي تعزز التجارة الداخلية والسوق المحلي.
تعلمت أنه حينما تدق ساعة الصفر سينزع الغرب نفاقه الإنساني، وسيصبح متحدثاً باسم العنصرية والاستعلاء على بقية البشر، والرعاة الأوائل للبربرية والإرهاب.. فاسألوا أهل فيتنام والهنود الحمر والعراق وغيرهم ماذا فعل بهم الأمريكان؟ واسألوا إفريقيا والجزائر ماذا فعلت بهما فرنسا؟ وماذا انتهكت بريطانيا في كينيا؟ فهل هؤلاء حقاً يريدون السلام والإنسانية؟ أم يستخدمون تلك الشعارات لغاياتهم الخبيثة؟ فما يحدث اليوم في غزة والقضية الفلسطينية قد ظهرت نتائجه الأولية شيئاً فشيئاً عبر إعادة تشكيل الوعي البشري من جديد، إذ تم تفنيد «حدوتة» إنسانية الغرب ومبادئه المزيفة وقوانينه الدولية الشكلية اليوم، وسيتوالى سقوط أسطورة الدومينو الصهيونية والغربية غداً وبعد غد، بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك