القاهرة - الوكالات: كان يفترض بـ«قمة السلام» التي عقدت السبت في مصر أن تكون خطوةً نحو إيجاد حلّ للحرب بين حركة حماس وإسرائيل، الا أن نتائجها كشفت بشكل أساسي «خطوط الصدع» القائمة بين العرب والغرب حول القضية الفلسطينية.
وكما جرت العادة في اجتماعات مماثلة حيث تقاس كلّ كلمة بعناية، كان ينبغي أن يصدر بيان ختامي عن القمة التي دعا إليها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وعلى الرغم من تشاطر المجتمعين الدعوة الى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل، لم يتمكن ممثلو الدول العربية والغربية من الاتفاق حول نصّ مشترك.
وقال مسؤول من دولة عربية كان مشاركاً في القمة لوكالة فرانس برس إن الخلاف تمحور حول «إدانة إسرائيل التي ترفضها الدول الغربية، وتصرّ كذلك على إدانة حماس».
وتشن إسرائيل قصفا مركزا متواصلا على قطاع غزة وحشدت عشرات الآلاف من جنودها على السياج الفاصل استعدادا لعملية برية بعد عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها حماس في السابع من أكتوبر.
وخلال قمّة القاهرة للسلام «منعت خلافات بارزة بين المشاركين، اعتماد بيان ختامي»، كما قال دبلوماسي أوروبي لفرانس برس. وطالب الغربيون وفق دبلوماسيين عرب، كذلك بـ«الدعوة لإطلاق سراح الرهائن»، وهم نحو 200 شخص تحتجزهم حماس.
وفي وقت تجري دول عدة على رأسها قطر مفاوضات مع حماس لإطلاق سراح هؤلاء، فإنّ إدانة مكتوبة مع دول دعمت «حقّ اسرائيل في الدفاع عن النفس»، ستتسبب بإحراج الدول المفاوِضة، وفق مراقبين.
ورفضت الدول العربية أن تدرج تلك النقاط في البيان الختامي.
وانتهت القمّة ببيان مصري وافقت عليه الدول العربية، بحسب ما أفاد دبلوماسيون عرب فرانس برس.
وجاء في البيان إن «المشهد الدولي عبر العقود الماضية اكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى من الاحتلال الأجنبي».
يشكّل ذلك لبّ المشكلة. ويرى كريم بيطار الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن القمّة «انعكاس مثالي لمدى عمق خطوط الصدع بين الغرب والعالم العربي، وأبعد من ذلك، مع جنوب الكرة الأرضية، ما يعطي انطباعاً بأنّ الأمور تتجه في بعض الأحيان إلى ما يشبه حوار طرشان».
ويشدد على أن «استمرارية القضية الفلسطينية» لا تزال أمرا واقعا.
وحضرت هذه القضية في خطاب العديد من القادة العرب خلال الأيام الماضية، تزامنا مع نزول عشرات الآلاف الى الشوارع لإبداء دعمهم للفلسطينيين.
ومنذ بداية الحرب، ندّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بـ«إبادة» يقوم بها «الاحتلال الصهيوني» ضدّ الشعب الفلسطيني.
ويشرح كريم بيطار «حاول كثر تجاهل هذه القضية على مدى عقدين» والتأكيد أن هذا الصراع «بات نزاعاً ثانوياً، محدود الأهمية، ويمكننا طمر المسألة الفلسطينية -الاسرائيلية عبر اتفاق اقتصادي ضخم بين الخليج واسرائيل». ويتابع «اتضح أن كل ذلك كان وهماً».
وكانت مصر المضيفة لـ«قمة السلام» أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع اسرائيل في عام 1979. وحذّر الرئيس المصري مؤخراً من «أن يتلاشى بين أيدينا السلام الذي حققناه».
ورفع نبرة التحذير كذلك العاهل الأردني عبدالله الثاني الذي أبرم والده حسين سلاماً مع اسرائيل عام 1994، وتأوي بلاده مليوني لاجئ فلسطيني. وقال من القاهرة باللغة الانجليزية «العالم العربي يسمع ذلك جيداً: حياة الفلسطينيين تساوي أقلّ من حياة الإسرائيليين».
مع هذه القمة، عادت القضية الفلسطينية الى صدارة الأجندات الدبلوماسية العالمية.
وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إنه ينبغي الآن «العمل على إعادة وضع القضية الفلسطينية في صلب الاهتمامات».
وتحدّثت عن «موعد بعد ستة أشهر» من أجل «قمة» جديدة «للسلام».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك