العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحسابات التي تحكم قضية «الأسرى الإسرائيليين»

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

السبت ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لعل‭ ‬المهمة‭ ‬الأكثر‭ ‬إلحاحا‭ ‬أمام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الآن‭ ‬هي‭ ‬إعادة‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لدى‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬فيما‭ ‬يطالب‭ ‬أهاليهم‭ ‬بسرعة‭ ‬وأولوية‭ ‬إعادتهم،‭ ‬محملين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬المسؤولية‭ ‬الأولى،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتواصل‭ ‬فيه‭ ‬المظاهرات‭ ‬المطالبة‭ ‬بالإفراج‭ ‬عنهم‭. ‬بالمقابل،‭ ‬تستمر‭ ‬جهود‭ ‬عربية‭ ‬وغربية‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬ما‭ ‬للإفراج‭ ‬عن‭ ‬المدنيين‭ ‬الإسرائيليين‭ (‬وليس‭ ‬العسكريين‭) ‬كبادرة‭ ‬حسن‭ ‬نية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تداعيات‭ ‬الهزيمة،‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬أول‭ ‬‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬تدرس‭ ‬الدفع‭ ‬الحثيث‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭ ‬لتبادل‭ ‬الأسرى،‭ ‬وسط‭ ‬استعداد‭ ‬جديد،‭ ‬‮«‬مبدئي‭ ‬مفترض‮»‬،‭ ‬للإفراج‭ ‬عن‭ ‬أسرى‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭.‬

فقد‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬أن‭ ‬‮«‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬ستدرس‮»‬‭ ‬كل‭ ‬الخيارات‭ ‬‮«‬لتحرير‭ (‬الرهائن‭) ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وستستخدم‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬لتحقيق‭ ‬عودتهم‮»‬‭.‬

أما‭ ‬الحديث‭ ‬بأن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬متمسك‭ ‬‮«‬بمبدأ‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬إرهابية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬وأعلن‭ ‬الوزير‭ (‬ميكي‭ ‬زوهر‭)‬،‭ ‬حول‭ ‬تبادل‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال‭ ‬إسرائيليين‭ ‬مقابل‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال‭ ‬فلسطينيين‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال،‭ ‬فهو‭ ‬كلام‭ ‬قديم‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬له،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬المبدأ‮»‬‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تعرض‭ ‬للخرق‭ ‬بضع‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬حين‭ ‬وافق‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬أسير‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقابل‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬الجندي‭ (‬جلعاد‭ ‬شاليط‭).‬

في‭ ‬بداية‭ ‬المواجهة،‭ ‬تعالت‭ ‬أصوات‭ ‬من‭ ‬صفوف‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬سلم‭ ‬أولوياتها،‭ ‬وبأن‭ ‬الأسرى‭ ‬هم‭ ‬‮«‬ضحايا‭ ‬جانبية‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬الحروب‭! ‬ولعل‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬صراحة‭ ‬سفير‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬جلعاد‭ ‬أردان‭): ‬‮«‬الحرص‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬الأسرى‭ ‬لن‭ ‬يمنعنا‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬لضمان‭ ‬مستقبل‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

كذلك،‭ ‬قال‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬ديوان‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ (‬يوسي‭ ‬شلي‭) ‬إن‭ ‬‮«‬الأسرى‭ ‬هم‭ ‬بمثابة‭ ‬حقيقة‭. ‬والغارات‭ ‬هي‭ ‬حقيقة‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬القرار‮»‬‭. ‬أما‭ ‬الوزير‭ (‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭) ‬فقد‭ ‬دعا‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬للحكومة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ضرب‭ ‬حماس‭ ‬بقسوة‭ ‬وعدم‭ ‬أخذ‭ ‬مسألة‭ ‬الأسرى‭ ‬كأحد‭ ‬الاعتبارات‭ ‬المهمة‮»‬‭.‬

هؤلاء‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬أول‭ ‬‭ ‬أكتوبر‭ ‬ومحاولة‭ ‬اقتلاع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬الوجود‭!! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لخصه‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأسبق‭ (‬مئير‭ ‬بن‭ ‬شباط‭) ‬ورئيس‭ ‬معهد‭ ‬مسغاف‭ ‬حيث‭ ‬قال،‭ ‬مهملا‭ ‬موضوع‭ ‬الأسرى‭ ‬الصهاينة‭: ‬‮«‬الثمن‭ ‬الرهيب‭ ‬الذي‭ ‬دفعناه‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬جذري‭ ‬للواقع‭: ‬لا‭ ‬حكم‭ ‬حماس‭ ‬ولا‭ ‬قدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬تهددنا‭!‬‮»‬‭.‬

بالمقابل،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬قتلتهم‭ ‬الغارات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬المظاهرات‭/ ‬المؤتمرات‭ ‬الصحفية‭ ‬لأهالي‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ووضوح‭ ‬مطالبهم‭ ‬التي‭ ‬تتلخص‭ ‬بمطلب‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬الأسرى،‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬في‭ ‬الجانبين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والإسرائيلي،‭ ‬بل‭ ‬وقبل‭ ‬المضي‭ ‬بعيدا‭ ‬في‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬البرية‮»‬،‭ ‬تغير‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬تغيرا‭ ‬جذريا‭.‬

فقد‭ ‬حل‭ ‬‮«‬الاستعداد‭ ‬لدفع‭ ‬ثمن‭ ‬للإفراج‮»‬‭ ‬بديلا‭ ‬لموقف‭ ‬الرفض‭ ‬التام‭ ‬السابق،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬نزول‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عن‭ ‬الشجرة‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬صعدت‭ ‬عليها‭.‬

وقد‭ ‬نجم‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬صمود‭ ‬موقف‭ ‬المقاومة‭ ‬المعلن‭ ‬على‭ ‬لساني‭ ‬القائد‭ ‬يحيى‭ ‬السنوار‭ ‬وأبو‭ ‬عبيدة‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬المقاومة‭. ‬ومنذئذ،‭ ‬بات‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬المعضلة‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬‮«‬صراع‭ ‬إرادات‮»‬‭ ‬تتوالى‭ ‬تحت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طاولة‭ ‬وبجهود‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬وسيط‭. ‬وهي،‭ ‬طبعا،‭ ‬عملية‭ ‬مرتبطة‭ ‬ارتباطا‭ ‬عضويا‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬قتال‭ ‬ومحاولات‭ ‬‮«‬كسر‭ ‬العظام‮»‬‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬مفاعيل‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‮»‬‭ ‬تزداد‭ ‬يوميا،‭ ‬مقرونة‭ ‬بمطالبات‭ ‬صريحة‭ ‬باستقالة‭ ‬ومحاسبة‭ (‬نتنياهو‭). ‬وحقا،‭ ‬وبعد‭ ‬إنجاز‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬يؤكد‭ ‬المراقبون‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬وخارجها،‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬الإنجاز‮»‬‭ (‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬منه‭ ‬مسألة‭ ‬‮«‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‮»‬‭) ‬قد‭ ‬وضع‭ ‬بداية‭ ‬النهاية‭ ‬لمستقبل‭ (‬نتنياهو‭) ‬السياسي‭ ‬متواكبا‭ ‬‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬‭ ‬مع‭ ‬احتمالية‭ ‬سجنه‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬موبقاته،‭ ‬الشخصية‭ ‬والسياسية،‭ ‬المتراكمة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا