الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
خريجو الحقوق.. والحزمة الجديدة
مازلت أذكر ما قاله لي أحد رجال الأعمال: «إن الطبقة الوسطى في مجتمعنا، لم تولد وفي فمها ملعقة ذهبية، ولم يترك لهم آباؤهم ميراثا من أموال أو أطيان، ولا يوجد لديهم أي مجال للاستثمار، سوى الاستثمار في تعليم أبنائهم، حتى لو اضطروا إلى اللجوء إلى الاستدانة والقروض من أجل تعليم الأبناء.. ولكن المشكلة الأكبر بعد ذلك، حينما تتعطل نتائج هذا الاستثمار، ويجد الشاب نفسه عاطلا عن العمل».
واليوم ومع التحرك المحمود الذي يقوم به «تمكين» لحث المؤسسات الكبرى والقطاع الخاص على الاستفادة القصوى من الحزمة الجديدة.. ثمة مسألة غاية في الأهمية يجب أن تكون ضمن تحركات «تمكين»، وهي كيفية استثمار الحزمة في توفير فرص العمل والتدريب لخريجي التخصصات الأكثر «بطالة» في البلاد، خاصة مجال الحقوق ومجال إدارة الأعمال.
ذلك أن تجربة عمل الشباب من خريجي الحقوق في مكاتب المحاماة، لم تحقق الهدف المنشود، على الرغم من كل المزايا المشجعة، وقد تحول بعضهم إلى مجرد سكرتارية أو «طبّاع»، أو مخلص معاملات عند تلك المكاتب، دون أي استفادة من سنوات الدراسة ولا الخبرة.. ولكن الشاب البحريني يبحث عن أي فرصة عمل، توفر له موردا ماليا، تعينه وتعين أسرته ووالديه، الذين صرفوا عليه الأموال من «دم قلبهم» لأجل الدراسة.
أعرف أحد خريجي الحقوق يعمل حاليا في «قطع التذاكر عند المنافذ»، وخريجة إدارة أعمال اضطرت للعمل في بيع «الكرك»، وأخرى وجدت نفسها في محل «بوتيك»، فيما الأكثرية عاطلون عن العمل.. صحيح أن العمل ليس عيبا، ولكن من حق الشاب أن يجد وظيفة مناسبة.
الحزمة الجديدة في «تمكين» ومع تحركاتها لتحقيق أهدافها في زيادة الرواتب والتطوير والتدريب، يجب ألا يغيب عنها «تحريك» قوائم الباحثين عن العمل، وقوائم الانتظار.. صحيح أن لدينا باحثين عن العمل وقوائم طويلة من الشباب البحريني، في مجالات عديدة كالطب والخدمة الاجتماعية، والتربية والشريعة، وحتى العلوم السياسية والإعلام، إلا أن الغالبية من خريجي الحقوق وإدارة الأعمال، تائهون لا يعرفون أي مجال سوف يلتقطهم ويحتضنهم، ويوفر لهم فرصة العمل والمستقبل.
ربما هي المرحلة الأولى من الحزمة الجديدة لتمكين، في التوجه إلى تحقيق أهداف الفئات الثلاث، ولكن من المهم أن يكون هناك مسار آخر موازٍ لمسار تشجيع الشركات الكبرى للانضمام إلى الحزمة، وهو مسار توظيف الشباب البحريني، وخاصة في المجالات الأكثر «بطالة».
كما أتمنى من «تمكين» أن يفتح قناة للتواصل مع الجامعات الوطنية، وخاصة جامعة البحرين، للاطلاع على نسبة التوظيف من الخريجين، بعدما كشف تقرير ديوان الرقابة أن نسبة التوظيف لخريجي جامعة البحرين في غير تخصصاتهم، أو الذين من دون وظائف كبيرة جدا، الأمر الذي يستوجب إعادة هندسة مسار التخصصات الجامعية، وحاجات سوق العمل.
اليد الواحدة لا تصفق.. ولن تنجز وتنتج.. و«تمكين» وحدها لن تتمكن من تحقيق أهداف الحزمة الجديدة بفعالية.. ولا بد من «تنشيط» مبادئ وقيم المسؤولية المجتمعية مع كل مؤسسات القطاع الخاص، وإن كان «إلزاميا».. مع البدء بتنفيذ استراتيجية «الإحلال الوطني» في القطاع العام، نظرا إلى وجود قرابة (7 آلاف وظيفة) يعمل فيها الأجانب، داخل المؤسسات الحكومية.. مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، ولا يوجد مستحيل أمام الإرادة الوطنية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك